عيار 21 بكام.. استقرار سعر الذهب الاثنين 20 مايو 2024    سعر الدولار اليوم في البنوك ومكاتب الصرافة    تراجع الفائض التجاري لماليزيا خلال أبريل الماضي    البنك المركزي الصيني يضخ ملياري يوان في النظام المصرفي    التليفزيون الإيرانى يعلن مصرع الرئيس إبراهيم رئيسى ورفاقه فى تحطم مروحية    رحل مع رئيسي.. من هو عبداللهيان عميد الدبلوماسية الإيرانية؟    جوميز: هذا هو سر الفوز بالكونفدرالية.. ومباراة الأهلي والترجي لا تشغلني    طلاب الشهادة الإعدادية في الدقهلية يؤدون اليوم امتحان العلوم والكمبيوتر    اليوم.. محاكمة طبيب نساء شهير لاتهامه بإجراء عمليات إجهاض داخل عيادته بالجيزة    نجمات العالم في حفل غداء Kering Women in Motion بمهرجان كان (فيديو)    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 20 مايو    اليوم| استئناف المتسبب في وفاة الفنان أشرف عبدالغفور على حكم حبسه    أسعار اللحوم والدواجن والبيض اليوم 20 مايو    عمر كمال الشناوي: مقارنتي بجدي «ظالمة»    أول صورة لحطام مروحية الرئيس الإيراني    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: اليمين المتطرف بإسرائيل يدعم نتنياهو لاستمرار الحرب    فلسطين.. شهداء وحرجى في سلسلة غارات إسرائيلية على قطاع غزة    ما حكم سرقة الأفكار والإبداع؟.. «الإفتاء» تجيب    خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    معوض: نتيجة الذهاب سبب تتويج الزمالك بالكونفدرالية    محمد عادل إمام يروج لفيلم «اللعب مع العيال»    مصدر أمني يكشف تفاصيل أول محضر شرطة ضد 6 لاعبين من الزمالك بعد واقعة الكونفدرالية (القصة الكاملة)    محمد صلاح: سعيد بتتويج الزمالك بالكونفدرالية.. وقولت للحاضرين الأبيض حسم اللقب بعد هدف حمدي    سقطت أم أُسقطت؟.. عمرو أديب: علامات استفهام حول حادث طائرة الرئيس الإيراني    اتحاد الصناعات: وثيقة سياسة الملكية ستحول الدولة من مشغل ومنافس إلى منظم ومراقب للاقتصاد    الهلال الأحمر الإيراني: فرق الإنقاذ تتوجه لمكان يوجد فيه رائحة وقود    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: دور مصر بشأن السلام في المنطقة يثمنه العالم    وسائل إعلام رسمية: مروحية تقل الرئيس الإيراني تهبط إضطراريا عقب تعرضها لحادث غربي البلاد    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    دعاء الحر الشديد كما ورد عن النبي.. اللهم أجرنا من النار    طريقة عمل الشكشوكة بالبيض، أسرع وأوفر عشاء    بسبب أزمة نفسية.. دفن جثة سوداني قفز من الطابق الثالث بالشيخ زايد    الشماريخ تعرض 6 لاعبين بالزمالك للمساءلة القانونية عقب نهائي الكونفدرالية    أول رد رسمي من الزمالك على التهنئة المقدمة من الأهلي    اليوم.. علي معلول يخضع لعملية جراحية في وتر أكيليس    استشهاد رائد الحوسبة العربية الحاج "صادق الشرقاوي "بمعتقله نتيجة القتل الطبي    قبل إغلاقها.. منح دراسية في الخارج للطلاب المصريين في اليابان وألمانيا 2024    الإعلامية ريهام عياد تعلن طلاقها    لبيب: نملك جهاز فني على مستوى