انتهت ولاية الرئيس اللبناني ميشال سليمان، في الخامس والعشرين من شهر مايو الماضي، ونظرا لعدم وجود توافق بين الكتلتين الرئيسيتين فشل البرلمان حتى الآن في انتخاب رئيس جديد خلفا لسليمان، خلال 11 جلسة سابقة، بينما يبقى الأمل في إنهاء تلك الأزمة معقودا على الجلسة المقبلة في 23 سبتمبر الجاري. ومنذ أسابيع قليلة ماضية تشهد لبنان حربا جديدة بين الفرقاء السياسين، بعدما قدم كل فريق مبادرته لحل أزمة الشغور الرئاسي، فمنذ فترة قدم تكتل التغيير والاصلاح برئاسة المرشح الرئاسي ميشال عون، مبادرة تنص على تعديلات دستورية في محاولة إلى تحريك هذا الملف قابلها الأسبوع الماضي طرح قوي 14 آذار مبادرة أخرى حول مقترحات انتخاب الرئيس اللبناني الجديد. وكالمعتاد انتهت الجلسة الحادية عشرة على التوالي من مجلس النواب اللبناني الخاصة بانتخاب رئيس للجمهورية دون أي جديد يذكر، عدا المبادرة التي طرحتها قوي 14 آذار ولاقت عدم قبول من جانب الفريق الآخر، ونصت المبادرة الرئاسية بتمسك قوي 14 آذار بترشيح سمير جعجع، لرئاسة الجمهورية، وأعلنت في الوقت ذاته استعدادها التام للتشاور مع كل الأطراف حول اسم يتوافق عليه اللبنانيون ويلتزم بالثوابت الوطنية. لا تبدو قوى 14 آذار أنها كشفت كل أوراقها بإعلانها هذه المبادرة التي أكدت على تمسكها بترشح جعجع، فالمتابع للمشهد اللبناني يري أن جعجع ليس الرئيس التوافقي الذي يحظي بدعم داخلي أو حتي خارجي، وظهر ذلك في عدد جلسات مجلس النواب ال 11 التي أخفقت بسبب عدم اكتمال النصاب. ويقول مراقبون إن هذه المبادرة لا تهدف في الأساس إلا للمقايضة بسحب ترشح رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، مقابل سحب ترشح جعجع والتواصل بين الفريقين من أجل التوصل لمرشح وفاقي، وهو ما تجلي بعدم طرح أسماء في الوقت الراهن، بانتظار معرفة توجهات الفريق الآخر، ومدى تجاوبه للتوصل إلى تفاهم حول تسوية مقبولة للطرفين. واعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري، أن مبادرة 14 آذار، لا تنطوي على أي جديد، باستثناء تأليف لجنة اتصالات، لافتًا الانتباه إلى أن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، سبق له أن طرح المضمون ذاته للمبادرة في يوينو الماضي، وأضاف بري، أن الإيجابية الوحيدة في المبادرة هي استعداد فريق الرابع عشر من آذار وتحديدا تيار المستقبل للجلوس إلى طاولة واحدة مع حزب الله، في ظل إجراء تفاهمات إقليمية تمثلت في زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان، الأخيرة إلى السعودية. وعلى واقع ذلك يري متابعون للملف اللبناني أن التقارب السعودي الإيراني لم يظهر جدولة نحو قصر بعبدا، وأن الذين انتظروا انعكاسات سريعة للقاء الرياض على المشهد السياسي في لبنان، سواء لجهة الخطاب السياسي أو لجهة مسار الاستحقاق الرئاسي، استعجلوا في التوقعات أو الرهانات، لأن هناك طرقًا طويلة وشائكة يجب عبورها، حتي مرحلة التسوية المفترضة التي قد تمر أو تنتهي في بيروت لكنها لن تبدأ منها" وفي محاولة لحلحلة الوضع الخارجي لانعكاسه على الملف الرئاسي قام الزعيم الدرذي وليد جنبلاط، بزيارة إلى القاهرة والتقى بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مستعرضًا شغور منصب رئيس الجمهورية اللبنانية، ومعربًا عن تطلعه إلى قيام مصر بدور في تقريب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء في منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، وعلى مستوى لبنان بصفة خاصة، وبما يحقق صالح الشعوب الإسلامية والعربية. وتنتظر لبنان ما ستحمله الأيام القادمة من نتائج على صعيد هذه المبادرة والملف الرئاسي، فحتى الآن لا تبدو الأمور جيدة بشكل كاف لإخراج سيناريو يرضي الجميع في الملف الرئاسي، وحتى ينضج هذا الأمر يجب على اللبنانيين العمل بشكل طبيعي لمعالجة الملفات الساخنة المطروحة بشكل عاجل وفي مقدمتها الملف الأمني.