«عبد اللطيف عبد الحليم» أديب وشاعر مصري كبير اشتهر بكنيته «أبو همام»، وهو أحد تلامذة عباس العقاد النجباء، تمتع بلغة عربية ثقيلة، إذ أنه قضى فترة طويلة من حياته يمعن النظر في المعاجم والدواوين الشعرية وفي النثر القديم. اليوم رحل «أبو همام» عن عالمنا، بعدما كتب ألون مختلفة من الأدب، فأورثنا 6 دواوين شعرية والعديد من الدراسات النقدية في الثقافة الأسبانية، لكن للشعر عنده مكانه خاصة، ودمًا ما كان يذكر ذلك في حوارته الصحفية «أنا مهتم بالشعر أكثر من الوجوه الأخري التي أمارسها ولا أريد إلا أن أحشر مع الشعراء يوم يبعثون، فأعيش شاعرًا وأموت شاعرًا ودواويني الستة التي تتكون منها الأعمال الكاملة الجزء الأول والثاني يمثلان مرحلة الصبا، والدواوين الاخري تمثل تجارب في الحياة والحب والموت والوطنيات ثم مرحلة التأملات. وأعتقد أنني وفيت برسالتي الشعرية ولا أزال أثابر عليها وحين تعترض الكتابة النقدية والترجمة علي الشعر أفضل أن أكون مع القصيدة حين تأتي». كتب ضروبًا من الشعر، قال عن تجربته الشهيرة «اللزوميات» أنها باب واسع جدا في الشعر العربي، وأنها معروفة في الآداب الأوروبية وتسمى ريماريكا بالإسبانية ولاريم ريش بالفرنسية، فالشاعر لايقنع بأن يكون عنده حرف تقفية واحد بل أكثر في كل قافية، لذا وصف "أبو همام" اللزوميات أنها نمط صعب ومخيف من يستطيع أن يركبه فليتفضل. أيضًا اهتم "أبو همام" بالترجمة وجمع العديد من التراث الإندلسي، بنصحية من الكاتب الكبير محمود شاكر، فاشتغل بالتحقيق، ونذكر أنه قبل وفاته صرح أنه يملك مجموعة نادرة من المخطوطات لم تنشر حتى الآن منها: النصوص لصاعد البغدادي، وأخرى لابن الخطيب، وابن حاتم الأندلسي. احتلت الترجمة قدرًا عظيمًا من حياة "أبو همام" والتي عبر عنها سابقًا بقوله: أنا استفيد جدًا من الترجمة لأنني أري من خلالها رؤية إبداعية جديدة، واعتقد أن الترجمة والعيش في اسبانيا أفاداني كثيرًا خاصة فيما يتصل بشعري. أُخذ على "أبو همام" في بعض الأوقات، أن لغته صعبة على الشباب وأنهم لا يستطيعون فهمه، إلا أن رد عليهم قائلًا: كانت الصحف قديمًا يكتب فيها العقاد مقالات صعبة، فكان على القارئ أن يبذل جهدًا، وليس علي الكاتب أو المبدع أن يتنزل إلى القارئ، وكل امرؤ ينفق من كيسه ومن سعته فلماذا أقتر. أنا الذي حفظت قبل دخولي دار العلوم دواوين العقاد العشرة، ومعظم ديوان المتنبي وديوان الحماسة كله لابي تمام!