عال.. ونعمل مخلصين لإسعاد جماهير الزمالك    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    مصدر أمني يكشف حقيقة حدوث سرقات بالمطارات المصرية    جريمة بشعة تهز المنيا.. العثور على جثة فتاة محروقة في مقابر الشيخ عطا ببني مزار    تعرف على أهمية تناول الكالسيوم وفوائدة للصحة العامة    كلية التربية النوعية بطنطا تختتم فعاليات مشروعات التخرج للطلاب    الصحة: طبيب الأسرة ركيزة أساسية في نظام الرعاية الصحية الأولية    نقيب الأطباء: قانون إدارة المنشآت الصحية يتيح الاستغناء عن 75% من العاملين    اليوم.. محاكمة 13 متهما بقتل شقيقين بمنطقة بولاق الدكرور    ارتفاع كبير في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 20 مايو 2024    حتى يكون لها ظهير صناعي.. "تعليم النواب" توصي بعدم إنشاء أي جامعات تكنولوجية جديدة    حظك اليوم برج الدلو الاثنين 20-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    منسق الجالية المصرية في قيرغيزستان يكشف حقيقة هجوم أكثر من 700 شخص على المصريين    أيمن محسب: قانون إدارة المنشآت الصحية لن يمس حقوق منتفعى التأمين الصحى الشامل    تقديم الخدمات الطبية ل1528مواطناً بقافلة مجانية بقلين فى كفر الشيخ    عالم بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.منذر سليمان: هل تبدأ تعديلات الاستراتيجية من البوابة التركية
نشر في البديل يوم 12 - 10 - 2014


تواضع حصاد الغارات الجوية
هناك إجماع شبه تام بين القادة العسكريين والسياسيين الأميركان بأن الغارات الجوية ضد مواقع الدولة الاسلامية أسفرت عن نتائج متواضعة لا تذكر، بعد "مضي 60 يوما على حرب الائتلاف الأميركي الجوية ضد داعش" الذي يعزز مواقعه ويحقق إنجازات على الأرض، في سوريا والعراق، وأصبح على بعد نحو 10 كلم من محيط مطار بغداد الدولي، كما أكدت شبكة سي بي اس الاميركية، واحتل بعض أحياء مدينة عين العرب السورية.
دخول داعش مدينة عين العرب ينذر "بمجزرة رهيبة قادمة،" كما يحذر الزعماء الاكراد ويرون ان داعش ستقدم على "الفتك بنحو 5,000 مدني خلال 24 – 36 ساعة" من دخوله المدينة، والتي ستتفوق بشاعتها على المجزرة السابقة للأقلية الأيزيدية في العراق.
شبكة (سي إن إن) وصفت تواضع الانجازات "الغارات الجوية للائتلاف دمرت دبابتين لداعش، وجرافة وعربة عسكرية أخرى." هزالة الانتصارات أضحت مصدر تندر عند معظم وسائل الإعلام، إذ قالت يومية "انفستر بيزنس ديلي،" لشؤون الاستثمار والأموال، ترسل اميركا "مقاتلات متطورة باهظة الثمن لاطلاق اسلحة موجهة بالليزر لاصطياد جرافات ثابتة. امر مثير للشفقة."
حرب مفتوحة لمدة 30 عاما:
أضحت استراتيجية الرئيس أوباما، لتقويض واحتواء داعش، أثرا بعد عين، كما وصفتها صحيفة "الاندبندنت" البريطانية، ونالت قدرا واسعا من الانتقاد من كافة الأطياف السياسية، مؤيدين ومعارضين، كان آخرهم وزير الدفاع الأسبق ليون بانيتا. في كتابه الصادر حديثا، "معارك جديرة،" شن بانيتا سلسة انتقادات لسياسة أوباما في العراق وسورية والتي أدت الى بروز الدولة الإسلامية، كما أفاد.
