يشهدالملف الفلسطيني حراكًا دبلوماسيًا في أروقة الأممالمتحدة خلال الفترة الراهنة على خلفية التوجه بمشروع قرار لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عام 2017، وهو أمر يؤيده عدد من الدول الأوربية التي ترى ضرورة أن يكون لفلسطين دولة وتتمتع أراضيلها بكامل السيادة، ودول أخرى حليفة للصهيونية في مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية الذين يرفضون أي قرار يعتبرونه أحادي الجانب، ويؤيدون المفاوضات التي لم تحرز أي تقدم على مر السنوات الماضية. ينص مشروع القرار على ضرورة أن يستند أي حل يتم التوصل إليه من خلال التفاوض إلى عدة عوامل، منها الالتزام بحدود 1967 والاتفاقات الأمنية والقدس كعاصمة مشتركة للدولتين، كما يدعو النص الجانبين إلى التوقف عن أي إجراءات أحادية وغير قانونية بما في ذلك الأنشطة الاستيطانية التي تنفذها سلطات الاحتلال. يأتي مشروع القرار الفلسطيني أمام مجلس الأمن، في وقت تلقى فيه القضية الفلسطينية تأييدا أوروبيا كبيرا، حيث اعترفت العديد من برلمانات الدول الأوروبية مؤخرا بفلسطين، لكن اعتماد مشروع القرار يتطلب موافقة 9 دول أعضاء بمجلس الأمن من بين 15 دولة، ورغم التفاؤل العربي والفلسطيني، من المتوقع أن تقف الولاياتالمتحدةالأمريكية، الحليف الإستراتيجي لإسرائيل كعادتها أمام القضية الفلسطينية بعدما اتخذت 40 فيتو لصالح إسرائيل في أروقة الأممالمتحدة خلال السنوات الماضية. الموقف الأمريكي اتضح على لسان المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية "جنيفر بساكي" التي قالت "اطلعنا على مسودة المشروع المقدم إلى مجلس الأمن وهو شيء لا ندعمه"، مضيفة أن بلادها لا تؤيد حلاً غير قائم على المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين". الجانب الفلسطيني يرى أنه ليس هناك مشكلة في الحصول على دعم تسع دول لمشروع القرار بمجلس الأمن، لكن المشكلة فقط في الموقف الأمريكي، لذا قد تتجه القيادة الفلسطينية حال اعترضت أمريكا على مشروع القرار بحق الفيتو إلى الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية. هناك 6 دول أعضاء في مجلس الأمن حتى الآن تؤيد مشروع القرار؛ وهي الأردن وروسيا والصين وتشاد ونيجيريا والأرجنتين، في ما تعارضه الولاياتالمتحدة ولتوانيا، وكوريا الجنوبية ورواندا، وأستراليا، ويبقى موقف لوكسمبورغ، وفرنسا وبريطانيا وشيلي غير واضح بانتظار نتائج المفاوضات، ولكن قد تعمد القيادة الفلسطينية بحسب متابعين للمشاورات الدبلوماسية بالأممالمتحدة، إلى تأجيل التصويت برمته إلى يناير المقبل حال عدم التوافق مع الأوروبيين، خاصة وأن هناك تغيير في تركيبة مجلس الأمن مطلع العام المقبل، بحيث تدخل إليه كل من ماليزيا وفنزويلا وإسبانيا وأنجولا ونيوزيلندا، بدلا من رواندا وأستراليا ولكسمبورغ وكوريا الجنوبية والأرجنتين، وهو ما يعزز حظوظ الفلسطينيين في التصويت على القرار بمجلس الأمن. من جانبه؛ قال القيادي في حركة فتح "ايمن الرقب" إن هذا المشروع الفلسطيني المقدم تحول إلى مشروع عربي بعد أن تم مشاورته مع جميع الدول العربية والتوافق عليه، مؤكدًا على ضرورة وضع حد للمفاوضات القائمة منذ 21 عامًا والتي لم تحرز أي تقدم في حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المهدرة. وأضاف "الرقب" في تصريحات خاصة للبديل أن هناك تعديلات قامت بها القيادة الفلسطينية على الورقة الأصلية لضمان موافقة 6 دول على المشروع الفلسطيني، مؤكدًا أن فرنسا وألمانيا وبريطانيا لا يزالوا مترديين بشان الموافقة على المشروع، مؤكدًا أن هناك رغبة فرنسية ألمانية بتبديل جملة انهاء الاحتلال بعد عام 2017 واستبدالها بجملة إنهاء المفاوضات، موضحا أن القيادة الفلسطينية ستتجه إلى التوقيع على جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية بالأممالمتحدة حال استخدام واشنطن لحق الفيتو. وفي السياق ذاته، قال الدكتور "جهاد الحرازين" عضو الهيئة المركزية بحركة فتح إن المشروع جاء بعد دراسة وموافقة واجماع عربي حصل عليه المشروع الفلسطيني في اجتماع المجلس الوزاري العربي لوزراء الخارجية نهاية شهر نوفمبر الماضي، مضيفا أنه تم تشكيل لجنة عربية للتفاوض مع بعض الدول الأوروبية والولاياتالمتحدةالأمريكية بخصوص هذا المشروع، مؤكدا أن هذا المشروع العربي يطالب بالحق الفلسطيني للوصول إلى قرار إنهاء الاحتلال خلال فترة زمنية محددة، كانت بالمراحل الأولى تنادي لانهاء الاحتلال في موعد اقصاه نوفمبر عام 2016، لكن المشاورات التي جرت أدت إلى أن يقدم المشروع بصيغة تطالب بالتفاوض خلال عام على أن يتوصل الجانبان لاتفاق نهائي ينفذ خلال عامين أي بحلول نهاية عام 2017. وعن فرص نجاح المشوع، أكد "الحرازين" في تصريحات ل"البديل" أن القيادة الفلسطينية بقيادة الرئيس "محمود عباس" تواصل بذل الجهود والمساعي حتى لا يتم الاصطدام بالفيتو الأمريكي، وفي ما يخص التغيرات التي ستحدث في تركيبة مجلس الأمن أوائل العام المقبل؛ قال إن مجموعة الدول التي ستدخل في إطار العضوية الدورية لمجلس الأمن ستعزز من فرص دعم المشروع، ولكن ستبقى معضلة الفيتو الأمريكي قائمة، لذا تحاول القيادة الفلسطينية الوصول إلى حالة من التوافق الدولي حول القضية الفلسطينية.