فى الوقت الذى تتشدق فيه الحكومة المصرية والمتمثلة فى وزارة الخارجية المصرية بالاهتمام بالمصريين بالخارج، خاصة الموجودين بالحدود المصرية الليبية وبالحدود الليبية التونسية أيضًا، تأتي معاناة المصريين التي تكشف الإهمال والتجاهل التامين لهم.. "البديل" أجرت حوارًا مع أحد العائدين من ليبيا، وهو شاب عشرينى من محافظة بنى سويف، عاد منذ شهرين من ليبيا أثناء ذروة المواجهات المسلحة، في حواره يحكي لنا عما عانوه من كوارث هناك، وفى نهاية حواره يشكف لنا الشاب عن مفاجأة غير متوقعة تمامًا. نريد التعرف عليك بشكل جيد؟ اسمى أحمد رمضان أحمد محمود، وعندى 27 سنة، سافرت أكثر من مرة إلى ليبيا، وعدت منذ فترة أثناء المواجهات المسلحة هناك بعد رحلة معاناة كبيرة، استطعت المجيء إلى مصر، وفى الحقيقة أننى هربت من الموت بأعجوبة. كنت شاهد عيان على دور الحكومة المصرية تجاه أزمة العالقين بالحدود، ونريد منك معرفة حقيقة هذا الدور؟ الحكومة المصرية لم تقم بأى شيء فى سبيل الحفاظ على سلامة المصريين بليبيا، وليست هناك أى كرامة للمواطن المصري بليبيا، والمصريون يعاملون بشكل من المهانة وعدم احترام الآدمية، وتصريحات الحكومة المصرية بإقامة معبر لنقل المصريين لم يكن أبدًا عاملاً إيجابيًّا لحل المشكلة. لماذا لم تكن تصريحات الخارجية عاملاً إيجابيًّا؟ لأسباب عديدة، منها أن المسافة بين طرابلسوتونس حوالى 400 / 500 كيلو متر، وهو ما يصعب من سفر المواطنين إلى تونس، وكان من الأولى أن تقوم الحكومة المصرية بنقل المواطنين المصريين من طرابلس، وتحسن المعاملة والسلوكيات بين الجهات المختصة والمواطنين. وهل تكلفة السفر من طرابلس إلى تونس أكبر من تكلفة السفر من طرابلس إلى السلوم؟ بالتأكيد.. فتكلفة السفر من طرابلس إلى تونس تبلغ حوالى 500 دينار، وتكلفة السفر من طرابلس إلى السلوم 80 دينارًا. والمصريون كانوا يتخذون قرار السفر إلى السلوم باعتباره الأرخص؟ نعم، وهنا المشكلة، فكل المواجهات كانت على الحدود المصرية الليبية، والمصريون ليس أمامهم حل، فالكثير منا سرقت أموالهم، والبعض كان يعيش على التسول للأسف. كيف تتم سرقة المصريين العائدين من ليبيا؟ أنا شخصيًّا سرقت أموالي وجميع متعلقاتي الشخصية أثناء هروبى من المصادمات بليبيا، وذلك تحت تهديد السلاح والترهيب والتهديد بالقتل فى غياب الأمن. منذ عودتك لبنى سويف، هل اتصل بك أحد من المسئولين؟ لا طبعًا، حتى الآن لم يكلف مسئول نفسه بالاتصال بنا، وأعدادنا بالمحافظات كثيرة، ولا نعرف هل سيتم تعويضنا أم لا؟! وماذا فعلت طيلة الفترة الماضية؟ فى اليوم الثانى لعودتى نزلت أشتغل ميكانيكى علشان أقدر أصرف على نفسى وعلى أسرتى، فأنا متزوج وأعول أسرة مسئولة مني. وماذا تنوي أن تفعل في الفترة القادمة من أجل إعالة أسرتك؟ ليس أمامي إلا شيء واحد، وهو العودة إلى ليبيا، وأنا جهزت أوراقى للسفر خلال الأسابيع القادمة. كيف تعود الى ليبيا وأنت نجوت من الموت المحقق فى السابق؟ الخطر والخوف والتهديد بليبيا أهون علينا من العيش هنا، خاصة بعد تجاهلنا، وبعدين هنفضل هنا فى البلد هنبقى "عاطلين" وخلاص.. يبقى نسافر أحسن. ولكن أنت تعمل ميكانيكي، فكيف تكون عاطلاً؟ أنا أعمل ميكانيكي نعم، لكن باليومية، يوم آه وعشرة لأ، أما هناك رغم ظروف الحرب القاتلة، هناك عمل مستمر ويومي أقدر من خلاله الإنفاق على أسرتي. نعم هناك خطر الموت، لكن أيضًا هناك شغل، وأفضل أن أموت من أجل أكل عيشي في بلد آخر، على أن أحيا عاطلاً في بلدي.