سكان العشوائيات يكشفون عن وعود المسئولين الزائفة 45 منطقة عشوائية بالمحلة غير مخططة و14 أخرى غير آمنة تعتبر مدينة المحلة الكبرى من أنشط مدن مصر في النضال السياسي والعمالي، لكن لظروف ما اختفى بريقها وصارت تعيش فى أوضاع طبقية متعثرة. كما تعتبر كبرى مدن دلتا النيل بمصر، وعاصمة صناعة الغزل والنسيج في الشرق الأوسط، من خلال وجود أكبر مصنع للغزل والنسيج بها، وهو مصنع شركة مصر للغزل والنسيج الذى يعمل به حوالي 30 ألف عامل وموظف، وتبعد مدينة المحلة عن العاصمة القاهرة حوالي 110 كم، وتصنف كإحدى القلاع الصناعية العملاقة بالشرق الأوسط بما تحمله من قوة صناعية ضخمة، حيث تتحرك فيها عجلات 4 آلاف مصنع، وتفتح أرزاق 200 ألف عامل وعاملة. ومع هذه القيمة الاقتصادية والإنتاجية والاسم الرنان فى السوق التجارية بالمنطقة العربية والساحة العالمية، إلا أن واقعها مؤلم للغاية فى ظل تدني الخدمات والمرافق وسوء حالة البنية التحتية التى لا تليق مطلقًا باسم وسمعة المدينة الصناعية العتيقة. وفي جولة ل "البديل" داخل المناطق العشوائية بمدينة المحلة لاستطلاع أحوال سكانها كان واضحًا خلال الجولة حالة الانفجار والإحباط التي تسيطر على الجميع. مطبات وحفر يقول محمد عوض – على المعاش – من أبناء المدينة إن بعض المسئولين بالمحافظة فى العهد البائد كانوا يتعاملون مع المشاكل المستمرة بالمدينة بنظام القطعة، فالشوارع تحولت إلى مطبات وحفر فى الصيف وبرك ومستنقعات فى الشتاء ولا يوجد شارع واحد سليم. وأشار إلى أن أصحاب السيارات أصبحوا في سخط على الأوضاع بسبب سياراتهم التي تهالكت بسبب سوء تخطيط الشوارع، لافتا إلى أن خطة الصرف الصحي متوقفه لحين استكمال مشروعات الصرف الصحى والصناعى ومياه الشرب والغاز الطبيعى؛ لذا فكل أحيائها في حالة متردية، لكن من يسمع ومن يجيب؟! خدمات صحية متدهورة واشتكى عبد السلام السايس – مصور – من أهالى المدينة من أن الخدمة الصحية بالمحلة منهارة وجميع مستشفياتها بدون رقابة والمرضى دائمًا فى صراع مع العمال والممرضات، مشيرًا إلى وجود أجهزة طبية بالمستشفى العام تلفت ومياه الرطوبة أكلت الحوائط والأسقف، وحينما تسأل عن سبب هذا الإهمال لا تجد إجابة مع ارتفاع معدلات الإصابة الكبدية بالمدينة وتوابعها؛ بسبب التلوث الكائن وسوء الحالة الصحية والبيئية بالمدينة وتوابعها. القمامة تزاحم السكان وانتقد أسامة المحمدى – موظف بالزراعة – انتشار القمامة في كل مكان بالمدينة وأمام المدارس، وقال: حينما نعلم أولادنا مبدأ "النظافة من الإيمان" يجدون الشوارع من حولهم نموذجًا صارخًا على الإهمال واللامبالاة، فنطالبهم بشيء وهم يرون نقيضه، مشيرًا إلى أن الشركة المسئولة تتقاضى مبالغ تتراوح شهريًّا ما بين 200 و250 ألف جنيه، ومع ذلك فإن حجم القمامة يصل إلى 500 طن يوميًّا، وبالطبع لا يتحمل الشارع هذا الكم الرهيب منها دون تحرك من المسئولين. مياه الشرب وأشار إسماعيل القصبى من أهالى المدينة إلى أن مياه الشرب فى الكثير من الأحياء والمناطق