تنبأ بانيتا بحرب طويلة تشنها الولايات المتحدة "ضد الإرهاب" تمتد لثلاثة عقود، خلافا للسنوات الثلاث التي وعد بها الرئيس اوباما. وقال في تصريح لصحيفة "يو اس ايه تودايه،" 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري: "أعتقد أننا أمام حرب مدتها 30 عاما .. والتي ستمتد بالضرورة لتشمل مناطق ابعد من تلك المسيطر عليها من داعش وتتضمن تهديدات بارزة في نيجيريا والصومال واليمن وليبيا ومناطق اخرى." بعبارة موجزة يعدنا "الناطق بلسان معسكر الحرب" بحرب مفتوحة الافاق الزمنية والمكانية؛ سياسة اميركية خارجية عمادها الرئيس حروب مفتوحة "تدر ارباحا طائلة على شركات الاسلحة نظرا لارتفاع ملحوظ في النزاعات العسكرية عبر العالم."
المستفيد الأكبر من الحرب المفتوحة هي "صناعات القذائف والصواريخ وطائرات الدرونز واسلحة اخرى تستخدمها الولايات المتحدة لاستهداف مقاتلي الدولة الاسلامية في سورية وفي العراق،" كما نقلت شبكة "بلومبيرغ" الاخبارية عن شركة لوكهيد مارتن، 7 تشرين الاول الجاري. واشارت الشبكة ايضا الى استخدام مقاتلي داعش اسلحة وذخيرة اميركية الصنع، مما يسيل لعاب تلك الشركات التي تزود كافة الاطراف المنخرطة في "صراع مفتوح الاجل .. يغيب فيه تحديد ملموس للطرف العدو وتبرير لا ينضب للحرب."
في معرض تفسير قصور الغارات الجوية قالت صحيفة "واشنطن بوست،" وما تمثله من قوى ومصالح، والتي اسفرت عن نتائج "شبيهة بالحملة الجوية ضد طالبان عام 2002،" أوضحت أن الفارق الأساس بين التجربتين يكمن في طبيعة سلاح الجو "اذ ليس بوسع اطقم المقاتلات الاميركية الاعتماد على استطلاع القوات الخاصة لتحديد الاهداف، في ظل استبعاد الرئيس اوباما نشر مثل تلك القوات براً على الرغم من طلب القادة العسكريين بذلك."
أميركا قلقة ايضا من سرعة اندفاع "داعش" نحو بغداد وتمركزه على تخومها بمسافات قصيرة تمكنه من استهداف المطار الدولي بقذائف المدفعية، مما دفع وزارة الخارجية مؤخرا لطمأنة الشعب الاميركي بخطل الانباء التي تحدثت عن تعرض "المنطقة الخضراء" الى قصف بقذائف الهاون من قبل داعش. بيد ان التنظيم توسع واستقر في مناطق اخرى من العراق، منذ الاعلان عن بدء الغارات الجوية، شملت مدينة هيت على ضفاف نهر الفرات، ومحاصرته لمناطق مجاورة في الرمادي عاصمة محافظة الانبار.
الغارات الجوية "للإئتلاف" كانت نتائجها "عقيمة تماما،" على الرغم من الحملة الإعلامية المكثفة لترويجها. وأقرت وزارة الدفاع الاميركية ضمنيا بفشل الغارات الجوية في العراق من تحقيق أغراضها بإعلانها عن إدخال طائرات الأباتشي المروحية لساحة القتال كعنصر اضافي يعزز المرونة في شن العمليات العسكرية، مما حدى ببعض الساسة والمعلقين القول ان استدخال الاباتشي يؤشر على تعاظم نية الادارة نشر قوات برية بصيغة اخرى.
إعادة تصويب الاستراتيجية
في العرف الأميركي من النادر أن يقوم رئيس الدولة بزيارة وزارة الدفاع إذ يلتقي بالقادة العسكريين والأطقم الداعمة لهم في مكتبه بالبيت الأبيض. بيد ان الرئيس اوباما اعلن مسبقا منتصف الأسبوع الجاري عن نيته التوجه للبنتاغون والتحدث مباشرة مع قادة القوات والقادة الميدانيين؛ الأمر الذي يدل على توفر النية لديه لادخال بعض التعديلات على استراتيجيته المعلنة ضد الدولة الاسلامية، سيما والزيارة تمت في ظل تنامي مطالب قطاعات مختلفة بالنظر في ادخال قوات برية تعوّض قصور انجازات الحملة الجوية.
