"المشروعات الصناعية" من أكبر شركة بمصر في 52 إلى الخصخصة وتشريد العمال العمال: مبنقبضش غير بالاحتجاج.. ورئيس الشركة: اخبطوا راسكوا في الحيطة لو إسرائيلين كنا خدنا حقوقنا.. يا تحلولنا مشكلتنا يا تموتونا "كنا أكبر شركة مقاولات في مصر ونفذنا البنية التحتية وأعمال الصرف الصحي وتوصيل المياه بقرى مصر" ، ومنذ انتهاء أعمال الخصخصة ونقل الأسهم للمستثمرين توقفت الدولة عن إسناد أعمال لها منذ عام 2003، وأصبح العاملون بشركة المشروعات الصناعية والهندسية وعددهم 2300 عامل عاطلين بالإجبار ويتقاضون رواتبهم الأساسية فقط، ولكن منذ 3 أشهر بدأوا في عدم تقاضي الرواتب. هكذا أوضح العاملون بالشركة مأساتهم بشكل مختصر ل"البديل" خلال احتجاجهم أمام مجلس الوزراء واعتصامهم المتواصل منذ عشرة أيام، وحددوا مطالبهم بضرورة تدخل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لحل مشكلة وإسناد أعمال جديدة للشركة للخروج من الأزمة، حيث تدخل الشركة القومية للتشييد والتعمير "الشركة القابضة" لإدارة الشركة بنسبة حصتها في المال العام، صرف رواتب العاملين بالشركة أول كل شهر، وصرف رواتبهم المتأخرة، الاهتمام بالرعاية الطبية كاملة؛ لأنها وصلت لأسوأ الأوضاع؛ بسبب عدم سداد الشركة مستحقات المستشفيات والأطباء ومعامل التحاليل والصيدليات، وصرف العلاوة الخاصة بشهر يوليو وهي 10%. قال نصر سليمان، أحد العمال بالشركة: "بقى لنا 3 شهور بنشحت وبنستلف والله، وتم بيع السيارات التي كانت تنقلنا للعمل، وأنا واحد من العمال خرجت عيالي من المدارس ومديون بحوالي أربعة آلاف جنيه، مدان للبقال والجزار وبتاع العيش وصاحب البيت، مؤكدًا أنه لن يفض اعتصامه إلَّا بالحصول على حقه مهددًا بالدخول في إضراب عن الطعام وضم أولاده وأسرته البالغ عددها 8 أفراد للاعتصام؛ لأنه "مش قادر أأكلهم" على حسب وصفه. وقاطعنا سعدي بشري، مدير الحسابات بالشركة: "احنا وقفنا مع الرئيس السيسي كتير واتخونا واتهددنا واتشتمنا بسبب تأييدنا له، والآن جاء دوره أن يقف معنا، خاصة وأنه قال: "انتو نور عيوني فين نور عيونه مش لاقيين ناكل" وتابع: "مش عاوزين حوافزنا ولا مميزاتنا، عاوزين مرتبنا بس مش أكتر لا يمكن أن يكون نتيجة صبرنا "نترمي في الشارع ومنلاقيش ناكل ولا نتعالج"، واختتم: "أعيش ليه وانا مش عارف الاقي العلاج.. نموت أحسن". وقال عامل آخر: "ولادي خلاص مبقيتش عارف أكلهم ولا ألبي طلباتهم، أقسم بالله ما في جيبي غير ربع جنيه" مخرجًا إياه من جيبه، وتابع: "أسرق ولا انهب ولا اجيب منين، عاوزين يوصلونا لأيه أكتر من كده". وأكد العمال أنها كانت أكبر شركة على مستوى الجمهورية، خربوها بعد الخصخصة". يعود تاريخ تأسيس شركة المشروعات الصناعية والهندسية لعام 1952، يعمل بها حاليًا 2200 عامل واستمرت في أعمال المقاولات العمومية تركيب المهمات الميكانيكية والكهربائية، وتنفيذ محطات تنقية مياه الشرب والصرف الصحي، وأعمال شبكات التليفونات وغيرها من مجالات المقاولات في أنحاء الجمهورية. تم خصخصتها في 16-7-1997 بعدما قيدت أوراق الشركة ببورصة الأوراق