طرح مؤخرًا الدكتور رفعت سيد أحمد، أول كتاب في الوطن العربي عن تنظيم داعش الأرهابي، بعنوان «داعش خلافة الدم والنار»، عن دار الكتاب العربي، راصدًا بالوثائق والأدلة حقيقة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف إعلامياً ب«داعش»، قبل وبعد الحرب التي يخوضها مع التحالف الدولي بقيادة أمريكا. يقدم الكتاب عبر ثمانية فصول تزخر بمئات الوثائق والصور النادرة، جذور نشأة التنظيم في العراق على يد أبو مصعب الزرقاوي 2004، وصولاً ل أبى بكر البغدادي القائد الحالي للتنظيم 2014، والذي قدم نفسه باعتباره خليفة المسلمين مطالباً إياهم بالبيعة، أيضًا يكشف الكتاب عبر دراسة معمقة، مستندة إلى المعلومات الدقيقة دور واشنطن في صناعة هذا التنظيم من أجل تفكيك كل من العراقوسوريا باسم الثورة "الزائفة"، وسرعان ما ينقلب السحر على الساحر، يذبح التنظيم عشرات الأجانب (بمن فيهم صحفيين أمريكيين وبريطانيين) ومئات المسلمين والمسيحيين والأقليات، مستندًا إلى فتاوى دينية شاذة، ومرفوضة. هذا وقد تناول الكتاب، الأسرار الكاملة عن قادة التنظيم ومذابحه وصراعاته مع التنظيمات الأخرى من "القاعدة" إلى "النصرة" إلى "الجيش الحر"، كاشفًا النقاب عن كون تلك التنظيمات والدول وأجهزة الاستخبارات التي صنعتها، كانت تستهدف بالأساس خدمة المشروع الأمريكي – الصهيوني، لإشغال جيوش المنطقة وإنهاك قواها، وتفتيت وحدتها بعيدًا عن العدو الاستراتيجي للأمة «الكيان الإسرائيلي». حرص المؤلف على تناول التاريخ السري لقادة داعش الكبار، فكشف بالتفصيل أسماء القادة الكبار منهم: ككمنه لبأبو المؤسس الأول للتنظيم مصعب الزرقاوي، أبو عمر البغدادي، أبو حمزة المهاجر، أبو بكر البغدادي، أبو عبد الرحمن البيلاوي، العقيد حجي بكر، أبو أيمن العراقي، أبو علي الأنباري، أبو محمد العدناني، عمر الشيشاني. كما ذكر أبرز رموزهم وقياداتهم في سوريا فنذكر منهم: أبو لقمان، خلف الذياب الحلوسُ، محمود الخضر، أبو عبد الرحمن الأمني وأبو علي الشرعي. وعن ضرورة هذا الكتاب يقول المؤلف: هذه الظاهرة ليست مخالفة لروح العصر ولسماحة وعدالة الإسلام فحسب لكنها أيضاً تمثل "إسرائيل العربية"، مثلما إسرائيل تمثل "داعش العبرية"، مشيرًا إلى إنها لا تخدم استراتيجيًا سوى أعداء هذه المنطقة، مهما ادعت بياناتها زورًا الدفاع عن الإسلام، الذي تغتاله بأفعالها وفهمها المتخلف لمراميه ومقاصده وشريعته النبيلة. إن هكذا تنظيمات، لا تجد في الاحتلال الصهيوني لفلسطين –يقول المؤلف- مبررًا للحرب المقدسة ضده، ولم تضبط مرة واحدة توجه رصاصها للعدو الصهيوني طيلة تاريخها الدموي الطويل، ومعها الدول وشيوخ الفتاوى الذين أرضعوهم بالمال والجهاد المزيف، ولكنها توجه حربها للمسلمين ولمواطني بلادهم من الأقليات الأخرى، وهو نفس حال التنظيم الإرهابى في مصر المسمى ب«أنصار بيت المقدس»؛ ومثل عشرات التنظيمات في البلاد العربية، وهذا هو تحديدًا ما كان يهدف إليه صناع هذا التنظيم ومموليه من التحالف الدولي الحالي. هنا نضع عدة علامات استفهام على رأسها كيف ومن صنع الإرهاب ووظفه أن يقضى عليه؟. إن داعش وأخواتها من التنظيمات الإرهابية الملتحفة خطأ برداء الإسلام، قد يكون لنشأتها أسبابًا سياسية واجتماعية وإقليمية ولكن العامل الخارجى -كما يؤكد المؤلف- في تخليقها وتوظيفها كان هو الأبرز، إنها باختصار (جماعة وظيفية) تماماً مثل إسرائيل في إطار المشروع التقسيمى الغربي للمنطقة، وأي ربط بينها وبين الإسلام أو الثورات أو الربيع العربي الخادع هو من قبيل التزييف البائس للحقائق. وينهي المؤلف الكتاب بالتأكيد على أن داعش كظاهرة، لن تنتهي، قائلًا: صحيح قد يتقلص التنظيم ويتراجع دوره والضجيج الإعلامي من حوله، بعدما يحقق التحالف الدولي أهدافه في سوريا، وفي النفط العربى، وفي عزل محور المقاومة الممتد عن بعضه البعض، قد تتراجع ولكنها كظاهرة لن تنتهى وستنتج معامل الغرب (دواعش أخرى) مستغلة بيئتنا العربية والإسلامية الخصبة بعوامل الفساد والاستبداد والفقر والجهل بالدين وبالتواطئ المبتذل مع عدو الأمة الاستراتيجي: الكيان الصهيوني.