(1) "هسهس ضاربه السلك" عامل زى جحا كده حكاويه مبتخلصش تنتابه حالات شيزوفرينيا متقطعة، وهو ما عجز أن يفسره الطب الحديث. هلاوسه السمعية البصرية كانت تشبه جلسات تحضير الأرواح، نطق على لسانه أغلب رجال البسيطة، أجريت عبره آلاف الأحاديث الشيقة معهم. بدءاً من أخنوخ الفيلسوف وسقراط ونزار وماركس والسادات إلى ما لا نهاية لهم، كنت أخاطب فى شيزوفرينيته علماء وقوادين وملوكاً وبائعى عرقسوس. "هسهس ضاربه السلك" ترك لى ألف حكاية، و مات يوم "الخميس المظلم". (2) كان يردد عندما اقتربت من آخر نوباته الشيزوفرينية ظُهر الخميس المظلم ويقول: العبد لله مسك الحديد تناه، زق القطر مشاه، أى بنت تتمناه، وهد الهرم وبناه وتف في البحر ملاه.. أردف: وآدى يا سيدى قناة أخرى: العبد لله مسك الحديد تناه تف فى البحر ملاه، وقف عالجبل وطاه، وزق القطر مشاه، ضرب السواق علي أفاه. كان ممسكا "ريموت" يقلب قنوات التلفزيون، ويردد فى اعتيادية يقينية بدت له: وآدى يا سيدى قناة أخرى: العبد لله مسك الحديد تناه، والقلم الجاف احنا اللي بريناه. وآدى يا سيدى قناة أخرى: العبد لله مسك الحديد تناه، واحنا يابنى إللى ركبنا الفيل حنطور، ومشينا النمل طابور. كانت القناة الفضائية الإعلامية الأخيره يبدو أنها ذات "قافية" خطاب إعلامى مختلف. لم أكن أبداً بالذي يقاطع أحداً يتكلم أو حتى يهذى فهو ليس من أدب الحديث، كنت صامتاً أستمع إليه فى اهتمام غير مصطنع وهو يكمل حديثه فى آخر نوباته الشيزوفرينية وهلاوسه السمعية والبصرية، كجلسة تحضير أرواح.. أكمل "هسهس ضاربه السلك " حديثه: تشابهت القنوات علينا، وعموما غسلتوا وشطفتوا دماغى بكفاية، بقيت بغبغان قاعد قدام التلفزيون. العبد لله مسك الحديد تناه، واللى مشيتوه بوشكم بضهرنا مشيناه. العبد لله مسك الحديد تناه، واللى مشيتوه بوشكم بضهرنا مشيناه. كعادتى نكشته: - طيب مساء الخير مين اللى حضر معاى أهلا وسهلا - أنا صلاح .. جاهين - مين إللى قلقل الطوبة إللى تحت راسك وإيه الكلام السوقى ده قال لى وأنا أكتب حتى التنهيدة : العبد لله مسك الحديد تناه، واللى مشيتوه بوشكم بضهرنا مشيناه. وفاق صلاح واتعدلى وقال : كنت أردد كبغباء واعى هذه المقولة وأنا أشاهد تلفزيوناتكم وبقرأ جرايدكم، وسرحت أمام التلفزيون أخاطب بها فى هلام عقلى قنوات وإذاعات وإعلاماً " أعوام "56 ملايين الشعب تدق الكعب تقول: كلنا جاهزين خارج ساعة الصبحية و الناس رايحين جايين نظرتهم فكرتني بأيام ستة و خمسين ………………………… و ف لحظة نطل و يهدا الكل و نسمع فرحانين عبد الناصر حبيبنا قايم بينا يخاطبنا نجاوبه و يجاوبنا قائد و مجندين " قول ما بدالك إحنا رجالك و دراعك اليمين ……………………………. (3) كان لازم أفوق، صلاح إللى حضر فى شيزوفرينية صاحبنا "هسهس ضاربه السلك " مدنيش فرصة وكمل : "العبد لله مسك الحديد تناه" هى الأصل وكافة التداعى السردى هو ما أوجبته القافية. إذن فأصل "المقولة" التى كادت وأوشكت أن تصير "مثلاً" هى "العبد لله مسك الحديد تناه"، والعبد معروف عبد لله وعبد من إللى كانو بيتقالهم إصبأ بمحمد وعبد ماركة "قيمة العبد من قيمة سيده" - أسلوبك بقى بلدى قوى يا صلاح، وكمان قاعد تنظّر الهيافة؟ سفخنى قلم وقال: - على فكرة الموضوع مفهوش أى تلقيح، و"شغل الفاضلات النساء" لا يكتب به مقال إلا وهو باطل، لا يقدم فى برنامج إلا وهو باطل، وإعلام باطل. (4) الغريب إن "هسهس ضاربه السلك " قالى: لازم " أفّوق "البغبان إللى جواك علشان "الأف ييه" كان عايز يسرح بيك. قلت: أنا فايق ع الآخر خش عليا يا أبو صلاح - أنا مش صلاح - بدأ تداعيه المعتاد الذى تمليه عليه هلاوسه السمعية والبصرية النادرة. - أنا مش صلاح أنا نزار. كعادتى فى مجاراته: - أهلين عمو نزار من شوية حضر قبلك صلاح، وخلى الإعلام بتاعنا دلوقتى "مبولة" لخص الخطاب الإعلامى فى الصحف والقنوات بإنه هجايص على شاكلة "العبد لله مسك الحديد تناه زق القطر مشاه أى بنت تتمناه وهد الهرم وبناه وتف ف البحر ملاه". - قام نزار وقف واتسهوك وبدأ يرغى ويدلو بدلوه فى أمسية قدح الإعلام من داخل أعماق "الشيزوفرينيا". قام واتعدل نزار وقال: أنعي لكم، يا أصدقائي، اللغة القديمه والكتب القديمه أنعي لكم.. كلامنا المثقوب، كالأحذية القديمة.. ومفردات العهر، والهجاء، والشتيمة.. المأساة الإعلامية المصرية يا سادة أننا سدنا صرنا سادة، وأم الدنيا وبهية ومقراً للجامعة العربية ثم أصبح وأضحى وأمسى إعلامنا لغة قديمة إعلام كل ما يملك من مواهب الخطابة العنتريات التي ما قتلت ذبابة. ومنطق الطبلة والربابة يوجعني.. أن أسمع النباح تمدحون كالضفادع تشتمون كالضفادع تجعلون من أقزامنا أبطالا.. تجعلون من أشرافنا أنذالا.. أنتم خائبون.. و مثل قشرة البطيخ، تافهون وأنتم منخورون.. منخورون.. كالنعال لن نقرأ أخباركم لن نقبل أفكاركم قالها نزار وانصرف وتقريبا الحماسة كانت واخداه حبتين زى "هوامشه" على دفتر النكسة بالظبط. (5) صاحبنا المصاب بالشيزوفرينيا عجباه اللعبة والليل حنين وقاعد مبسوط . تقريبا إللى دخل على الخط السادات، وتقريبا كان قاعد يردح بأسلوب راقى هاى كواليتى، زى خطبته فى الكنيست وبدأ صوت السادات يجلجل فى "الغرزة" قال: إن ما نشاهده ونقرأه فى إعلامكم استثناء، وليس قاعدة وقد كنت فى هذا أصبر عن إيمان بالتاريخ يستوعب سبعة آلاف سنة من الحضارة، وكنت بقول دايما أنا السبب، لأنى عاهدت الله وعاهدتكم علي أن جيلنا لن يُسلم إعلامه إلي جيل سوف يجيء بعده منكس أو ذليل. وإنما سوف نسلم إعلامنا مرتفعة هاماته عزيزة. لست أنكر أننا وُجهنا بمصاعب جمة، مصاعب حقيقية مصاعب في الخدمات، مصاعب في التموين مصاعب في الإنتاج، مصاعب في العمل السياسي أيضاً. وكنت أعرف الحقيقة ولكنني لم أكن في موقف يسمح لي بشرحها، كنت أعرف إننا نحاول أن نجعل الحياة مقبولة للناس عن طريق الإعلام. لكن المأساة الإعلامية المصرية العربية دائماً عزا وأبداً عربية المأساة الإعلامية بدأت يوم سدنا صرنا سادة يعنى بصوت العرب إلى آخر الإذاعات المصرية التى كانت تبث من مصر عهد عبد الناصر. اسألوا محمد فائق وزير الإرشاد (الإعلام) والمسؤول والمؤسس للخطاب الإعلامى فى عهد ناصر، إن كان حياً يرزق. اسألوه.. المأساة الإعلامية المصرية العربية تفاخرت يومياً غارباً بأنها جعلت فاضلات الخليج، اللاتي تميزن بالشعر الطويل الملاصق للأرض، أن يقصوا شعورهن تشبهاً بمذيعات الإعلام المرئى المصرى العربى. لم أعدم التشبيه حتى أذكر شعورهن، ولكن اعتقد أن نغمة أن بإعلامنا المصرى العربى أشعلنا جذوة نصر الثورة الجزائرية الشعبية الديموقراطية، وحررنا جميع الأكشاك العربية لغة إعلامية قديمة. وشغل