أوباما، ومع حلول موسم الانتخابات النصفية والتحالفات الحادة، يحسب كل خطوة يمكنه الاقدام عليها ويضعها في ميزان تفاعلاتها وتداعياتها مع ارتفاع او انخفاض نسبة شعبيته، وبالتالي مرشحي حزبه الديموقراطي. في هذا الاطار، رفض الرئيس اوباما في شهر ايار الماضي طلب رئيس الوزراء العراقي آنذاك، نوري المالكي، لطائرات الدرونز او المقاتلات الاميركية شن غارات على مواقع داعش بعد ان نال تأييد قائد القيادة المركزية، لويد اوستن. اهمل الرئيس اوباما الطلب لعدم اقتناعه بالمردود السياسي.
تنامى الضغط الداخلي من القادة العسكريين والساسة واعضاء الكونغرس "للنظر بخيار نشر قوات برية" مما اوعز اوباما لارسال اشارات تدل على نيته اتخاذه اجراءات وتدابير مغايرة لسياساته المعلنة. اما وزارة الخارجية، بطبيعتها وتفضيلها التحرك الديبلوماسي، فقد رفضت الخيار العسكري المنشود، وصرح وزير الخارجية جون كيري في منتصف الاسبوع ان "الحيلولة دون سقوط مدينة كوباني السورية بايدي الدولة الاسلامية لا يعد هدفا استراتيجيا للولايات المتحدة،" في تباين واضح مع سلفه هيلاري كلينتون التي كانت تحبذ استخدام القوة لدى استعصاء الحلول السياسية.
وحث كيري جميع الأطراف الأميركية المعنية "باتخاذ خطوة تراجعية بغية استيعاب الهدف الاستراتيجي .. لمراكز التحكم والسيطرة والبنى التحتية للدولة الاسلامية، وحرمانها القدرة على شن هجمات ليس في كوباني فحسب، بل في عموم الأراضي السورية وامتدادا الى العراق."
ولفت كيري النظر الى تعاطفه مع فكرة "انشاء منطقة عازلة بين سورية وتركيا .. انها فكرة جديرة للاخذ بها بعين الاعتبار .." بالمقابل، يسعى "حلفاء" اميركا من الدول الاوروبية استدراج الرئيس اوباما لنيل موافقته على المنطقة العازلة، كما جاء على لسان الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند.
وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، ايضا ايدها بحذر قائلا "ينبغي بحثها مع حلفائنا وشركائنا" والاستقرار على مفهوم موحد لما تعنيه المنطقة العازلة "بيد انني لا استثني ذلك في المرحلة الحالية."
يرتكز الجدل داخل الأوساط الأميركية على التدابير التي بوسع الولايات المتحدة اتخاذها لانقاذ مدينة عين العرب – كوباني، وحيثيات الاستراتيجية التي يمكن ان يقدم عليها الرئيس اوباما لوقف اندفاع وتمدد داعش. ليس بوسع اميركا الآن او في المدى المنظور استخدام قواتها البرية في حرب اخرى بعد النتائج الكارثية لسياساتها في افغانستان والعراق، التي لا يزال يتردد صداها في اذهان الشعب الاميركي الرافض لمزيد من الانخراط العسكري الفاعل في مناطق اخرى.
وعليه، الخيار المتوفر للولايات المتحدة يستند الى حشد وتدريب قوات محلية للتصدي لداعش، الامر الذي سيستغرق فترة زمنية طويلة نسبيا؛ وربما هذا بالضبط ما يمكننا استخلاصه من تصريح ليون بانيتا بالحرب المفتوحة "ولمدة 30 سنة."