ضعيفة ولا تكاد تصل لهم، وتختلط أحيانًا بمياه المجاري عند انفجار مواسير الصرف المتهالكة فى الشوارع. وطالب خالد الزينى – سائق - بتغيير مواسير الصرف الصحي والمياه في أقرب فرصة ممكنة واعتماد خطة تطوير المدينة التي يتحدث المسئولون عنها طيلة العهد البائد. كما عبر الأهالي عن غضبهم من الأنفاق الموجودة في الشوارع تحت زعم عمل مشاريع الصرف الصحي والتليفونات والغاز الطبيعي، مطالبين بإنقاذهم من مآسيهم اليومية، وقالوا إن العربات والسيارات لا تستطيع عبور الشوارع بسبب الحفر والمطبات والمشاجرات بين سائقي السرفيس بسبب الشوارع الضيقة، مشيرين إلى أن شوارع نعمان الأعصر وأطراف سعد زغلول واليمانى والوراق وسوق اللبن والزراعة والحنفى والمقابر وبسيسة والرجبي وامتداد السكة الحديد تشهد فوضى أمنية تهدد الأهالى. قنابل موقوتة القيادى العمالى محمد أسعد قال إن المناطق العشوائية بالمحلة تعتبر قنابل موقوتة جاهزة للانفجار في أي لحظة، حيث باتت تهدد السلم والأمن الاجتماعي بسبب التعديات على الأراضي والبناء عليها بشكل فوضوي؛ مما جعل مجرد التفكير في دخول سيارة إسعاف أو مطافئ مغامرة محفوفة بالمخاطر، ورغم ما تردد وقيل على ألسنة المسئولين بمحافظة الغربية عن تنفيذ خطط ومشروعات لتطوير المناطق العشوائية بمحافظة الغربية وتحويلها إلى مجتمعات ومناطق آدمية تخدم المجتمع، لكن لا تزال هذه المشكلة تمثل قنبلة موقوتة توشك أن تنفجر في وجه المجتمع بعد أن انحصر اهتمام المسئولين في وضع دراسات على الورق فقط وغير واضحة المعالم رغم أنها أزمة تستحق أولوية وسرعة تنفيذ وانتشالهم من المستوى المعيشي السيئ الذي يعيشون فيه، حيث ينتظرون جميعًا أن يشملهم التطوير وتجديد البنية التحتية لهذه المناطق؛ لأنه الأحق بالتطوير. وحسب الحصر فقد تم تحديد 45 منطقة غير مخططة و14 أخرى غير آمنة، حيث تعتبر مناطق" سوق اللبن وتل الحداديين وصندفا وسوق الجمعة والوراقة ومحلة البرج" من أشهر المناطق العشوائية بالمحلة، وهي عبارة عن مبانٍ قديمة ومعظمها آيل للسقوط. هذا بخلاف العديد من الأسر التي تقيم داخل العشش الخشبية والخيام. نعيش في العصور الوسطى وأكد ربيع الغايش من سكان منطقة "سوق اللبن" العشوائية، ويسكنها ما يقرب من 426 أسرة يعيشون وكأنهم في العصور الوسطى، حيث الشوارع الضيقة والمباني المقامة بالحوائط الحاملة والأسقف الخشبية، وكشف عن وعود المسئولين الزائفة والذين ملؤوا الدنيا ضجيجًا بتصريحاتهم الإعلامية عن تخصيص 25 مليون جنيه لتطوير المنطقة وإزالة العشوئيات لتحويلها إلى منطقة سكنية متطورة بإقامة وتشييد مبانٍ سكنية جديدة ذي ارتفاعات عالية لاستيعاب جميع الأسر التي تسكن المنطقة، إلا أن هذه الوعود ذهبت أدراج الرياح، ولم يتم تنفيذ أي شيء منها سوى التعاقد مع 30 أسرة فقط لتسكينهم بالوحدات السكنية الجديدة، ولكن ظل الوضع كما هو عليه، ولم تشهد المنطقة أي تحركات خاصة بعمليات التطوير والتحديث. وقال إسماعيل الدراجينى موظف ويقيم بمنطقة "صندفا" بالمحلة الكبري وهي من