«النديم»: الحبس الاحتياطي تحول من تدبير احترازي إلي عقوبة تواجه الشباب «حقوق الطفل»: احتجاز الأطفال في معسكر الأمن المركز انتهاك لآدميتهم «القومى للطفولة والأمومة» لا يعلم عن كارثة احتجاز 600 طفل شيئًا كشفت صحيفة «تايمز» البريطانية يوم الجمعة الماضى النقاب عن إيداع السلطات المصرية نحو 600 طفل في سجن تحت الأرض ملحق بمعسكر للأمن المركزي بالقرب من القاهرة، واصفة الأمر بأنه سيؤدي إلى المزيد من التدمير في سمعة السلطات المصرية في مجال حقوق الإنسان. وقالت الصحيفة إن الأطفال المعتقلين من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 14 إلى 17 عاما، ومحتجزين منذ شهور في مدينة بنها التي تبعد 25 ميلا شمال القاهرة في معسكر تديره قوات الأمن المركزي، وهو الفرع شبه النظامي التابع للشرطة المصرية والمسئول عن التعامل مع أعمال الشغب. وأوضحت الصحيفة أن الأطفال المراهقين، يتم التحقيق معهم بزعم انتمائهم لجماعات إرهابية، وإغلاق الطرق، والهجوم على ضباط الشرطة، ويتم حبسهم في زنازين باردة تحت الأرض، الأمر الذى أعلن عنه مسبقا مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف. لم يقلق الرقم المجتمع أو الإعلام المحلى للدولة، بل تناقلته «التايمز» البريطانية كأبرز الصحف العالمية الشهيرة، ورصدت «البديل» حقيقة الرقم ومدى مخالفته لقانون حماية الطفل والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التى وقعت عليها مصر منذ التسعينيات. يقول حليم حنيش، المحامي بمركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف، إن الرقم الذي أعلن عنه ونقلته التايمز البريطانية عن احتجاز 600 طفل في معسكرات الأمن المركزي علي ذمة قضايا، تعرف عليه من خلال رصد شكاوي الأهالي في وقائع مختلفة عن القبض علي أطفالهم، متابعا أن مركز النديم استقبل 21 أسرة لديها أطفال محتجزين في معسكر الأمن المركزي ببنها، واستمع إلي شكواهم الخاصة باحتجاز الاطفال احتياطا منذ ما يزيد عن 8 أشهر دون صدور حكم قضائي ضدهم. وأضاف "حنيش" أن الأهالي يعانون من عدم السماح لهم بزيارة أطفالهم في المعسكر، فضلا عن حرمان المحامين أيضا من حضور جلسات تجديد الحبس لهم، بالإضافة إلي تأجيل نقلهم للجلسات في أماكن خارج المعسكر أي للمحاكم، بحجة "تعذر النقل" التي تتحجج بها وزارة الداخلية. وأوضح أن أغلب الأطفال المحتجزين احتياطيا، تم القبض عليهم في مظاهرات ومسيرات بعد فض اعتصام رابعة العدوية، وتتراوح أعمارهم ما بين "14 : 17 عاما" ذكور، وأغلبهم من مناطق سكنية تابعة لمحافظة القليوبيةوشبرا الخيمة، وتنحصر الاتهامات في المشاركة في مظاهرات دون الحصول علي تصريح وقطع الطرق، والتحريض علي قلب نظام الحكم، والانتماء إلي جماعة إرهابية محظورة بالقانون وغيرها. وعن أماكن الاحتجاز، أكد محامي مركز النديم أنها غير آدمية، حيث تقع فى بدروم المعسكر، وتتصف بالرطوبة الشديدة، ما يشكل ظروفا غير صحية للإقامة بها، لافتا إلى أن عملية الاحتجاز تخالف معظم الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر