تأتي سوهاج علي رأس المحافظات التي تحصد الطرق فيها الأرواح بشكل يومي، خاصة مع تزايد معدلات حوادث الطرق السريعة في الفترة الأخيرة بشكل مخيف في كافة طرق المحافظة. تحولت الحوادث إلي ظاهرة مرعبة، تجلب التعاسة والشقاء على الركاب مستخدمي الطرق الداخلية والفرعية والسريعة، وأصبحت رائحة الموت تفوح علي جانبي الطرق وفي كل مكان، فيما تتزايد الخسائر البشرية "صباح مساء" ولأسباب متعددة، منها سوء حالة الطرق، وعدم توافر العلامات الإرشادية والفسفورية، وكثرة المطبات العشوائية، وضعف الإنارة، ورعونة السائقين. وتُعد واقعة مصرع وإصابة 14 طالبة من جامعة سوهاج، منذ أيام دليلا واضحا علي فساد المسئولين ورعونة السائقين، وعدم وجود طرق ممهدة ومرصوفة بشكل جيد، أدي إلي مزيد من حصد الأرواح. يقول سعد إبراهيم، موظف بالشباب والرياضة، إن الطريق الزراعي بسوهاج، يسير عليه أكثر من 100 ألف مركبة بشكل يومي في المتوسط، في حين أن القدرة الاستيعابية للطريق لا تتجاوز 5 آلاف فقط، فضلا عن ضيق الطريق الذي لا يتسع إلا لسيارتين متجاورتين فقط، وفي حالة تخطى أحد السائقين السيارة التي أمامه، ويتزامن خلال تخطيها قدوم أخرى في الاتجاه المقابل، حينها يحدث التصادم، ويتحول الأسفلت إلي بحيرة من دماء البشر، وتحولت سيارات "المكروباص" إلي نعوش طائرة. وتضيف إيمان محمود، طالبة، أنها تستقل السيارة كل يوم من طما إلي مدينة سوهاج، للذهاب إلي الجامعة، وأنها تتعرض للموت بشكل يومي؛ بسبب رعونة السائقين وضيق الطريق، وكثرة المطبات الصناعية العشوائية، التي تم إقامتها بطرق غير قانونية وغير مطابقة للمواصفات الهندسية المتبعة في هذا الشأن، فضلا عن سوء رصف الطرق بشكل عام بسوهاج، وعدم وجود رقابة حقيقية من المرور أو أجهزة رادار ترصد السرعة الجنونية التي تتسبب في أكثر من 70% من حوادث المحافظة، لتتحول حوادث الطرق في المحافظة إلى "ظاهرة" يجب الوقوف عندها لدراستها وإيجاد حلول سريعة لها، مطالبة مسئولي المحافظة بإيجاد حل بتوسعة الطرق ووضع الإرشادات المرورية، التي توضح المنحنيات والمطبات والتحويلات؛ حتي يتمكن السائقون من تفاديها وعدم تعرض السيارات للتصادم أو الانقلاب بسبب سوء حالة الطرق. ولا يختلف الوضع في الطريق الشرقي الصحراوي عن الزراعي، بل يزداد الوضع سوءا، حيث لا تهتم وزارة النقل بتطوير وازدواج تلك الطرق، وعدم وضع إرشادات مرورية بشكل كافي وفي أماكن واضحة، وعدم وجود استراحات مؤمنة بشكل جيد علي طول الطريق، وهو ما يهدد حياة المواطنين ويعرضهم للخطف والسرقة بالإكراه، وهو ما يتم بالفعل وبصورة كبيرة، تؤكده مئات المحاضر. وأن كانت الطرق علي مستوي المحافظة تحتاج إلي قنبلة تنسفها ليتم إعادة إنشائها من جديد، فالسائقون بالمحافظة، يحتاجون إلي وقفة حاسمة، فالغالبية منهم لا يحترمون تعليمات المرور، ويقودون السيارات تحت تأثير المواد المخدرة، وهو ما يتم إثباته يوميا من خلال التحاليل التي تجريها إدارة مرور سوهاج بأخذ عينات الدم من السائقين، لتوضح أن نسبة كبيرة تخطت ال 50% يتعاطون المواد المخدرة. ويوضح سعد إبراهيم، سائق، أن كل مشاكل الطرق