كتب: محمود علي وهدير محمود حملت القمة المصرية اليونانية القبرصية الكثير من الدلائل المستترة والتكهنات، فضلاً عن التصريحات المعلنة من جانب الدول الثلاث، حيث تمثل القمة ووثيقة "إعلان القاهرة" التي نتجت عنها مرحلة تعاون إقليمي هامة تدعم بها مصر علاقاتها بشكل شامل اقتصاديًا وسياسيًا مع البلدين، وتؤكد بها تخوفات بعض الدول من إمكانية إقامة تحالف استراتيجي يتضمن الجوانب السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية في منطقة شرق المتوسط. أسفرت القمة التي استضافتها القاهرة، وشارك فيها الرئيس "عبد الفتاح السيسي"، ونظيره القبرصي "نيكوس أناستادياديس"، ورئيس الوزراء اليوناني "أنتونيس ساماراس"، عن تلاقي رؤى القادة حيال مختلف الملفات السياسية والاقتصادية والتجارية، إلى درجة تصل إلى التطابق خاصة في قضية التصدي للإرهاب وكشف داعمي وممولي التنظيمات الإرهابية، والثقة في القدرة على تطوير العلاقات المشتركة، إدراكاً للمقومات والفرص الكبيرة القائمة للتعاون في منطقة شرق المتوسط والشرق الأوسط. حبست تركيا وإسرائيل أنفاسهما خلال القمة خوفًا من حدوث تحالف "مصري قبرصي يوناني"، تسعي مصر من خلاله إلى استعادة حقول الغاز المسلوبة منها لصالح إسرائيل، أما هدف قبرص فهو توحيد الشطرين اليوناني والتركي للجزيرة وفقاً لمبادئ القانون الدولي، وتسعى فيه اليونان لتعزيز نفوذها في المنطقة وإيجاد حلفاء في منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن ترسيم الحدود البحرية بشكل جديد خاصة وأن الدول الثلاث تقع في الحوض الشرقي للبحر المتوسط الغنيّ بالغاز الطبيعي، ما يدفعها إلى التنسيق والتعاون لاستغلال الحقول النفطية، وتحديد نطاق استغلال كل بلد. إعلان القاهرة الذي نص على أن مشاركة الدول الثلاث تؤهلها لأن تصبح نموذجاً لحوار إقليمي أشمل، عن طريق التنسيق الوثيق والتعاون في إطار المحافل متعددة الأطراف، والجهود التي تصب في اتجاه دعم العلاقات بين العالم العربي والاتحاد الأوروبي، جعل التكهنات تزيد حول جذب هذا التحالف لدول في المحيط الجغرافي لدعم التعاون كمقدمة لبناء تكتل جديد، تطالب فيه كل دولة بحقوقها في مجال الطاقة والغاز والنفط، حيث تشتدّ المنافسة بين ثلاثة أطراف هي الكيان الصهيوني وتركيا والدول الثلاث مجتمعة حول الحقول النفطية، وقد تكون دول مثل لبنان والأردن ومالطا وإيطاليا مرشحة بقوة للانضمام لهذا التكتل، من دون استبعاد سوريا وليبيا بحسب تطور الأوضاع داخلهما. من المرجح أن يكون هذا التكتل موجه لعزل تركيا، خاصة مع وجود خلافاً بين اليونان وقبرص من جهة، وتركيا من جهة أخرى حول تحديد المناطق التي يحق لكلّ طرف التنقيب فيها، والتي لم يتمّ التوصل إلى تفاهمات أو اتفاقيات بشأنها، كما أن العلاقات اليونانية القبرصية التركية تعاني من أزمات منذ فترة طويلة على خلفية التوترات حول الحدود بين اليونان وتركيا والمسألة القبرصية، كما أن العداء التركي للنظام المصري الحالي خلق أرضية سياسية لإنشاء تعاون وتحالف مشترك بين الدول الثلاث موجه ضدّ تركيا ومطامعها وتدخلاتها في الشئون الداخلية، وبالتالي يرجح أن يستمرّ التعاون المصري التركي القبرصي طالما استمرّت السياسة التركية على ما هي عليه الآن. بالإضافة إلى التعاون التجاري والاقتصادي يفتح هذا التكتل المجال