جاء اقتراح المعارض السوداني «الصادق المهدي» بخروج سلس للرئيس عمر البشير وعدم تمديد حكمه المستمر منذ 25 عامًا في ظل ترشح البشير لفترة رئاسية أخري وسط مؤشرات تتحدث أن هذا الاقتراح لا يأخذ في الاعتبار الداخلي ولا الخارجي ، بعدما عزز البشير سيطرته على جميع المفاصل السياسية بالدولة. وفي هذا السياق يقول دكتور أيمن شبانه أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة تعليقًا على مبادرة المهدي أن الرئيس السوداني لم يكن يقبل على خطوة الترشح ألا عندما ضمن تهيئة الأوضاع السياسية في الداخل والخارج لمصلحة استمراره في السلطة مشيرًا إلي التغيرات التي أجراها الرئيس البشير في العام الماضي بخروج الحرس القديم والمتمثل في مساعد الرئيس للشئون الحزبية «نافع على نافع »ونائبه الأول «على عثمان»، واستبدالهم ب «بكرى حسن صالح » أحد القياديين من جبهة الأنقاذ من عام 1989 والذي ينتمي إلى المؤسسة العسكرية وبالتالي ضمن ولاء المؤسسة العسكرية له ، مع تعيين «حسبو محمد عبد الرحمن» نائب للرئيس وهو من القبيلة الرزيقية يعني ذلك تحالف قبيلة الجعلين التي ينتمي إليها الرئيس مع الرزيقية أكبر قبائل السودان . وأضاف شبانه في تصريحات ل«البديل» أن البشير كان له السيطرة على الحوار الوطني عندما أعلن عنه في خطاب الوثبة في فبراير الماضي ، من خلال التحكم في جدول أعمالة حتى قدم مفاجأة وأعلن عن ترشحه للرئاسة السودانية ، وذلك في ظل معارضة متشرذمة ومشغولة بقبول الحوار من رفضه مثل الأمة والحزب الاتحادي والمؤتمر الشعبي ، بجانب كل ذلك عمل البشير على التقارب مع الترابي في خطوة مهمة جدًا لم تحدث منذ 1991 . وأوضح شبانه أن البشير لم يكتفي بذلك واتجه أيضًا إلى الدعم الخارجي بعد الحصار المفروض علية إقليميا ودوليًا عن طريق الاتجاه لدول الخليج ومغازلته لهم من خلال غلق المراكز الثقافية الإيرانية في السودان والسعي إلى تهدئة التوتر مع مصر بزيارته الأخيرة إلى القاهرة. وأكد شبانه أنه بموجب هذه التغيرات بات البشير نفسه متأكدًا أن هو الرئيس القادم للسودان في مقابل معارضة سودانية ضعيفة، وذلك بعدما أصبح المؤتمر الشعبي بقيادة الترابي في صف البشير معلنًا أن الحوار سيؤدي إلى حلة الوضع والاستقرار السوداني، بالاضافة إلى القيود المفروضة داخيًا وخارجيًا على حزب الأمة المحسوب على المعارضة السودانية وزعيمها «الصادق المهدي» من ممارسة نشاطه الحزبي والسياسي بعدما أعلن تحالفه مع القوى الثورية في إعلان باريس . وحول أن ترشح البشير من شأنه أن يحل الوضع الاقتصادي والسياسي قال دكتور شبانه أن نظام البشير قائم منذ عام 1989 ولم يفي بتعهداته البراقة التي يطلقها مرارًا وتكرارًا ولم يقدم حلول اقتصادية ولا اجتماعية من شانها أن ترفع مستوي معيشة الفرد السوداني ولكن هناك تخوفات لدى الشعب السوداني بأن تصبح السودان مثل العراق وسوريا وليبيا مؤكدًا أن الشعب السوداني يفضل أن يعيش تحت حكم ديكتاتوري غير قابل للإصلاح أفضل من يعيش تحت حكم جماعات وميلشيات مسلحة. من جانبه قال المعارض السوداني خليل محمد سليمان إنه «يتوقع أن تكون المبادرة التي طرحها صادق المهدي للاستهلاك أكثر من كونها جادة تسعي إلى توافق القوى السياسية بالسودان مؤكدًا أن البشير هو المعضلة الأساسية في السودان وهو المحور الرئاسي للنظام إذ تخلى عنه سيسقط بأكمله. وأضاف سليمان في تصريحات خاصة ل«البديل» أن البشير لا يقتنع بأي مبادرات ولا توافقات، مضيفًا أن هذه المبادرة لا يكون لها رد فعل من النظام ولا المجتمع الدولي ، مؤكدًا أن النظام الدولي لا يعنيه الشعب السوداني وما يختاره، كما أنه يري في حكم البشير تحقيق مصالحة السياسية والاقتصادية. ورفض سليمان ترشح حزب المؤتمر الوطني الرئيس السوداني عمر البشير مرة أخرى لأن من شأنه أن يزيد التوترات في مناطق النزاع في السودان.