لا تزال الأزمة الأوكرانية تتصدر المشهد السياسي وتجذب اهتمام القادة والزعماء الغربيين والصحف العربية والأجنبية حيث تصاعدت وتيرة الصراع خلال الأيام الأخيرة، فبينما أكدت السلطات الأوكرانية دخول قوات روسية واشتراكها في المعارك الدائرة في شرق البلاد إلى جانب الانفصاليين، وقالت واشنطن أنها تدرس "عدد من الخيارات" مهددة مع دول أوربية بفرض مزيد من العقوبات على روسيا، نفت موسكو أن يكون هناك أى تواجد لجندي روسي شرقي أوكرانيا. اتهمت الولاياتالمتحدةروسيا الخميس الماضي، بالاشتراك في القتال في شرق أوكرانيا لدعم الانفصاليين وقالت إنها تبحث عددًا من الردود الممكنة بما فيها زيادة العقوبات، وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنه "من المؤكد بالنسبة إلى العالم بأسره أن القوات الروسية موجودة في أوكرانيا"، وكذلك الرئيس الأوكراني "بترو بوروشينكو" قال في وقت سابق من يوم الخميس، أن القوات الروسية دخلت بلاده لدعم انفصاليين موالين لموسكو استولوا على بلدة ساحلية رئيسية وصعدوا بشدة الحرب المستمرة منذ خمسة أشهر، ونددت سلطات كييف بما أسمته ب "الغزو الروسي"، مؤكدة أن "قوات روسية" سيطرت على مدينة نوفوازوفسك. من جانبها، قالت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية إن تحركات الجيش الأوكراني بلوغانسك ودونيتسك خلال الأيام الماضية واجهت مقاومة قوية، كما أن هجماته التي تشيد بها وسائل الإعلام الأوكرانية تخبئ فشلا كبيرًا، فكييف لم تستطع التوصل إلى قطع الإمدادات من روسيا عن الانفصاليين ولا إلى عزل متمردي دونيتسك عن نظرائهم بلوغانسك. ويرى الخبراء العسكريون الأوكرانيون أن السبب في ذلك يرجع إلى أن موسكو قد زادت بشكل كبير من مساعداتها للمتمردين خلال الأسبوعين الماضيين، وبينما تركز اهتمام وسائل الإعلام على قافلة المساعدات الإنسانية الروسية التي تم إرسالها للمواطنين بدونباس، دخلت عشرات الدبابات الروسية لتعزيز ترسانة الانفصاليين. وتضيف الصحيفة أنه بعد أسابيع من الهجوم الناجح الذي أدى إلى دفع المتمردين إلى معاقلهم الأخيرة المحاصرة، تراجع الجيش الأوكراني فاقدًا بعض الأراضي التي استعادها شرقي البلاد مما دفع كييف إلى طلب "المساعدة" من حلف شمال الأطلسي (ناتو). وتشير الصحيفة الفرنسية إلى أن صحفيين بوكالة "فرانس برس" لاحظوا سيطرة المتمردين الموالين لروسيا على الطريق الذي يصل بين معقلهم بدونيتسك ونوفوازوفسك وهي مدينة ساحلية في الجنوب والتي صار المتمردين يسيطرون على جميع نقاط التفتيش فيها. وفي إحدى القرى الواقعة قرب مدينة دونيتسك، اكتشف المتمردون الموالون لروسيا العشرات من صناديق الذخيرة والعديد من المركبات العسكرية المهجورة مما يشير إلى خروج قوات الجيش الأوكراني بشكل سريع، ووفقًا للمتحدث العسكري الأوكراني، فإن "مقاتلي دونيتسك والمحتلين الروس غزوا القرية". على الجانب الآخر، جاء لقاء الرئيسين الروسي "فلاديمير بوتين" والأوكراني "بترو بوروشينكو" في العاصمة البيلاروسية "مينسك"، الأسبوع الماضي، مخيبًا للآمال، ففي بداية اللقاء كشفت مصافحة الرئيسين التي لم تكن حارة عن التوترات السائدة بين كييف وموسكو، فقد بدا الرئيس بترو بوروشينكو مجهدًا بينما بدا نظيره الروسي مرتاحًا للغاية. من جانبها، علقت الصحف الروسية على اللقاء موضحة أنه لم يسفر عن نتائج ملموسة لحل الأزمة الأوكرانية، حيث نقلت صحيفة "كوميرسانت" عن "ليونيد كالاشنيكوف" النائب الأول لرئيس لجنة الشئون الدولية في مجلس الدوما قوله "لا تزال تصرفات بوروشينكو تخلق الانطباع لدى المرء بأن سلطات كييف تماطل ومن مصلحتها اطالة مدة النزاع"، موضحًا أنه بهذا الشكل تستطيع أوكرانيا الحصول على المال والمساعدة من أوروبا ويمكنها تبرير كل فشل يصيبها بمكائد موسكو". وقال "أندريه سوزدالتسيف" نائب عميد كلية الاقتصاد العالمي والسياسة الدولية في مدرسة الاقتصاد العليا: "بدا بوروشينكو أضعف من بوتين كمفاوض، ولذلك بقى الفريق المرافق له في مينسك يتابع تصرفاته ويقدم التأمين والعون له"، أما صحيفة "نوفيه ازفيستيا" فرأت أنه لم يتم خلال لقاء مينسك الإعلان عن أية حلول حقيقية يمكنها وقف الحرب في شرق أوكرانيا.