أرض الفيروز، أرض الأنبياء، ألقاب عرفت بها أرض سيناء، تلك الأرض التى تتباهى، بكون موسى سار على رمالها، الأرض التي وقعت تحت قبضة الاحتلال الإسرائيلي، بعد نكسة 1967م، حيث احتلت إسرائيل مدينة العريش، ثم واصلت إسرائيل احتلالها للمدن السيناوية، ولكن الإرادة المصرية لم تنهزم فجاءت حرب أكتوبر المجيدة لتنتصر على إسرائيل وتستعيد أرض سيناء تدريجيًا. وعلى الرغم من أن سيناء كانت مسرح الأحداث السياسية والحربية في حرب أكتوبر، وعلى الرغم من المعاهدات التى وقّعت، إلا أنه بعد 41 عاما من حرب أكتوبر مازالت سيناء تعاني من تهميش هي وأهلها وكأنها أرض منفصلة عن مصر ، وخاصًة لما تمثله سيناء من خطر كبير لوجود عدد من البؤر الإرهابية والجهادية. فلو كانت الجماعات الإرهابية قد وجدت في سيناء تربة خصبة، ولو استطاع شيوخ الوهابية التوغل في عقول السيناوية، فإن ذلك لم يحدث إلا نتيجة قرون من التهميش والإهمال . وحول ما تعاني منه سيناء بعد أعوام من حرب أكتوبر ، قال دكتور محمد سيف الدولة، الباحث السياسي، إن كل ما يحدث في سيناء، أعراض جانبية لمرض واحد منذ زمن قديم، الجميع يعلمونه ويتحاشون ذكره، هو القيود العسكرية والأمنية المفروضة في معاهدة السلام والتي تحول دون انتشار قواتنا المسلحة على كامل التراب الوطني في سيناء المجروحة سيادته عسكريا وأمنيا. وأكد "سيف الدولة " على الرغم من أن مصر حققت انتصارا كبيرا في حرب أكتوبر إلا أن سيناء عانت من تهميش على مدار 30 عاما في حكم مبارك، وبقيام الثورة لم يهتم الرؤساء الجدد بأهلها، وبالتالي كان من الطبيعي انتشار الجماعات الإرهابية في تلك المنطقة. وأشار إلى أنه لابد النظر إلى سيناء بعين مختلفة عن ذي قبل، مشيرا إلى الظلم الواقع عليها من النظم السياسية السابقة التي أساءت إلى سيناء كمنطقة قبل الإساءة إلى السيناويين والبدو، عندما اتهموا بالخيانة والعمالة لإسرائيل. من جانب آخر أكد العقيد أركان حرب حاتم صابر، القائد السابق بوحدات الصاعقة، أن الوضع اليوم في سيناء يختلف عن وقت حرب أكتوبر، فبعد مرور أكثر من 41 عام على حرب اكتوبر فإن حال سيناء أصبح أفضل بكثير من ذي قبل، مشيرًا إلى أن ما يحدث من هجمات بسيطة إرهابية في سيناء بواسطة عبوات ناسفة محلية الصنع نوع من الإفلاس بعد أن قام الجيش بتجفيف منابع التمويل بشكل شبه كامل. وأضاف "صابر" أن تحسين الوضع الأمني في سيناء يتوقف على تغير معاهدة السلام لصالح مصر ، مشيرًا إلى أن سيناء وفقا لاتفاقية كامب ديفيد مقسمة من الناحية الأمنية إلى ثلاثة أقسام سميت من الغرب إلى الشرق بالمناطق ( أ ) و ( ب ) و (ج )، ويعتبر القسم الأخير والقريب من الحدود والذي يمتد حتى 20 إلى 40 كم، هو الأكثر خطورة، حيث يضم الشريط الحدودي كله ولا يتواجد به سوى القوات متعددة الجنسيات وبعض أفراد الشرطة المدنية وأوضح أنه في حال تعديل اتفاقية السلام فيكون "ج " هي منطقة ذو توزيع آخر، موضحًا أن ما يحدث فى سيناء بسبب الكيان الصهيوني وتلك المعاهدة . من جانبه قال اللواء محمد عبد الفتاح عمر الخبير العسكري، إن سيناء عانت من تهميش على مدى عقود، بسبب تلك الاتفاقية المعيبة التى تعرف ب "ألسلام "، مشيرًا إلى أن سيناء جزء غال من مصر لم نستطع التخلي عنه لانها الارض التى تحملت كافة الحروب المصرية بداية من دخول الهكسوس مصر وحتى الكيان الصهيوني. . وأكد"عبد الفتاح" أن الحالة الأمنية لسيناء في الوقت الحالي جاءت نتيجة التهميش من قبل الدولة لأهاليها ومشايخها، مطالبًا أن يكون هناك نقاط لحوار بين الأطراف كافة من أجل الحصول على سيناء كاملة وعدم تهميشها تحت أي مسمى.