عقبات عدة تعترض نضوج قوات الجيش العراقي، الذي راهنت عليه اميركا طويلا، لاستلام زمام الامور والتصدي لداعش بغية استعادة سيطرة الدولة على مدينة الموصل. جاء ذلك على لسان منسق الائتلاف الدولي، الجنرال جون آلان، لصحيفة نيويورك تايمز مطلع الاسبوع الجاري موضحة ان ذلك "يدل على التحديات الهائلة التي تواجهها القيادة العسكرية العراقية وشركائها الدوليين كذلك."
تطمح الولايات المتحدة الى "انشاء جيش سوري جديد" بديل لكل التشكيلات المسلحة الحالية، بما فيها الجيش الحر، قوامه 15,000 عنصر ينبغي التدقيق في خلفية وولاء كل منهم على حدة، والذي سيوكل بمهمة "القوات البرية" البديلة عن القوات الاميركية، ويتطعم بالعقيدة القتالية الاميركية، كما ورد على لسان القادة العسكريين في البنتاغون. تدريب وتسليح العناصر سيستغرق نحو 12 شهرا، في المعدل، يتم اعدادها لمرحلة لاحقة.
أما في المرحلة الراهنة فإن الطرف المرشح للاسهام بقوات برية، كما ترغب البنتاغون، فهو تركيا التي يدخل في حساباتها الاعتبارات الاقليمية والتوازنات الدقيقة، والتي لحد اللحظة لم تتجاوز اجراءاتها التصريحات الكلامية. وكما اشرنا سابقا، فان الاهداف الاميركية والتركية غير متطابقة بالكامل فيما يتعلق بسورية بعد مضي قرابة اربعة اعوام على الصراع المسلح. هدف تركيا الرئيس "اسقاط الرئيس الاسد،" اما الولايات المتحدة فقد اثبتت الوقائع السياسية والميدانية ترجعها عن هذا الهدف واعلاء "تقويض الدولة الاسلامية" في المرتبة الاولى. كما ان الولايات المتحدة لا تمانع قيام كيان كردي في المناطق السورية، مما يثير ذعر انقرة التي ترفض رفضا مطلقا اي تعبيرات او تجليات تؤكد على الهوية الكردية.
الرئيس التركي أردوغان أعلن مرارا رغبته بانشاء "منطقة عازلة" داخل الأراضي السورية وفرض حظر الطيران في اجوائها كشرط مسبق لدخول قوات برية تركية ارض المعركة. كما يبدي ارتياحا بينا لسقوط مدينة عين العرب الحدودية باغلبيتها الكردية في ايدي الدولة الاسلامية دون ان يحرك ساكنا.
الجانب الأميركي يعتبر اشتراط أردوغان تبريرا لعدم دخول تركيا النشط، إذ أن الغارات الجوية فوق مدينة كوباني أدت الى حظر حركة الطيران السورية هناك. وعلق مسؤول رفيع المستوى في البيت الابيض لصحيفة نيويورك تايمز على تردد تركيا بأنها "تخلق اعذارا لعدم المبادرة وتفادي كارثة انسانية اخرى." واضاف موبخا انقرة "هذا التصرف لا يعكس آلية عمل حليف للناتو بينما تفتح ابواب الجحيم على بعد مرمى حجر من حدوده."
اقتصر دور تركيا الفعلي، في المرحلة الراهنة، على الانضمام لجهود الائتلاف حرمان الدولة الاسلامية من عائداتها المالية، اذ تعبر شاحنات نقل النفط الاراضي التركية وتصدر عبر موانئها ايضا. وقد فرضت حجرا على استخدام داعش الاراضي التركية، كما اوردت وسائل الاعلام المختلفة، وفرضت قيودا اخرى للحد من قدرة داعش شراء ذخيرة وقطع غيار للمعدات الثقيلة التي استولى عليها.
