11 دقيقة فقط كانت بوابة للإمتياز من خلال الفيلم الوثائقي القصير "حاول تفتكرني " عن الموسيقار الراحل بليغ حمدي ، الذي كان مشروع تخرج " شيرين الشايب " في كلية الإعلام الإنجليزي بقسم الإذاعة والتليفزيون ، بإشراف د. سوزان القليني ومن تصوير هبة البدري مساعدة الإخراج أيضا ومونتاج باسم منير. الفيلم بدا بسيطا ليس به استعراض معين في التكنيك أو الصورة لكنه متقن الجودة في الصوت والصورة وشمولية المعلومات والتركيز على المضمون بما يتناسب مع فيلم قصير المدة يعتمد إلى حد كبير على السرد أوالتعليق الذي كان بصوت شيرين الشايب ،معدة ومخرجة العمل، والذي يثير حفيظة المستمع بنقائه،خاصة أن صاحبته تتمتع بصوت جيد في الغناء ، كما كان نطقها صحيحا جيدا وإن كان أكثر رقة من الصوت الإذاعي مع جودة الأداء ، تسلسل الفيلم الذي بدأ بصوت الفنان بليغ حمدي مصاحبا لصور له .. بعبارته " أول مرة أحس إن في مسؤولية خطيرة فوق دماغي " ليعدد بعدها بضعة أسماء لحن لها .. الفيلم هذه الجملة الافتتاحية تحديدا للإيحاء بمكانته ليأخذنا بها لعالمه وإن كان من المؤكد قد تكون هناك جملا أكثر عمقا تعبر عن رحلته ولكن في نفس الوقت كان من الموفق البدء بصوته وبجملة عن نفسه ، يبدأ بعد ذلك التعليق الصوتي ليسرد رحلته وأهم أحداثها بدءا من طفولته وحتى ظهور موهبته وتشجيع أسرته لها وصقلها ثم دراسته حيث درس في كلية الحقوق بالتزامن مع دراسته في معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية ثم بدء مشواره الفني بتلحينه أغنية " ليه لأ " للفنانة فايدة كامل بطلب من الموسيقار محمد الشجاعي لتعتمده بعدها لجنة الاستماع ملحنا .. كل ذلك تصاحبه صورا متنوعة للفنان بليغ حمدي بعضها أثناء عزفه على العود في بعض البرامج ثم تناول التعليق انطلاقته الفنية بالتلحين لأم كلثوم مع تعداد بعض ما لحنه لها من أغاني مثل " سيرة الحب وبعيد عنك " وغيرها ، ويعدد الفيلم بعض الأسماء من الفنانين الذين عمل معهم بليغ حمدي ولكن الفيلم كان مقلا في تعديد الأسماء مع تقدير ضيق وقت الفيلم وحاجته للتركيز لكن إشارة سريعة لأسماء أكثر كان هاما ، ويستتبع الفيلم سرده من آن لآخر من خلال عدد من الشخصيات المستضافة غير المستهلكة التي عملت أو تعاملت مع الفنان بليغ حمدي في حياته مثل كل من صلاح بركات "مشرف فريق الموسيق الشرقية " ،وأحمد عبد الله "محفظ فرقة الإنشاد الديني" بدار الأوبرا المصرية ، ود. عصام عبد المنعم الأستاذ بكلية التربية النوعية جامعة عين شمس ، ليجيء الحديث عن أعماله مع عبد الحليم حافظ وهي مجموعة رائعة مثل " جانا الهوا ، سواح ، حبيبتي من تكون ، تخونوه ،.. " وذلك مع مقاطع قصيرة لأغاني بعض من عمل معه ك "أم كلثوم وحليم وورده" ، مع التطرق لإهتمامه باللون الشعبي وإعادة تقديم الفولكلور المصري بشكل معاصر وذكر تعاونه مع الفنان محمد رشدي والشاعر عبد الرحمن الأبنودي .. ومن أغنياته الشعبية " بهية ، تغريبة ، طاير يا هوا ، .. " ، هذا مع بعض مقاطع لأغنيات بصوت بليغ أو جمل له ، ليصل الفيلم للتطرق لحياته الخاصة بالإشارة لزواجه من للفنانة وردة بعد قصة حب كبيرة لمدة 7 سنوات وتلحينه لها باقة كبيرة تصل لثمانين أغنية من أجمل أغانيها مثل "حكايتي مع الزمان ، بودعك ،.." ، ويصل الفيلم لمحطة سنواته الأخيرة بالإشارة لحادث انتحار فتاة مغربية مغنية من شرفة منزله في منتصف الثمانينات وإتهامه بقتلها ليترك مصر إلى باريس خمسة سنوات ليعود لموعد مع رحيله الأكبر حيث توفي في عام 1993 عن عمر 61 عاما لتنعيه الصحف المصرية بعبارة " رحل ملك الموسيقى". جاء موضوع الفيلم الذي يتناول حياة موسيقار كبير مرتبطا ومتصلا مع اهتمامات شيرين الشايب المغنية أيضا الموسيقية ، أما اسم الفيلم " حاول تفتكرني " فقد وفق الفيلم في اختياره كاسم أغنية لعبد الحليم حافظ لحنها بليغ اختتم بها الفيلم أيضا .. فالفيلم نوع من محاولة تذكر واحد من رائعين رحلوا .. يستحقون تذكرهم .