والمرور والحوادث يتم تحميلها علي السائقين، وأن السائق تحول إلي شماعة للجميع يضع عليها فشلهم، لافتا إلى سوء حالة الطرق، وغياب الإرشادات والإنارة الجيدة، ومضيفا أنه مع كل إجراءات الكشف عن تعاطي المخدرات، والاستفسار عن رخص القيادة، ومن يقود السيارة دون رخصة، يجب أن يسجن ولا يكتفي فقط بالغرامة، ومن يقود السيارة وهو يتعاطي المخدرات يحاكم ويسجن. وطالب ممدوح السعيد، سائق، إدارة المرور بمنع وحظر أي سيارة ربع نقل، يقوم قائدها بتحميل ركاب بصندوق السيارة؛ لما يمثله من خطر حقيقي علي الأرواح، خاصة طلبة المدارس، الذين يضطرون لركوب مثل تلك السيارات للوصول إلي مدارسهم، وهو ما أدي إلي وقوع حوادث كثيرة، وانقلاب عدد كبير من تلك السيارات في الترع والمصارف، ووفاة العشرات من المواطنين داخل السيارات غرقا. وتؤكد فاطمة محمود، موظفة، أن "التوك توك" أصبح يمثل خطرا حقيقيا علي حياة المواطنين، حيث أصبح وسيلة للسرقة وتجارة المخدرات والتحرش والاغتصاب، بل والقتل والخطف من أجل "الفدية"، وأنها تطالب المسئولين في المحليات والأمن بسرعة تقنينه؛ من أجل أمن المواطنين، خاصة أن مراكز ومدن بأكملها تعتمد بشكل جزئى عليه في التنقل بين القري والنجوع والمدن والمراكز، مشيرة إلي أن "التوك توك" يفتقد إلي وسائل الأمان، فمن السهولة تعرضه للانقلاب أثناء السير، خاصة بالطرق التي يوجد بها ترع ومصارف. على الجانب الآخر، قال مصدر أمني بمرور سوهاج – فضل عدم ذكر اسمه، إن رعونة السائقين وتعاطيهم للمواد الخدرة، من الأسباب الجوهرية والرئيسية لزيادة معدلات حوادث الطرق، وأنه يعترف بوجود تقصير من قبل المحليات والطرق والكباري، مؤكدا أن 50% من الطرق المتواجدة في جميع أنحاء المحافظة، تحتاج إلي إعادة رصف، وأن مديرية الأمن "إدارة المرور والبحث" تأخذ بشكل يومي عينات دم من السائقين لتحليلها، وأنه للأسف يوجد كثير من السائقين يتناولون المواد المخدرة، بحجة التركيز وعدم النوم أثناء القيادة، ومشيرا إلي أنه جاري تقنين وضع "التوك توك"؛ حتي يتم السيطرة علي ما يخلفه من حوادث. وفى نفس السياق، أكد رئيس حركة الإسعاف بالمحافظة، أن عدد الضحايا "المتوفين والمصابين" في حوادث الطرق بالمحافظة خلال الأشهر الأخيرة، تخطت ال 3 آلاف، وأن إدارة الإسعاف تعمل بكل طاقتها من أجل الوصول إلي مكان الحادث بأسرع ما يمكن؛ لأن كل دقيقة يتأخر فيها المسعف، حياة إنسان تضيع، مضيفا أن المسعف أيضا يعاني من سوء حالة الطرق، خاصة خلال وجود حالات حرجة بسيارة الإسعاف وتتطلب تدخل جراحي سريع وعاجل. من جانبه، أوضح مدير هندسة الطرق والكباري، أن هناك متابعة مستمرة على كافة الطرق السريعة الصحراوية والزراعية، لكن بسبب إقامة بعض المواطنين لمطبات عشوائية، تزداد الحوادث، ويتعرض العشرات للوفاة والإصابة، مطالبا الجميع باتباع الإرشادات المرورية، وعدم المساس بالطريق سواء إقامة مطبات أو حفر الأسفلت لتوصيل ماسورة مياه أو صرف صحي أو خطوط كهرباء وتليفون، دون علم موظفي الهيئة، مؤكدا أن الهيئة تركب بصورة دورية اللوحات الإرشادية وتهذيب المطبات وإزالة المطبات العشوائية.