فيما يتعلق بحقوق الطفل، والتي أقرت أن الطفل حتي 18 عاما، له دور رعاية مخصصة للاحتجازهم، والذى أقره قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008. وأشار "حنيش" إلى أنه تقدم بطلب إلي النائب العام موكلا عن 21 أسرة، للتعرف علي أسباب منع الأهالي من زيارة أطفالهم، وما إذا كانت النيابة أصدرت قرارا بالمنع من عدمه، بالإضافة إلي أنه سيتوجه اليوم الثلاثاء، إلي نيابة أمن الدولة العليا؛ للحصول علي تصريح زيارة رسمي لأهالي الأطفال. وعن الموقف القانوني، أدان "حنيش" القرارات التعسفية التي تواجه الأطفال المحتجزين، قائلا إن الحبس الاحتياطي تحول من تدبير احترازي إلي عقوبة تواجه الشباب المصري بشكل عام ولم يسلم منها الأطفال أيضا، مؤكدا أنه لا يوجد دولة فى العالم تحارب شبابها مثلما تفعل مصر، حيث بلغ عدد الطلاب المحبوسين داخل السجون المصرية من 5 إلي 7 آلاف طالب. وأكد أن 90% من المحبوسين احتياطا، امتد حجزهم لأكثر من عام، وهو ما يشكل تعذيبا نفسيا عليهم، فالحبس الاحتياطي يعد جريمة تعذيب معنوي ونفسي، موضحا أن ظاهرة الحبس الاحتياطي، تؤكد أن أغلب القضايا ملفقة ومحاضرها غير سليمة قانونيا، فإجراءات القبض والتفتيش والأحراز والمحاضر غير سليمة علي الإطلاق وتخالف القانون، ومن ثم القضاة لا يمتلكون أي أدلة ضد الشباب لإدانتهم أو إصدار حكم قضائي صريح تجاههم. من جانبه، قال هاني هلال، الأمين العام للائتلاف المصري لحقوق الطفل، إن الائتلاف بدأ منذ شهور في إجراء حصر للأطفال المحتجزين علي سبيل الحبس الاحتياطي فى محافظاتالقاهرةوالجيزةوالإسكندرية حسب شبكة المحامين العاملين بجمعيات الائتلاف، مؤكدا أن الحصر الشامل والدقيق، لدي وزارة الداخلية. وتابع "هلال" أن الائتلاف رصد عبر محاميه وجود 10 حالات لأطفال محتجزين بمعسكر الأمن المركز ببنها، فضلا عن أماكن احتجاز أخري كالأقسام وهي غير مخصصة لاحتجاز الأطفال كما ينص القانون، مضيفا: «علي مستوي محافظة القاهرة، يوجد في قسم أول مدينة نصر حالتان، وقسم عين شمس حالتان، وفي محافظة الجيزة، يوجد بقسم الطالبية 3 حالات، وقسم الهرم حالتان، قسم العمرانية حالتان، أما في محافظة الإسكندرية، يوجد 20 طفلا بأقسام متفرقة بكرموز، ومحرم بك، وقسم المنتزه أول، فضلا عن وجود حالات بمديرية أمن الإسكندرية». واستطرد أن أغلب الأطفال أعمارهم تتراوح ما بين 14 حتى 17 سنة، وأصغر حالة لطفل عمره 14 سنة محتجز في معسكر الأمن المركزي ببنها، وأن أغلب المقبوض عليهم من الأطفال، كان علي خلفيات مسيرات في حلوان والمعادي و6 أكتوبر والهرم بعد أحداث فض اعتصامى رابعة والنهضة، والحكم علي براءة مبارك وغيرها. وأردف الأمين العام للائتلاف أن مجرد احتجاز طفل واحد في معسكر للأمن المركز أو مكان احتجاز غير مخصص للأطفال، يمثل انتهاكا جسيما لحقوق الطفولة في مصر، فقانون الطفل رقم 126 لسنة 2008، كان واضحا فيما يتعلق باحتجاز الأطفال في أماكن مخصصة بعيدا عن البالغين، فلا يجب تكرار الجريمة التي وقعت في حق أطفال باحتجازهم في معسكر الأمن