لتعزيز التنسيق والتعاون بين دول البحر المتوسط لاستغلال الحقول النفطية، عبر تحديد نطاق واستغلال قدرة كل بلد، في ظل أزمة الطاقة التي تعاني منها مصر، لذلك تبدو الاستفادة من غاز المتوسط أحد أهم طرق مواجهة الأزمة. التعاون يشمل أيضاً الاستفادة من الثروة المعدنية في المنطقة وصيد الأسماك، ويسبق كل ذلك بالتأكيد التعاون في مواجهة الإرهاب، فالتنسيق بين دول البحر المتوسط سيكون ضرورياً في المرحلة الحالية لمنع تهريب الأموال والبشر إلى البقع الملتهبة في الشرق الأوسط. يقول السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية السابق وأمين عام المشاركة المصرية الأوروبية بوزارة التعاون الدولي إن قراءة وثيقة إعلان القاهرة الصادرة عن القمة الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص تشير إلى توجه القاهرة بالمشاركة مع قبرص واليونان إلى إنشاء منطقة حرة تضم عدد من الدول لإنشاء تكتل في المحيط الجغرافي بالبحر المتوسط مثل ما حدث في السابق، بما يعرف بالاتحاد المتوسطي المكون من 51 دولة، مؤكدًا أن إنشاء مثل هذا التكتل سيعمل على تعزيز التعاون بين الدول المنضمة له في جميع المجالات التجارية والاقتصادية والصناعية والسياحية. وأضاف بيومي في تصريحات خاصة ل«البديل» أن من أبرز نتائج القمة الثلاثية التي انعقدت بالقاهرة هو ترك الباب مفتوحًا لجميع الدول المطلة على البحر المتوسط للانضمام في هذا التجمع المفتوح مثل لبنان والأردن وتونس وسوريا والجزائر ومالطا وايطاليا، مضيفًا أن تشكيل هذا التكتل سيكون مقدمة لإنشاء اتفاقيات عديدة بين هذه الدول مثل اتفاقية «أغادير» العربية. وأكد بيومي أن إنشاء هذا التجمع سيكون بمثابة التحول إلى منطقة صناعية من شأنها أن تعود على الدول المنضمة بالعديد من الامتيازات أولها تبادل الاستثمارات والتنقلات ونشاط السياحة وفتح شبكة تجارية بين الدول بالإضافة إلى تقديم التعاون في مكافحة الإرهاب. من جانبه، قال السفير «إبراهيم يسري» المدير السابق لإدارة القانون الدولي والمعاهدات الدولية بوزارة الخارجية إن هناك أدلة تؤكد على سرقة العدو الصهيوني للغاز المصري مناشدا العلماء والخبراء وكافة القوى الوطنية بالتكاتف والتصدي للممارسات الصهيونية التي تعمل على سرقة حق الشعب المصري . وأضاف يسرى ل"البديل" أن هناك حقول غاز مصرية وعربية تستولي عليها إسرائيل من 2010 ، باحتياطيات تُقدر قيمتها بقرابة 200 مليار دولار ، مشيرًا إلى أن اتفاقية مصر وقبرص لترسيم الحدود عام 2003 ظالمة جدًا بالنسبة لمصر لأنها أضاعت ضعف مساحة الدلتا في المياه الاقتصادية الخالصة لمصر والتي خالفت المادة 34 في اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار. وأكد يسري أنه رفع دعوى قضائية بالمحكمة لإلغاء هذه الاتفاقية التي تعود على مصر بالخسارة ، مشيرا إلى أن اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار "المادة 74 لسنة 85 تمنع التقسيم الثنائي لهذه المنطقة التي تشترك فيها 9 دول، ويلزم تلك الدول بالاتفاق على أمر يرضيها جميعا. وأضاف السفير أنه لا يعقل أن يكون حقل يقع على مسافة 94 ك متر من دمياط ويبعد 200 كم عن حيفا وتزعم إسرائيل أنه ملكها، مؤكدًا أن الكيان الصهيوني يسرق أيضًا حقل تمار اللبناني ويسعى لبيع غازه للقاهرة في اتفاقية جديدة.