ثمة ملفات عديدة تثير استغراب ودهشة الرأى العام فى مصر، وخاصة موقف من بيدهم السلطة وإتخاذ القرار منها، بل فقدان البوصلة الصحيحة منها، واتخاذ قرارات فى الاتجاه المعاكس لما يطلب ويتمنى غالبية الشعب. وقد لا يتسع المجال هنا للرصد الحصرى لمجمل ذلك. فى الصدارة من ذلك تأتى التسريبات المتزايدة والمتواترة عن النية لإطلاق سراح بعض قيادات الإخوان تحت شعار ودعوات "المصالحة"، رغم كل ما فعله الاخوان وارتكبوه من جرائم!!. على الجانب المقابل، يتجاهل عمداً من بيدهم الأمر، كل الدعوات لاطلاق سراح شباب الثورة الذين أضربوا تحت شعار "جبنا آخرنا" ويتواصلون فى إضرابهم رغم ما ذلك من أضرار على صحتهم وحياتهم. كل ما فعله هؤلاء التظاهر ضد سوءات ما يسمى "بقانون التظاهر" الذى لابد من إلغائه، وطرح البنود الواجب ورودها فى تنظيم حق التظاهر على أوسع حوار مجتمعى. ودون التطرق لما يصدره القضاء، أعاود التساؤل عما فعله، مثلاً "علاء عبد الفتاح" الذى صدر بحقه حكماً "غيابياً" رغم كونه كان بقاعة المحاكمة وتعمدوا عدم السماح له بالحضور!!، صدر بحقه حكماً قاسياً هو الحبس 15 عاماً، وغرامة مالية كبيرة. ومن بين تهمه "المعلبة": سرقة " جهاز لاسكى " لضابط شرطة!! والتساؤل الذى يطرح نفسه ويدعو للسخرية والضحك: ماذا سيستفيد علاء من سرقة هذا الجهاز؟؟ الذى هو معد خصيصاً للارسال والاستقبال بين ضباط الشرطةً!! وهل أدين ضابط الشرطة بتهمة الاهمال؟ هل من المعقول أن يقضى هذا الشاب الذى رزق بإبن وهو بالسجن، مدة هذا الحكم القاسى، وفى السياق ذاته، أخته "سناء" الشابه الصغيرة، لمجرد أنها تظاهرات احتجاجاً على سجن نشطاء الرأى!! والأمثلة كثيرة ومبكية. ألا يعلم من بيدهم الأمر أنه لولا ثورة 25 يناير وموجتها الكبيرة فى 30 يونيه، التى كان هؤلاء ومعهم شباب وشعب مصر، فى طليعة صناعها، وبفضلهم ما كان لمن بيدهم السلطة والقرار أن يكونوا فى مقاعدهم!!. ومما له صلة، وفى الوقت الذى يتم فيه "تجييش" آلة الإعلام ،بضراوة وقوة، وفى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد، يتجاهل من بيدهم الأمر قضية اموال مصر المنهوبة والمسروقة فى الخارج، رغم تصريحات أمريكية رفيعة المستوى ، بأنه تم رصد أكثر من 32 مليار دولار تخص الرئيس المخلوع وحده . ناهيك عن بقية أفراد أسرته وحاشيته ورموز حكمه. كما لم تبذل الجهات المسئولة أى جهد فى جلب المليارات من أموال المتهربين الكبار منها، وضخها فى الخزينة العامة، عوضاً عن رفع الأسعار وتصعيب حياة الفقراء والمهمشين. أليس بمقدور تلك الأموال المسروقة والمهربة أن تحل جانباً كبيراً من مشاكل مصر، والبنية التحتية المتدهورة ؟ والذين يتحملون كل المسئولية فى تدهورها، خلال فترات حكمهم، بدلاً من تضارب التصريحات حول كثير من الأزمات التى مرت، وتمر بها البلاد، خاصة أزمة الكهرباء، وما شهدته مصر مؤخراً من ظلام لساعات طويلة ، وما تزال هذه الأزمة حاضرة فى كل البيوت، بكل ما يترتب عنها من مشاكل وأضرار، يصعب حصرها. وفى السياق نفسه، ورغم تواصل الدعوات والحملات، لتطهير وزارة الداخلية من كل العناصر المسيئة لها، لتحسين صورتها لدى الرأى العام، وهى جهاز لا يمكن الاستغناء عنه ،بأى حال من الأحوال، تتكرر حوادث التعذيب داخل أقسام الشرطة وفى السجون ومراكز الاحتجاز، الأمر الذى بات من الصعب السكوت عليه وتحمله، لكونه يهدر كرامة الانسان وآدميته، حتى لو كان مداناً، فما بالك بالأبرياء!!. وفى غياب تغيير جوهرى لثقافة رجال الشرطة، خاصة بعض الضباط منهم، والذين تسيطر عليهم نزعة الاستعلاء والتكبر. وقد تمادت هذه الظاهرة حتى راح ضحيتها أحد المجندين، مؤخراً، لتعرضه لضرب مبرح أفضى لموته على يد أحد الضباط ، بصورة غير انسانية وآدمية. وبدلاً من سرعة مبادرة وزارة الداخلية فى معالجة هذا الخلل واصلاحه ، صرح مسئول مهم بالوزارة " أن المجند مات بسبب ضربة شمس " وهو الأمر الذى يتناقض مع ما جاء بتصريح الطب الشرعى بأن الوفاة حدثت بعد التعرض للضرب . والحقيقة أن استمرار هذه الثقافة، مع المواطنين ، ثم بين أحد الضباط ومجند، تطرح تخوفات أن تمتد ، لاحقاً، لتكون بين بعض الضباط وبعضهم الآخر!!!. وفى التحليل الأخير، يطرح الرأى العام العديد من التساؤلات الهامة: لماذا السكوت عمداً عن كل هذه الملفات وغيرها؟؟ هل لمن بيدهم الأمر مصلحة فى ذلك؟؟ ولمن يكون انحيازهم ؟؟ ولمصلحة من تصب قراراتهم؟؟ أترك لفطنة القارئ الاجابة!! .