المركزي علي طريق مصر الإسكندرية الصحراوي، ومعسكر الجبل الأصفر، فضلا عن خطورة احتجاز الأطفال في أقسام الشرطة مع متهمين جنائيين، الأمر الذى يعرض حياتهم ومستقبلهم للخطر. وطالب "هلال" بوقف التعامل مع الأطفال المتهمين في قضايا سياسية علي أنهم جناة أو مجرمين خارجين على القانون، ويتم التعامل معهم علي أنهم مستغلين في الأحداث السياسية، وعلي الدولة توفير الحماية لهم وليس معاقبتهم، كما طالب أيضا بإنهاء أزمة كل الأطفال التى لها نزاع مع القانون سواء في أحداث سياسية أو جنائية، وأن يتم إيداعهم في أماكن خاصة ومهيئة للأطفال، وبشكل عام، يتم إيداع جميع المدنيين المحتجزين علي سبيل الحبس الاحتياطي في أماكن آمنة وسليمة، مؤكدا أن جمعيات الائتلاف سوف تنعقد الأسبوع المقبل؛ لمناقشة كيفية التعاون مع الحكومة كمنظمات مجتمع مدني لتنفيذ توصيات المراجعة الدورية الشاملة للمجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال انعقاده في نوفمبر الماضي، والتي ركزت علي أهمية اتخاذ مصر الإجراءات اللازمة التي تتضمن عدم احتجاز الأطفال في أماكن مع بالغين. من جانبها، قالت الدكتورة عزة العشماوى، الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة، إنها لاتعلم شيئا على هذه الأرقام الخاصة باحتجاز الأطفال فى معسكرات الأمن المركزى، ويلزمها أن ترسل لجانا بالتعاون مع قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية للكشف عن حقيقة ذلك. توجهت «البديل» إلى أهالي الأطفال المحتجزين بمعسكر بنها، يقول إبراهيم محمد، والد الطفل "أكرم"أصغر محتجز في معسكر الأمن المركزي ببنها بالصف الثالث الإعدادى، إنه تم إلقاء القبض علي نجله قبل عيد الأضحي بأيام قليلة، بعدما كان يجهز ملابس العيد ليحتفل مع أصدقائه، لكن قوات الشرطة داهمت المنزل في الثالثة فجرا، وكأنهم يبحثون عن مجرم عتيد في الإجرام. وأضاف والد "أكرم" أكرم" أن نجله تم ترحيله إلي معسكر الأمن المركزي ببنها من قسم شرطة أول شبرا الخيمة، مشيرا إلى أنه لم يتمكن من رؤية ابنه سوي مرات قليلة منذ احتجازه علي سبيل الحبس الاحتياطي، وذلك أثناء نقله من المعسكر إلي سجن بنها لتجديد حبسه. من جانبها، قالت أم نضال، المحتجز منذ 15 أغسطس 2014 من منطقة أبو زعبل بمحافظة القليوبية، إن ابنها عمره 17 سنة في الصف الثاني الثانوي العام، محجوز في معسكر الأمن المركزي ببنها ومعه 102 شخص آخرين بالغين، ولا تعرف ما إذا كانوا جنائيين أم سياسيين. ولفتت إلى أن ابنها موجه إليه اتهامات الانضمام لجماعة محظورة، والمشاركة في مظاهرات دون تصريح، والاشتراك في أعمال شغب وقطع طريق، مشيرة إلى أن الأحراز التى تدين "نضال" هي تي شيرت مكتوب عليه ألتراس نهضاوي، وموبايل يحوي صور وشارات رابعة، وصورة للرئيس المعزول محمد مرسي وحازم صلاح أبو إسماعيل. واختتمت أنها تري ابنها بشكل عابر أثناء نقله للتحقيق معه وترحيله ثانية إلي سجن بنها، مناشدة المسئولين الإفراج عنه أو سرعة إجراء محاكمته؛ نظرا لمرضه المزمن، حيث يعاني من قصور في الدورة الدموية.