الحماسة والتدليس والكذب والمعلومات المغلوطة بقت قديمة، قديمة قوى يا واد يا جمّال. كنا عايزين نجعل حياة المواطن مقبولة أيام ما كنا بنعرف نضحك عليه. - تمام يا سيادة الريس (6) صاحبنا المصاب بالشيزوفرينيا تقريباً وصل لمرحلة Delusions و Paranoid Delusions الضلالات وضلالات الاضطهاد ومن الضلالات أيضا: ضلالات المرجعية Reference Delusions فمثلا، يعتقد أن الإذاعة أو التلفزيون تبث برامج عنه. علشان كده كان قاعد شاغل نفسه بإصلاح المنظومة الإعلامية. صاحبنا "هسهس ضاربه السلك" عنده اضطراب الفكر Thought disorder لا يستطيع قراءة مقال في صحيفة، أو مشاهدة برنامج تلفزيوني إلى نهايته، ورغم كده يعتقد أن الإذاعة أو التلفزيون تبث برامجا عنه. صاحبنا إللى زى الإعلام بالظبط، الاتنين مصابين بالشيزوفرينا مش عارف فاق ولا اتهيأله إنه فاق صاحبنا المصاب بالشيزوفرينا إللى اتعمله غسيل ومكوى من كتر الفرجة على القنوات، بدأ يشعر أن أفكاره هي ليست له، بل أن شخصا آخر قد وضعها في عقله، ويشعر أن جسمه مُسيطر عليه وكأنه رجل آلي، أو أن جهازا مسلطا عليه أو الموضوع ليه علاقة بالسحر، والأرواح، أو الشيطان. (7) صاحبنا هسهس ضاربه السلك تماهى مع شيزوفرينيته وبدأ نظريته الجديدة "فى قدح إعلام الشيطان" ومات الخميس الفائت قالوا أن آخر كلماته يوم الخميس بعد العصر قال: الكهرباء قطعت النهارده الصبح، نزلت جرى على شوارع مصر، كان شكلها وحش قوى شكلها كان عامل زى يوم نكسة 67، الوشوش كانت مليانه حيرة وشماتة وغضب مكتوم، وأنا بتمشى معرفش ليه كنت سامع أغنية عدى النهار فى ردايوهات العربيات والدكاكين وفرن العيش. عدى النهار و بلدنا ع الترعة بتغسل شعرها جانا نهار مقدرش يدفع مهرها يا هل ترى الليل الحزين أبو النجوم الدبلانين أبو الغناوي المجروحين يقدر ينسّيها الصباح أبو شمس بترش الحنين؟ أبداً.. بلدنا ليل نهار بتحب موّال النهار لما يعدّي في الدروب و يغنّي قدّام كل دار و الليل يلف ورا السواقي زي ما يلف الزمان و على النغم تحلم بلدنا بالسنابل والكيزان تحلم ببكره و اللي حيجيبه معاه تنده عليه في الضلمة و بتسمع نداه تصحى له من قبل الأدان تروح تقابله في الغيطان في المتاجر و المصانع.. والمعامل و المدارس.. والساحات طالعة له صحبة جنود طالعة له رجال.. أطفال.. بنات كل الدروب واخدة بلدنا للنهار و احنا بلدنا ليل نهار بتحب موال النهار لما يعدي في الدروب و يغني قدّام كل دار "معدش حد بياكل من الكلام ده" مات قبل المغرب يوم الخميس إللى فات وكتبوا على قبره طبقاً لوصيته هنا يرقد"هسهس ضاربه السلك" 1 + 1 = 2 الناس إللى ساكنين المقابر حواليه قالوا: كان بيطلع كل يوم يقعد على التربة يصرخ "فاك لوجيك تشانيل, فاك لوجيك نيوز بيبر , فاك لوجيك إفرى ميديا مولانا الفقى الملازم للمقابر فسر لهم "فاك لوجيك" بيقول: اقفل بقك بدل ما أجيك. وعلشان هو ميت فبيقولها باللغة السريانية وجابوا لمولانا سفن إيه ؟ : سفن آب . من يومها ومبقاش هسهس ضاربه السلك بيطلع يقعد على مقبرته ويصرخ، مولانا الفقى الملازم للمقابر فسر عدم ظهوره مرة أخرى قاعد فوق مقبرته بأنه زهق ويقوم الآن بإصدار قناة تلفزيونية وجريدة عمومية جهوية جوارية يومية تصدر باللغة العربية لعالم البرزخ…. طيب يا مولانا الفقى 1+1= 2 دى يعنى إيه .. للحديث بقية