مكتب العمل يحيل القضية إلى محكمة شبرا العمالية بعد بيعها في إطار سياسة الخصخصة، لم تتحمل الإدارة الجديدة لشركة الغازات الصناعية بقاء 29 عاملا هم كل من تبقى من عمال المصنع الذين أجبروا على الاستقالة، أوالخروج بنظام المعاش المبكر، أو النقل التعسفي لمصانع تتبع المالك الجديد بالإسكندرية، لتتغير معالم الشركة تحت إدارة "جالف كرايوا الغازات الصناعية" كليا، ولا يبقى بها سوى أطلال مما كان سابقا القطاع العام. فبعد امتناع الإدارة عن جلب الخامات اللازمة لتدوير عجلة الإنتاج التي لم تكن في السابق تتوقف على مدار 3 ورادي، اتبعت أسلوب "التطفيش" تسهيلا لتصفية الشركة والاستيلاء على المال العام، كما ورد بتقرير الرقابة الإدارية –الذي سبق أن نشرته "البديل"- بدأت محاولات نقل العاملين بمصنع أسياخ اللحام (أحد مصانع الشركة) إلى مصانع خاصة تابعة للمستثمر بالإسكندرية، فتم تسريح وفصل أكثر من 600 عامل ولم يتبق سوى هؤلاء ال29 عاملا، وعنبر صغير يسمى مصنع أسياخ اللحام، ورغم ذلك يتعسف معهم ملاك الشركة الجدد لإجبارهم على الإذعان بالنقل تمهيدا لفصلهم. إبراهيم أحمد، أحد العاملين بمصنع أسياخ اللحام، يلخص الحال الذي وصل إليه العمال، موضحا أن مكتب العمل أحال قضيتهم لمحكمة شبرا العمالية، بعدما سلكوا الطرق الشرعية والقانونية وتقدموا بالشكاوى اللازمة لمنع قرار النقل الذي لم يستجب له أحد، وهم الآن مهددون بالفصل النهائي. "البديل"، حصلت على صورة من قرارات إدارة الشركة بالنقل الإجباري لعمال المصنع بالكامل وتهديدهم بالفصل حال رفض تنفيذ القرار، بحجة مواجهة الظروف الاقتصادية التي تمر بها الشركة وما يقتضيه صالح العمل والعاملين، وتشمل تكليف العاملين طبقا لخبراتهم الفنية بالعمل وردية إنتاج بالإسكندرية لمدة 15 يوما متصلة شهريا، وذلك على مجموعتين بالتناوب. وقد حصلت "البديل" على نسخة من القرار الذي تحذر فيه إدارة الشركة جميع المخاطبين من عدم تنفيذ التعليمات واعتبار ذلك مخالفة إدارية وامتناعا عن العمل، الذي يعد بدوره بمثابة استقالة ويعطي الشركة الحق في اتخاذ كافة الإجراءات في هذا الشأن. وعبر العاملون في مذكرة رسمية عبر لجنتهم النقابية والنقابة العامة للمسؤولين عن تمسكهم بالعمل داخل مصنع أسياخ اللحام طبقا لعقد البيع المبرم بين الشركة القابضة للصناعات الكيماوية وبين المستثمر الأصلي إبراهيم إسماعيل حيدو، واشتراطها عدم نقل العاملين بالشركة إلى أي جهة أخرى إلا داخل إحدى الفروع بالقاهرة، وطالبوا بالتزام الشركة بالمادة 9 بعقد البيع. علي رمضان، عضو اللجنة النقابية، قال ل"البديل": وصل الأمر أنهم يريدون نقلنا إلى القطاع الخاص في الشركة التي يملكها صاحب المصنع الجديد، واحنا عمال قطاع عام، مضيفا أن الإدارة علقت رواتبهم حتى يخضعوا لطلبات الشركة، إما بالعمل لدى الشركة السويدية بالإسكندرية عن طريق الندب أو النقل أو المأموريات وإما بالاستقالة. وقال إبراهيم أحمد، أحد العمال: "مين هيسيب بيته ويروح اسكندرية ويبقى قطاع خاص، وبدون أي امتيازات أو تعويض أو بدل انتقال أو سفر؟". وأضاف يحيى إبراهيم، أحد العمال: أنا في المصنع منذ 32 سنة، وأسرتي عددها 11 فردا، ولا أعلم كيف أوفي مطالبهم، ولا أستطيع السفر إلى الإسكندرية، مؤكدا "حتى مرتباتنا أكلوها علينا طب هأكل عيالي طوب؟". فيما تساءل عامل آخر: أين المسؤولون الذين باعو المصانع بحجة التطوير والتحديث؟ وهل باعوها بهدف تشريد العمال وأهاليهم؟، هل من العدل أن يأتي علينا الوقت لا نجد فيه حتى رواتبنا، بعد تنازلنا عن الأرباح وكافة امتيازاتنا؟. كانت الأزمة قد بدأت في الظهور عندما توقف مصنع أسياخ اللحام وهو الوحيد الباقي، وعرض على العاملين نقلهم لمصانع المالك الجديد بالإسكندرية، ونقل المصنع بكامل وحداته، وبالفعل تم تفريغ جميع المخازن من الإنتاج والخامات، وفك بعض الأقسام مثل الاستعدال والبودرة والعجن، والورش، ولم يتبق سوى وحدة الإنتاج فقط التي لم تنقل هي والعاملون الذين رفضوا النقل، وعاد المصنع للعمل ولكن بشكل ضعيف، ووقت حاجة مالك الشركة فقط لتجديد التراخيص. جدير بالذكر أن الشركة تأسست عام 1928، وفي عام 1957، أنشئت شركة الغازات الصناعية بصورتها الحالية بعد تأميمها كشركة مساهمة مصرية، وافتتحها الزعيم جمال عبد الناصر، وكانت رائدة في إنتاج الغازات الصناعية (أكسجين ونيتروجين وأسيتلين وأكسيد نيتروز وثانى أكسيد الكربون) إضافة إلى إنتاجها من الأزوت السائل ومستلزمات اللحام، إلى أن تمت خصخصتها عام 2001 في عهد عاطف عبيد، رئيس الوزراء وقتها.