عميد تجارة عين شمس يطلق مهرجان الإسماعيلية الأول لطلاب الكلية    سعر الذهب المتوقع فى عام 2026    الشرع: إذا فرطنا بإنجازات الثورة فسندفع أثمانا مضاعفة عما دفعناه في 14 عامًا    مسئول في حركة حماس: الحركة مستعدة لمناقشة مسألة تجميد أو تخزين أسلحتها    انطلاق مباراة ريال مدريد وسيلتا فيجو في الدوري الإسباني    إبراهيم حسن: ودية مصر ونيجيريا 16 ديسمبر باستاد القاهرة    الدورى الإسباني.. مبابي وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لمواجهة سيلتا فيجو    أبرزها الاستعداد للامتحانات، تفاصيل اجتماع رئيس المعاهد الأزهرية مع رؤساء المناطق    حريق يلتهم لنشًا وفلوكة جنوب الغردقة بدون إصابات    عمرو سلامة: المناخ الكروي في مصر ينهار والجمهور يبتعد عن الفرق المحلية    متحف ذاكرة الريف» |عالم اجتماع يرصد ملامح حياة المصرى القديم    الصحة: لا توجد متحورات جديدة من فيروس كورونا.. والإنفلونزا الأكثر انتشارا    وزير الصحة يحسم الجدل حول الفيروس الجديد: كل ما يثار عن وجود تحورات شائعات    نصائح لحماية طفلك من أمراض الجهاز التنفسي المنتشرة حاليا    الأزهر ينشر فيديوهات لتعليم أحكام التجويد والتلاوة بأسلوب يناسب الجميع    رفقة زوجته.. مصطفى قمر يطرح كليب «مش هاشوفك» | فيديو    ذاكرتى هى النسيان .. ولا أخشى المستقبل    أخبار مصر اليوم.. رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع إحياء وتطوير حديقتي الحيوان والأورمان    مصدر مقرب من عمر فرج: علاقته انتهت بالزمالك    والد عروس المنوفية باكيا: لقيت بنتي مرمية على السرير مفيهاش نفس    الداخلية تكشف حقيقة خطف فتاة بصفط اللبن: تركت المنزل بإرادتها بسبب خلافات أسرية    «نقف معها جنباً إلى جنب».. روسيا تحذر أمريكا من التصعيد ضد فنزويلا    أول ظهور لمحمد صلاح بعد أزمته مع سلوت وليفربول.. صور    إخوان أوروبا فى مصيدة الإرهاب    «لا للتنمر ضد ذوي الإعاقة».. ندوة لمواجهة آثار وسلبيات التنمر    كشف ملابسات فيديو عن إجبار سائقين على المشاركة في حملة أمنية بكفر الدوار    نيللي كريم تعلن بدء تصوير مسلسل "علي قد الحب "    وليد جاب الله: مصر تحقق أعلى نمو فصلي منذ 3 أعوام | فيديو    حماية النيل من البلاستيك    ثلاثة فى خدمة الاحتلال الإسرائيلى    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة    الأهلي يقترب من ضم يزن النعيمات لتعزيز الهجوم    إضافة 4 أسرة عناية مركزة بمستشفى الصدر بإمبابة    محافظ القاهرة: تبرع بقيمة 50 مليون جنيه لدعم إنشاء المجمع الطبي لجامعة العاصمة    ميرفت القفاص: عمار الشريعي الغائب الحاضر.. وصندوق ألحانه ما زال يحمل كنوزا    بكين تعلن عن ثالث مناورة مشتركة مع موسكو في مجال الدفاع الصاروخي    الجامعة البريطانية بمصر تشارك في مؤتمر الطاقة الخضراء والاستدامة بأذربيجان    دياباتي يبتعد عن التتش.. خلافات مالية توقف تقدم مفاوضات الأهلي    مدير إدارة قفط الصحية بقنا تجري مرورا مفاجئا وتحيل متغيبين للتحقيق    مدبولي يتابع مشروعات تطوير قطاع الغزل والنسيج والاستغلال الأمثل لبعض الأصول    صبغ الشعر باللون الأسود: حكم شرعي ورأي الفقهاء حول الاختضاب بالسواد    كمال درويش يهاجم شيكابالا: أنت معندكش خبرة إدارية عشان تتكلم عن مجلس الزمالك    جامعة أسيوط تُكثّف استعداداتها لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الأول    وزير الخارجية: إسرائيل عليها مسئولية بتشغيل كل المعابر الخمس التي تربطها بقطاع غزة    صحة الشيوخ تدعو خالد عبد الغفار لعرض رؤيته في البرامج الصحية    الانتهاء من تركيب الإنترلوك في 5 شوارع ضمن مشروع تطوير غرب مدينة كفر الشيخ    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    هيئة الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار في الأسهم    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    وزارة التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا خلال شهر    نور الشربيني تتوج ببطولة هونج كونج للاسكواش بعد الفوز على لاعبة أمريكا    وزير الري: التحديات المائية لا يمكن التعامل معها عبر الإجراءات الأحادية    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    ضبط 69 مخالفة تموينية متنوعة فى حملة مكبرة بمحافظة الفيوم    قطاع الملابس والغزل يبحث مع رابطة مصنّعي الآلات الألمانية التعاون المشترك    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسكوت عنه وإحساس آخر الديناصورات.. في فيلم «يهود مصر»
نشر في البديل يوم 27 - 08 - 2014

كآخر الديناصورات تتأمل " ماجدة شحاتة هارون " مصيرها ومصير طائفتها بحسب تعبيرها .. وذلك خلال سردها التوثيقي لوضع الطائفة اليهودية في مصر ضمن الجزء الثاني من الفيلم الوثائقي " عن يهود مصر .. نهاية الرحلة " إخراج أمير رمسيس وإعداد وسام وجيه الليثي وإنتاج هيثم الخميسي، والذي اخترق فيه المخرج مغارة المسكوت عنه زمنا حتى كادت تنساه ذاكرة الزمن بوازع من رفضه كل أشكال العنصرية .. وتوقه لمصر التي كانت تسودها روح التسامح والتمازج ، فقد أراد بالفيلم تصحيح الصورة الذهنية والتذكير بماض مختلف يرى أننا لنعرف أين نسير يجب أن نعرف كيف كنا ،فكان فيلمه عن يهود مصر الذين كان يمنع التطرق لهم من قبل والذي عرض جزأه الأول " عن يهود مصر" منذ عامين ضمن فعاليات مهرجان بانوراما الفيلم الأوروبي وأثار جدلا واسعا ليبدأ منذ أيام عرض جزأه الثاني الجديد " نهاية الرحلة " بالإضافة للجزأ الأول في سينما أوديون " زاوية " بإقبال كبير .
اتصف الفيلم أو الجزء الأول " عن يهود مصر " الذي يستغرق حوالي 95 دقيقة بالتوثيق التاريخي حيث يرصد أجزاء من حياة الطائفة اليهودية التي كانت تعيش بمصر خلال النصف الأول من القرن العشرين وحتى خروجهم الكبير من مصر بعد العدوان الثلاثي في عام 1956 . ويوثق الفيلم أحداث تلك المرحلة من خلال د. محمد أبو الغار وكتابه " يهود مصر من الازدهار للشتات " والراحل " أحمد حمروش الذي كان عضوا في جماعة الضباط الأحرار .
أما الجزء الثاني " نهاية الرحلة "والذي يستغرق حوالي الساعة فيتناول الأحداث بدءا من 1956 وحتى الآن مع التركيز على 1967 كنقطة التحول الأكبر في تاريخ يهود مصر، ويغلب عليه الجانب السردي من قبل الأشخاص الحاليين من خلال الرئيسة الحالية للطائفة اليهودية بمصر والإثني عشر سيدة المنتمين للطائفة واللاتي يشكلن كل ما بقي منها ، فيبدأ الفيلم بجنازة " كارمن وينتشين " الرئيسة السابقة للطائفة في 2013 وإبراز شعائرها والصلاة عليها من المعبد اليهودي ( بشارع عدلي ) ثم تولي المحامية " ماجدة شحاتة هارون " رئاسة الطائفة حتى الآن والتي كانت خير معين لإخراج هذا الفيلم حيث فتحت أمامه كل الأبواب المغلقة للمعابد وخزائن الأسرار اليهودية في مصر ، وقد قامت " ماجدة " بدور الاوي والمحاورفي الفيلم الوثائقي بلهجة موضوعية معتدلة تحقق الاقتراب من واقع يهود مصر الماضي والحالي من خلال مقتطفات سردية أخرى لبعض نساء الطائفة المتبقيات ، وذلك في أماكنهن الطبيعية وأماكن إقامتهن أو بجمع مجموعة منهن في مشاهد اجتماعية حيث تجتمع رئيسة الطائفة بصديقاتها منذ الحضانة ونساء عائلتها مستعيدة معهن في إحدى الجلسات في المنزل ذكريات الماضي والمدرسة وذكرياتهن مع موضة " الميني جيب " ومواقف عائلية تبين امتزاج أعماقهن وذكرياتهن وتاريخهن وتاريخ أسرهن بمصر كجزء من مجتمعها وتاريخها ، تحكي ماجدة وأختها نادية عن والدهما اليساري الشيوعي بحب كبير والذي كان وطنيا معتزا بمصريته وديانته وشيوعيته أيضا وأنه في وقت من الأوقات طولب بأن يسلم إن أراد البقاء بجمعية للشيوعيين فرفض ذلك ، ثم اعتقل عدة أشهر وتعذب عام 1967 