لجأ اكراد تركيا الى التظاهر والاحتجاج في المدن الرئيسة تنديدا باغلاق تركيا المنافذ الحدودية مع مدينة عين العرب – كوباني المهددة بالسقوط، ومنعت الامدادات البشرية والمتطوعين من الهبة لنجدة اقرانهم عبر الحدود. استخدمت الحكومة التركية قوات الشرطة والجيش للتصدي وقمع الاحتجاجات مما ادى لسقوط ما لا يقل عن 19 قتيلا وجرح 145 في المظاهرات التي عمت الاراضي التركية، وفرضت حظر التجول على مدن ماردين وسييرت وباتمان وفان.
تجلت تداعيات أزمة كوباني في انخفاض قيمة الليرة التركية سبقتها تخفيض مكانة الاقتصاد التركي من قبل الشركات المالية الاميركية، الأمر الذي اثار قلق المستثمرين الاجانب وكذلك هاجس تدخل تركيا في سورية. توفر السيولة المالية العالمية امر حيوي للاقتصاد التركي، نظرا لنسبة العجز العالية في ميزان المدفوعات والذي "تضطر" الحكومة التركية للاقتراض من الاسواق العالمية مرة تلو اخرى لتغطية نفقاتها. نائب رئيس الوزراء التركي، علي بابكان، اقر في 8 أكتوبر/تشرين الأول ارتفاع معدل التضخم في الاقتصاد التركي الى نسبة 9.4%، بما يقرب من ضعف التوقعات السابقة بنسبة تضخم 5.3% للعام الجاري.
أحد المخارج للحكومة التركية يكمن في عدم قيامها بالتدخل وتأزيم الاوضاع الاقليمية، وهو ما قد يلجأ اليه الرئيس اردوغان وحكومته للتكيف مع مطالب المؤسسات الاقتصادية الكبرى في البلاد. ان امتنعت تركيا عن المشاركة الفعالة في التصدي لداعش عسكريا فما يتبقى هو خيار الغارات الجوية واستمرارها للدول المشاركة في الائتلاف، وربما بعض العمليات الموكلة للقوات الخاصة القيام بها.
خيارات الرئيس أوباما:
يتضمن الاستعراض السابق بعض العوامل الضاغطة والتي تدفع بالرئيس اوباما اعادة النظر في استراتيجيته المعلنة وادخال تعديلات مطلوبة، سيما لادراكه تنامي معارضة الشعب الاميركي لسياساته المعلنة عززها حادث جز عنق امرأة اميركية في ولاية اوكلاهوما مؤخرا. الأمر الذي يستدعي بلورة سياسة اوضح نحو داعش تسهم في تراجع التهديد الارهابي للداخل الاميركي وللحلفاء ايضا.
لا تبدي المؤسسة الحاكمة حماسا لانخراط قوات برية اميركية، كما اسلفنا، مما يستدعي الرئيس اوباما تقديم بعض التنازلات لارضاء تركيا تتضمن تطبيق محدود لمنطقة عازلة، مقرونة ببعض الاجراءات لمنطقة محدودة لحظر الطيران، وربما تجديد التزامه باسقاط الدولة السورية والرئيس الاسد. ويبدو ان التفاهم الذي توصل اليه الجنرال الاميركي المنسق للتحالف مع الجانب التركي حول تدريب وتسليح ما يسمى بالمعارضة السورية المعتدلة يشكل حلا مُرضيا وسطيا يؤجل التباين حول ترتيب الاولويات في المسرح السوري.
تردد العامل الاميركي في الائتلاف، برفد قوات برية مهمتها تطبيق الاهداف المعلنة، يضاعف الاعتماد على قوات الجيش التركي، مع الاخذ بعين الاعتبار تباين اهداف الطرفين المباشرة، وعدم نضوج تشكيلات قوات المعارضة ودخولها كعامل مساعد. الأمر الذي يقود الى الاستنتاج بأن الازمة ستطول وربما لن تسير على هوى الرغبات الاميركية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.