المالية، وتم الإعلان عن بيع أسهم الشركة بطريقة الطرح العام؛ حتى أصبح رأس مال الشركة موزعًا كالتالي: مجلس إدارة الشركة 38% للمستثمر الرئيس للشركة مجموعة الخرافي، 35% مال عام موزع كالآتي: "20% حصة الشركة القومية للتشييد والبناء و10% لاتحاد المساهمين و14% حصة صناديق الاستثمار و 28% صغار مستثمرين. وبذلك خرجت الشركة من نطاق أحكام قانون قطاع الأعمال رقم 203 لسنة 1991 وتحولت إلى شركة مساهمة مصرية في ظل أحكام القانون 159 لسنة 1981 وفي 30-12 -1997، تم بيع الشركة بمبلغ 340 مليون جنيه حصلت الدولة عليها نتيجة البيع. تديرها الشركة الآن مجموعة "شبارق" تملك 5 مقاعد بمجلس إدارة الشركة، أما الشركة القومية للتشييد والبناء التي تمثل الدولة وصغار المستثمرين تمثل مقعدين فقط بمجلس الإدارة، ما رفعه العمال في مطالبهم ضرورة تدخل الشركة القابضة في الإدارة بصورة أكبر لتمثل ما تملكه من حصص أو نسبة في المال العام. وأكد حسين السيد إسماعيل، عضو اللجنة النقابية بالشركة أنه منذ تحول الشركة إلى مساهمة وتعيين مجلس إدارة برئاسة المهندس أحمد فؤاد عبد المغني في عام 2003 أصبح الوضع في تدهور مستمر؛ بسبب سياسة الإدارة التي باعت بنسبة 90% من عمليات الشركة بطريقة الأمر الإسناد المباشر لشركتي "هورس" و"الزعفرانة" بالإضافة إلى إعطاء هذين المقاولين خطابات مفتوحة موجهة لجميع عملاء لتحويل المستحقات الشركة كافة السابقة والجارية والتي تخص العمليات المسندة للشركة إلى حساباتهم في البنوك التي يتعاملون معها. وأضاف أن العائد حاليًا لا يغطي المرتبات ومصاريف الشركة للخروج من ازمتها والمحافظة على العاملين، مؤكدًا أن مشكلة الشركة تتلخص في انعدام السيولة وضخامة المديونية وعدم إسناد أي أعمال جديدة لها الأمر الذي ادى إلى تحول العاملين إلى عاطلين بالإجبار، وتابع: مطلب العمال الرئيس تدخل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لحل مشكلة الشركة، وإعادة العلاج للعاملين؛ خاصة أن بالشركة نحو 40% يعانون أمراضًا مزمنة؛ لعدم سداد الشركة مستحقات المستشفيات والصيدليات والمعامل، ما أوقف العلاج بالمستشفيات التي كانت تتبع للشركة وترفض الآن التعامل مع العمال. وقال جلال محمد، موظف شؤون العاملين: إدارة الشركة تضغط على العمال للخروج بنظام المعاش المبكر الإجباري بأقل ثمن والتنازل عن مستحقاتنا، وتابع: نناشد الدولة والمسؤولين عاوزين ناكل فقط، مش عاوزين حوافز ولا أرباح، مرتباتنا بس نعيش منها، أقل حاجة للحياة الكريمة. وقال آخر: "والله مبقاش في فلوس معانا ندفع فاتورة الغاز أو الكهرباء أو إيجار الشقة، حتى إنه مهدد بالحبس بسبب محضر حرره له مالك العقار، مضيفًا: "كنا بنقبض حوافز وأرباح ومكافأة ميزانية، دلوقتي مبنقبضش غير مرتبنا ومش عارفين ناخده، كل فترة يباع أسطول الشركة ومعداتها وأصولها" ولذلك فمطلبنا الرئيس إسناد أعمال للشركة ونحن قادرين على تنفيذ هذه الأعمال والحصول منها على رواتبنا. وقال عادل عبد الحفيظ، عضو اللجنة النقابية ل"البديل" بشأن المفاوضات التي جرت بين ممثلي العمال ومجلس الوزراء: إنها فشلت بعد استشعارهم نبرة التجاهل والتسويف، كما تم عرض على ممثلي العمال تحديد موعد مع مكتب وزير الاستثمار لبحث أزمة الشركة، وعن رواتبهم تم عرض صرفها من صندوق الطوارئ بوزارة القوى العاملة وهو ما رفضه ممثلو العمال؛ بسبب قدرتهم على تشغيل الشركة وتقاضي رواتبهم و مميزاتهم كافة، بدلًا من تقاضي 75 % من الراتب الأساسي فقط بحد أقصى 1000 جنيه وهذا صعب جدًّا في ظل الغلاء والأوضاع الاقتصادية السيئة. وطالب "عبد الحفيظ" بضرورة تدخل الدولة للحفاظ على حصتها وحصة صغار المستثمرين، بدلًا من التفريط في حقها بهذا الشكل، محذرًا من استمرار معاناة 2300 أسرة بمثابة قنبلة موقوتة في الشارع المصري، وهو ليس تهديدًا إنما حقائق؛ خاصة أن العمال يدرسون سبل التصعيد، مستبعدًا تطبيق قانون التظاهر عليهم؛ لأنهم ليسوا بإرهابيين ولا يتحدثون عن قضية سياسية، إنما يطالبون ب"رغيف عيش وحقوق فقط". وانفعلت كريمة علي، إخصائي تخطيط بالشركة قائلة: "الدولة إما تحللنا مشكلتنا أو يضربونا بالنار، احنا لو مواطنين إسرائيليين كنا خدنا حقنا، حرام احنا مواطنين مصريين ولينا حقوق في البلد دي" وتابعت: "مش عاوزين غير مرتبنا الأساسي فقط، احنا تعبنا من الاستلاف والشحاتة من الناس وحالتنا البلاء". وقالت بحدة: "وشنا بقا في الأرض لا علاج ولا علاوة ولا مرتب ولا مواصلات، ولما بنتكلم يتم التنكيل بينا ونقلنا، وبيشيلوا مننا درجات ويهددونا، وهو ما حدث معها شخصيًّا: "أنا اتشال مني نائب مدير عام وانتقلت لإدارة أخرى". وقالت عن تاريخ الشركة: "أن الشركة هي التي أسست البنية التحتية في مصر من حلايب وشلاتين للسلوم، وكذلك تأسيس كل محطات المياه والصرف وخطوط التليفونات، مضيفة: "احنا أساس البنية التحتية للبلد، وكنا من أولى الشركات المقاولات في الشرق الأوسط". وأغرورقت عيناها بالدموع وهي تقول: "فين الرئيس عبد الفتاح السيسي اللي قال إن الفقراء والمصريين في عنيا، احنا فين من عنيك، احنا صوتنا اتبح من كتر الصرخ" و"احنا بنوجه صوتنا لرئيس الجمهورية حس بينا احنا مصريين احنا ولاد البلد دي، ياريت يبصولنا ويرحمونا لإننا تعبنا، واحنا لآخر لحظة بنحافظ على أمن البلد، هما ليه عاوزين يدفعونا لتصرفات غير مسئولة". وقال حسن تقية، ملاحظ ورش: إنه ومنذ 2003 يتم خصم التأمينات من رواتب العاملين ولم يتم تسديدها لهيئة التأمينات ووصلت لمبغ 83 مليون جنيه، ورغم حصول رئيس الشركة على حكم قضائي؛ بسبب أموال التأمينات وتخفيض رواتب العاملين إلَّا انه لم يتم تنفيذ شيء. وقالت إحدى الموظفات: "بقالنا سنة مبنقبضش غير بالاحتجاج والتظاهر، والآن رئيس الشركة قالنا اخبطوا راسكوا في الحيطة، بقينا نستلف لغاية ما بقا مفيش حد عاوز يسلفنا". أما رأفت نبية، عامل بوفيه أصم يتحدث بالإشارة، فعبر عن معاناته بإشارات يده وهمهماته التي توضح عدم تقاضي راتبه منذ 3 أشهر يشاور بها بيده، وعن معاناة أطفاله الخمسة الذين لا لهم طعامًا، ويوضح زملاؤه أنه اضطر لإخراجهم من المدارس والجلوس بالبيت؛ لعدم قدرته على التكفل بمصاريفهم ويكتفون بالنوم والجلوس في البيت.