كان حلمه الأخير هو إطلاق مؤسسة "خالد صالح للتنمية الثقافية والاجتماعية". الرحيل لم يمهله تحقيق الحلم، ولكنه بادر في العامين الأخيرين بتقديم الدعم المالي لعدد من المهرجانات والفعاليات الهامة، أبرزها مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، والدورة الأخيرة للمهرجان القومي للمسرح المصري الذي انتهت فعالياته قبل أيام . خالد صالح، لم يسع أبدا إلي أن يكون دعمه لهذه الأنشطة لهدف شخصي، بقدر حرصه علي استمرارها وعدم توقفها، وحث زملائه من الفنانين للمشاركة في دعم نشاطات الحركة الفنية والثقافية، خاصة في أزمات هددت تجميدها بعد سوء أحوال مؤسسات الدولة بعد ثورة يناير. كان خالد صالح، في طليعة الفنانين المصريين الذين شاركوا في ثورة يناير، ومن بعدها 30 يونيو، لم يترك تظاهرة أو مسيرة إلا وشارك فيها مع مختلف الأجيال، وكان داعما لكثير من الحركات الفنية الثائرة . في كل أحداث الوطن تسمع صوته متفاعلا ومنفعلا، أظهر حزنه الشديد على كل قطرة دم سقطت لشهيد مصري دون النظر لانتمائه، خالد يقول " أنا حزين وكلى أسى على كل شخص دفع حياته تمن، مهما كان انتمائه ماينفعش ننسى إننا كلنا مصريين"، ولكنه سرعان ماشعر بخيبة الأمل بعد مرور عامين من الثورة لأنها لم تحقق أهدافها وقال عنها فى ذلك الوقت "بتوع الثورة عايزين إيه.. وليه لسه ماحصلتش.. صبرنا كتير تعبنا كتير.. ولسه الناس مامشيتش.. شوارع سد ميدان مقفول، وزادت زحمة على زحمة.. لا حطت الزيت فى طبق الفول، ولا رخصت كيلو اللحمة.. ولسة كلنا بنشقى، ولسة كلنا غلابة.. مانابنا منها غير الغاز وصورة جنب دبابة.. هو إحنا ليه مابنشفش أبدا نصها المليان.. هو انت كنت تتصور السجن يبقى للسجان.. مفيش وزير ولا مسؤول هيفلت تانى بعد الجلسة.. لو رأيك مخالف قول ده حتى الكنبة بقت حزب.. معدش الخوف يغمينا، مفيش عيل هيورثنا يبعنا ويشترى فينا.. ماعدش المصرى بيطاطى خلاص صوته بقى مسموع.. ولو حاكم طلع واطى هيصبح عندنا مخلوع.. ولو كنا قبلنا زمان نعيش وظهورنا محنية.. أنا الثورة جابتلى ميدان ياموت ياعيش بحرية" خاطب خالد صالح، شباب الثورة وقال "اللى جاى مرهون بقدرتنا، لو حطينا تانى السكر فى الكباية من غير مانقلب المية عمرها ماهتتحلى، أنا خدت منكم الحماس خدوا أنتوا مننا الخبرة، الحرية أصلها إننا نبقى مرتاحين مش إننا كلنا نقول لأ، وبمنتهى الحب بعيب عليكوا إنكوا ماقدرتوش تأخدوا مننا الحكمة". وعن يوسف شاهين، قدم شهادته قائلا: "مفيش مخرج فى مصر عنده احترافية شاهيين اللى تجبرك إنك تحترم أدواتك كممثل، فأنا أعشق هذا الرجل". كان صالح، بعيدا عن ضجيج حياة الفنانين.. لا يحب أضواء الكاميرات كثيرا ولا يسعي إليها.. ويقول: "أنا بفضل دايما إن يكون وقتى ومجهودى لشغلى وأسرتى، فشغلى دايما بيخلينى أبعد عن أسرتى، علشان كده بستنى اللحظة اللى أخلص فيها شغلى علشان اجرى على البيت.. أنا أصلا عايش فى الدنيا علشانهم". وكان يرى دائما أن هناك أزمة حقيقة فى الأخلاق والمشاعر وقال "مش الأكل بس اللى بقي تيك أواى دى الأخلاق والمشاعر كمان بقوا تيك أواى". وعن المرض والموت قال: "عندى مشاكل فى القلب من زمان لكن عمرى ماعشت الحياة بسيكولوجية المريض، فهى بتخليك غير منجز فى عملك، فربنا خلقنا علشان نفضل نحاول والموت مش بإيدينا" واختتم كلامه عن الموت بقصيدة لفاروق جويدة قائلا: "يا الله. خبرنى رسول الله أين بدايتى ونهايتى، أترى أعيش العمر مصلوب المنى. أنا يارسول الله لم أعرف مع الدجل الرخيص حكايتى. ماذا أكون ومن أكون أمام قبر مدينتى. وأموت فى نفسى أموت. أنا يارسول الله أحيا كى أموت. قالوا بأن الموت موت واحد، وأمام كل دقيقة قلبى يموت".