الحصانة البرلمانية هي نوع من الحماية القانونية والسياسية التى تكفلها الدساتير لنواب الشعب؛ كى يتمكنوا من عرض أفكارهم كاملة في البرلمان دون خوف من تأثير السلطة التنفيذية. وفي الواقع يتمتع النواب بحصانة مزدوجة إحداهما نهائية والأخرى مؤقتة. أنواع الحصانة البرلمانية الحصانة النهائية: وفيها لا يجوز إقامة الدعوى العامة على عضو المجلس النيابي بسبب الآراء والأفكار التي يبديها مدة نيابته ولو بعد ترك منصبه، وهذه الحصانة توفر للنائب حرية الكلام والمناقشة في ممارسة أعماله دون خشية من أي ملاحقة جزائية، شرط أن تكون الأفكار والآراء التي يدلي بها النائب في أثناء ممارسة أعماله النيابية المقررة كالاقتراحات والملاحظات التي تصدر عنه في تأديته مهامه. لكن النائب يُسأل عن الجرائم التي يرتكبها في غير مجال عمله النيابي، وإن ظهر فيها بصفته الرسمية، كأن ينشر – بصفته نائباً – استجواباً فيه تشهير بأحد الأشخاص، قبل تلاوة السؤال والرد عليه في جلسة رسمية، أو قبل وضع الاستجواب موضع المناقشة في المجلس. الحصانة المؤقتة: هذه الحصانة لا تعفي من الملاحقة الجزائية من جرم ارتكبه النائب، إنما توقف الملاحقة بهذا الجرم حتى يأذن المجلس بها. فلا يجوز في أثناء دورة انعقاد المجلس اتخاذ إجراءات جزائية نحو أي عضو من أعضاء المجلس والقبض عليه، إذا اقترف جرماً إلا بإذن المجلس، ما عدا حالة الجرم المشهود. وليس للمجلس أن يعمد في معرض دراسته لطلب الإذن أن يبحث في موضوع الدعوى وعناصرها ومدى ثبوتها، أي ليس له أن ينصب نفسه قاضياً ينظر بأساس التهمة ومدى صحتها، بل يقتصر حقه على معرفة الباعث على الدعوى، وما إذا كان لها أصلاً غرض سياسي يستهدف الضغط على النائب والكيد له للحد من معارضته أو تحويله عن أفكار أبداها في المجلس. فإن كان الدافع للملاحقة هو الجرم وتحقيق العدالة من غير أن يكون للاعتبارات السياسية الموجهة شأن فيها، فليس ما يمنع من إصدار الإذن بالملاحقة. الحصانة البرلمانية بدأت في إنجلترا ومطالب بمصر بإلغائها لم تكن بداية الحصانة البرلمانية في مصر فحسب، بل كانت إنجلترا هى الدولة الأولى التى ظهرت فيها الحصانة البرلمانية، وذلك في أعقاب ثورة 1688، حيث تم إقرار الوثيقة الدستورية والتى نصت على حرية الرأى داخل البرلمان دون أن يتسبب هذا في الملاحقة القضائية لأعضاء البرلمان، وكان هذا لحماية النواب من سلطات الملوك، واستثنت من هذه الحصانة قضايا الخيانة العظمى والجنايات والإخلال بالأمن، لذا فكان من الممكن القبض على نائب في أى من الجرائم سابقة الذكر دون رفع الحصانة عنه، وصدر قانون في القرن الثامن عشر لينظم أحكام الحصانة البرلمانية ويضع بعض القيود حولها. وفي الوقت الحالي ومع بداية تشكيل التحالفات النهائية لانتخابات البرلمانية في مصر، أصدر إسلام الكتاتني، القيادي الإخواني المنشق عن جماعة الإخوان مقترحًا بقصر الحصانة البرلمانية على النواب داخل المجلس وإلغائها خارجه؛ لمنع استغلال النواب لها، وكذلك مطالبته بمنع أعضاء لجنة الخمسين من الترشح في الانتخابات البرلمانية. إلغاء الحصانة يتطلب إعلانًا دستوري وعن ذلك المقترح يقول الدكتور فهمي أحمد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن رفع الحصانة عن أعضاء مجلس النواب من شأنه أن يمنع أصحاب المال والأعمال من الترشح لعضوية البرلمان، كما يفتح الباب أمام المؤهلين من أصحاب الفكر والسياسة لتقديم خدمات للمواطنين بلا مقابل أو منافع شخصية. وأوضح أحمد أن هذا المقترح يعد أمر ضروري، لكن لا بد من الموافقة عليه دستوريًّا؛ لأن ذلك يجب أن يصدر به إعلان دستوري من الرئيس نفسه. ومن الناحية القانونية أكد الدكتور هاني الضبع أستاذ القانون الدستوري بجامعة عين شمس أن الحصانة مطلوبة لنواب البرلمان شأنهم في ذلك شأن القضاة والمحامين؛ كي يتسنى لهم أداء دورهم الرقابي. وأوضح الضبع أن الحصانة البرلمانية أمر دستوري لا جدال فيه، مشيرًا إلى أن الحصانة وإزلتها لا بد أن تصدرا بقرار جمهوري.