أكبر مناطق العشوائيات بمدينة المحلة الكبري إن منطقة صندفا تضم العديد من المباني القديمة المتهالكة والتي أصبحت آيلة للسقوط بعد أن هبطت بها الأرض إلى منطقة القاع، حيث تبين أن هذه المباني أقيمت منذ سنوات طويلة فوق منطقة كانت تشتهر بوجود العديد من الأنفاق الأرضية وصهاريج المياه ومقابر الموتي، وقد تأكد ذلك بعد انهيار أكثر من منزل بالمنطقة، وعند عمليات رفع الأنقاض تبين وجود الأنفاق تحت الأرض بشكل واضح، وهو ما أصبح يهدد بحدوث المزيد من الكوارث وانهيار هذه المنازل في أي لحظة. هذا بخلاف عدم رصف شوارعها والتي تكون غارقة في مياه المجاري والصرف الصحي بشكل دائم ومستمر، بالإضافة لانقطاع مياه الشرب طوال ساعات اليوم، وهو ما حول حياة سكان وأهالي المنطقة إلى ما يشبه الجحيم. وقال شعبان على بدر "نحن سكان شارع بطرس غالي في منطقة السبع بنات نغرق في مياه الصرف الصحى من حوالي أسبوعين متواصلين، وعمال الصرف مش عارفين يوصلوا لسبب المشكلة وأصحاب المحلات كل يوم يكنسوا المياه وطبعًا البلاعات مسدودة، والشارع غرقان، ورحنا لحي ثاني قالوا المشكلة تبع الصرف الصحي، ورحنا الصرف الصحي قالوا: لازم الحي يشكل لجنة هندسية تشوف المشكلة وتدينا تقرير وحسب التقرير نشوف لها حل. ناهيك عن الروايح الكريهة والحشرات والصعوبة اللي بيواجهها كبار السن والأطفال بالمشى بالشارع ده. إنقذونا". خطة لتطوير المدينة من جانبه عقد اللواء الدكتور محمد نعيم محافظ الغربية اجتماعًا عاجلاً برئاسته بديوان عام المحافظة ضم رئيس مدينة المحلة الكبرى ورئيس حى أول وثانٍ المحلة ورئيس الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى ورئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى ومدير المرافق ومدير المرور؛ وذلك لمناقشة المشاكل الملحة التى تعانى منها مدينة المحلة الكبرى، وخاصة فيما يتعلق بالصرف الصحى والإشغالات والمرور، حيث استعرض رئيس مدينة المحلة الكبرى الحالة المتردية للصرف الصحى بالمدينة والطفح المستمر فى أكثر من مكان بالمدينة، خاصة منطقة الرجبى ومنطقة سوق اللبن والسبع بنات وصندفة والجمهورية، بالإضافة إلى وجود 22 كيلو مواسير مياه لم يتم توصيلها بسبب عدم تركيب المحابس وكذلك البطء فى إنهاء التوصيلات المنزلية. وأرجع المحافظ وجود هذه المشاكل لعدم الإشراف الجيد والمتابعة واختلاف الأوضاع بين الهيئة وشركة المياه بالمحافظة وغياب التنسيق فيا بينها، الأمر الذى انعكس على أداء الخدمة، وطالب المحافظ فى خطاب رسمى وزير الإسكان بسرعة التدخل لحل هذه المشكلة، خاصة وأن مدينة المحلة ذات طابع خاص وتتمتع بكثافه سكنية عالية. كما شدد المحافظ على ضرورة التوسع فى حملات إزالة إشغالات الشوارع والميادين وتنظيم حملات نوعية تشارك فيها جميع الجهات المعنية للتخلص نهائيًّا من ظاهرة الإشغالات؛ تحقيقًا للسيولة المرورية، مؤكدًا أنه سيقوم بنفسه بالإشراف على حملات الإزالة، وأنه مصمم على إعادة الانضباط بالشارع المحلاوى واستعادة الدولة لهيبتها بالقانون.