بينما هاجر فيه الكثير من اليهود وأسرهم خوفا ، وذلك لأنه كان قد أرسل خطابا إلى الرئيس جمال عبد الناصر عبر فيه عن خوفه من ضرب السد العالي والذي كان محل اعتزاز كبير لديه ، وتحكي " ماجدة " عن إجرائها وهي صغيرة بذلك الوقت إجراءهها عملية " المصران " في غياب والدها كما تحكي عن أختها " منى " التي عرفت من إحدى الصور بالصدف أنها كانت أختا لها .. فتحكي أنها كانت رائعة الجمال لكنها أصيبت بمرض اللوكيميا الذي كان يستدعي سفر والدها بها إلى فرنسا لعلاجها .. ولم يكن أمامه كفرد يهودي في ذلك الوقت إلا خيار البقاء أو السفر بلا عودة فاختار البقاء .. وما تت " منى " . وفي نفس الوقت تحكي ماجدة وكذلك أختها نادية عن احتواء المصريين لهم وعدم اضطهادهم وقت الحرب أو النكسة بل كانوا يشجعوهم على الاختباء معهم وقت الغارات ، كما أنهم علموا برجوع والدها من المعتقل من أصوات الترحاب به في الشارع .. مشيدة هي وأختها بالروح الطيبة التي كانت سائدة بين المصريين ، والجميل الملفت في حديثها اعتدال نبرتها في السرد فلا تلجأ لمبالغة لإثارة التعاطف أو تغفل عدل الحقائق ومن ذلك قولها أنهم لم يتعرضوا لبشاعة أو لتصفية عنيفة كما حدث في أوروبا بل كان أقسى وأقصى ما يحدث هو طلب المغادرة بلا عودة في حالة السفر لأي مكان .
وتذكر ماجدة بعضا من أسماء الإثنتي عشرة سيدة منها ( لوسي ، سيلين ، جولدينا ، جوهرة ، ميمي ، والدة ماجدة ، نادية هارون ، ماجدة هارون ، إستر ) لننتقل معها إلى " لوسي" التي تصور معها في دار للمسنين .. فلوسي امرأة عجوز مقعدة تبنتها ماجدة حيث وجدتها ملقاة في شقتها لمدة ثلاثة أيام دون سؤال عنها فأخذتها لهذه الدار وقررت الاعتناء بها ، وتحكي " لوسي " بذاكرة قوية لا يطاوعها ثقل لسانها عن إحدى رحلاتها لإيطاليا ورياضتها وحبها للسينما قديما وعن بعض الأفلام التي كانت تشاهدها ومواقف لها مع الفنان " صالح سليم " كما كانت حريصة على حضور مهرجانات السينما بمفردها حتى وقت قريب مؤكدة رغبتها في العيش والبقاء في مصر .
كما تحكي ماجدة عن " ميمي " المقعدة أيضا والتي عندها أمل حتى اليوم أن تسافر أمريكا لمن تحب ودائما ما تحضر حقيبتها ، أما إن سئلت ماجدة عن السفر فلا تذكر أمر المنع بل دائما ما تقول " كان لدينا تذاكر فاحترقت " ، وقد تفقدت ماجدة التي تشغل معظم السرد مع الكاميرا عدة معابد مغلقة معبرة عن حزنها لغياب صوت الصلاة فيها والتي كانت تتصف بكثير من البهجة .. كما تحكي عن تقارب بعض العادات بين اليهود والمسلمين والأقباط وأيضا عن احتواء بعض المعابد لبعض الأسفار والممتلكات اليهودية التي كانت تهدى من الخارج للمعبد ، كما تصفحت سجلا لمواليد الداية " سمحة حمدان " ورخصتها لتستعرض مواليد يعودون لعام 1952 ما بين يهود ومسلمين وأقباط وعرب أما آخر من ولدته هذه الداية فكان في عام 1956 واسمه " شالوم " بمعنى سلام .
وتعبر " ماجدة " عن حلمها بتأسيس متحف للتراث اليهودي على غرار كل من القبطي والإسلامي وحلمها بفتح المعابد للزيارة على الأقل وخاصة معبد " ابن ميمون " طبيب صلاح الدين الأيوبي ، كما تفكر في تحويل المعبد المتواجد في منطقة الكوربة إلى مركز ثقافي يهتم بتراث كل الأديان الثلاثة معا وتقديم فقرات دينية كالترانيم أو قراءة القرآن أو الموسيقى العربية والغربية كرسالة للجميع وللعالم . ونتتبع سرد " ماجدة " حتى ينتهي الفيلم بزيارتها وأختها نادية لمقابر اليهود وتفقدها حتى الوصول لقبر والدهما فتضعان عليه الزهور الحمراء وبعض الأحجار متحدثة بحزن وهي تتأمل المقابر عن شعور مماثل لشعور آخر الديناصورات التي توشك على الانقراض وأمنيتها بأن تستطيع توفير أكفان بقية الطائفة وتولي دفنهم .. لينتهي الفيلم بخبر رحيل " نادية " في 6 مارس 2014 وجنازتها وعزائها وإهداء " ماجدة " هذا الفيلم لها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.