لم يكن مقتل الشاب الأسود "مايكل براون" على أيدي شرطي أبيض في فيرجسون بولاية ميسوري، الدافع الوحيد لانطلاق التظاهرات في عشرات المدن الأمريكية، بل إنغياب العدالة في الولاياتالمتحدةالأمريكية أدى إلى تزايد موجة الاحتجاجات التي عكست طريقة تعامل واشنطن مع مواطنيها السود، رغم أن رئيسها الحالي "باراك أوباما" من أصحاب البشرة السوداء. فمع مطلع الشهر الجاري تجلت العنصرية الأمريكية في صورة جديدة عبر مقتل الشاب الأسود "مايكل براون" البالغ 18 عامًا على يد أحد أفراد الشرطة من أصحاب البشرة البيضاء بمدينة فيرجسون. من يرى المدرعات التي نزلت لشوارع مدينة فيرجسون لقمع المحتجين، يعتقد بأن أمريكا تواجه عدوًّا شرسًا وليس مجموعة من المعارضين كل مطالبها تنحصر في معاقبة الشرطي الذي قتل المراهق الأعزل بشهادة الشهود وتقديمه للعدالة. تحولت فيرجسون الأمريكية إلى ساحة حرب عرقية أظهرت مدى عنصرية الولاياتالمتحدة التي تدعو دومًا لحقوق الإنسان والمساواة، ولكن الاحتجاجات في المدينةالأمريكية لم تولد من فراغ، فقد قالت صحيفة "هفنجتون بوست" الأمريكية: منذ إطلاق النار على المراهق الأسود من قِبَل أحد رجال الشرطة ذوي البشرة البيضاء، هزت البلاد اشتباكات مثيرة للجدل قد تمتد جذروها أبعد من أحداث 9 أغسطس. وتوضح الصحيفة أن تفاصيل مقتل الشاب في تلك الليلة واضحة، وأسباب الشغب أمر مفهوم إلى حد كبير، طبقًا لآراء الخبراء، فعلى مدى الثلاث سنوات الماضية تضاعف معدل الفقر بمدينة فيرجسون، وهو رقم مفزع يقود إلى تدني المستوى التعليمي والصحي وارتفاع معدلات الجريمة، طبقًا لدراسة أعدها معهد "بروكينجز". وتشير الدراسة إلى أنه بين عامي 2000 و2012 تضاعف عدد سكان فيرجسون من الفقراء، حيث يعيش كل واحد من بين أربعة أشخاص تحت خط الفقر، وارتفع معدل البطالة إلى نحو 5% في عام 2000، و13% بين عامي 2010 و2012. وتضيف الدراسة انخفاض متوسط أرباح الموظفين حسب نسبة التضخم بنحو الثلث، موضحة أن ما حدث كان سيقع في إحدى المدن الأخرى، التي تحاول فيها الأقليات الكفاح التكيف مع التغير الديموغرافي للبلاد بشكل كبير. ومن جهة أخرى، أظهرت أحداث فيرجسون مدى العنصرية التي تمر بها الولاياتالمتحدة، فقد نشر معهد "بيو" دراسة وطنية استقصائية توضح ردود أفعال السود والبيض حول الأحداث ومقتل "براون"، أجريت على ألف شخص من البالغين، كما أن ردود الأفعال ظهرت بشكل عرقي بنسبة كبيرة، فيرى 80% من السود أن إطلاق النار على المراهق الأعزل يثير قضايا العنصرية التي تستحق المناقشة، بينما يرى 47% من أصحاب البشرة البيضاء أن قضية العنصرية تستحوذ على اهتمام أكثر مما تستحق. تنقسم ردود الأفعال بنسبة متماثلة حول إطلاق النار على "براون"، فنحو65%من السود يقولون: إن الشرطة تمادت بشكل كبير في رد فعلها على الاحتجاجات وأعمال العنف، في حين يشاركهم نفس الرأي 33% من أصحاب البشرة البيضاء. ومن جانبه، قال المحلل السياسي "جيف سميث" فى مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية: إن تظاهرات "فيرجسون" كشفت عن عنصرية أمريكا التي أرادت أن تخفيها تحت ستار أنها دولة ديمقراطية، مضيفًا أن تفاقم عدم المساواة في أمريكا متأصل في السياسة الأمريكية تجاه السود، مشيرًا إلى أن قوات الشرطة البيضاء تسحب عائدات مالية من السائقين السود أكثر من البيض.