وضع المصريون أيديهم فوق قلوبهم، التهديدات تتواصل، يوم 14 أغسطس سيكون يوما داميا، لم تعرف كل أم وكل زوجة هل سيكون ابنها أو زوجها، أو أي قريب أو جار ضحية للأيدي الآثمة التي تقتل تحت اسم الله وتحت راية الدين الحنيف، الغالبية من المصريين لزمت بيوتها، وحذروا من غادروا المنازل الي العمل أو قضاء مصالحهم، الجميع يقول لأبنائه كلمة واحدة (خلي بالك)، والدعوات الي الله لا تنقطع أن يمضي اليوم علي خير وأن يحمي الله هذا البلد من عنف المجرمين والمضروبين في أدمغتهم، محطة الجزيرة كانت تصول وتجول وهي تصور مصر ليلة 14 أغسطس ونهار الخميس الماضي بأنها بلد علي شفا حفرة من النار، الموجودون في الخارج إذا شاهدوا الجزيرة ربما اعتقدوا أن مصر اقتربت من الحرب الأهلية، أو أن متحدث في مصر بعد 30 يونيو الي زوال، المحطة تحرض وتواصل الأكاذيب. وشيخها الخرف يحرض ويدعو المصريين الي الخروج لخلع النظام وكل المأجورين المطرودين من الشعب المصري يتناوبون حالة المناحة علي رابعة والقتل الذي حدث في رابعة الي الدرجة التي انتابتنا مشاعر كراهية وغضب لقصة رابعة ومناحة رابعة. وقد تزامنت المناحة مع مناحة موازية لها اشتغلوا عليها ومازالوا اسمها (تقرير هيومان رايتس ووتش) تلقفوا التقرير ومازالوا وراحوا يشدوا في سطوره وكلماته طولا وعرضا حتي وأصبحت حكاية تقرير المنظمة هي حكاية الصباح والمساء. انقضي اليوم واليوم التالي والتالي له، وخفتت المناحة وانصرف الناس الي ما يشغلهم، ربما الكهرباء التي تنقطع كل يوم هي شغلهم الشاغل الآن، وربما الأسعار التي ترتفع كل يوم هي شغلهم الشاغل الآن، فقدوا التعاطف مع المناحة، وعندما خضب المجرمون اليوم بالدماء التي يتحملون وزرها حتي وان كانت بأيدي الشرطة المصرية، وعندما وصلت الأمور الي محاولات تفجير أبراج الضغط العالي، وعندما رأينا مشاهد الحرائق والطرق المقطوعة التي أرادوا بها تكدير الأيام وتسويدها أكثر تحول التعاطف الذي كان عند البعض الي حالة كراهية، وتحولت رابعة من ذكري لهم وربما لقطاع من المصريين إلى مناحة تعيسة علينا عدم تذكرها، وعلينا ألا نري ولا نشعر بمن يتذكرها. تتحول المناحة الآن إلى مايشبه نقاط التحول في إدراك الإنسان المصري، نقطة تحول تمثل بداية محو رابعة اليوم، والأحداث والمشاهد والشخوص من الذاكرة المصرية، نقطة تحول لا تبقي من آثارها إلا دروس تماثل دروس النكبات التي تعلمنا بالألم الشديد، نقطة تحول يطمئن المصريون فيها إلى يد الشرطة والجيش التي تبطش ولا تتهاون أبدا مع مجرم أو قاتل أو قاطع طريق، نقطة تحول أسقطنا بها الذكري من مشاعرنا مثل كل الذكريات التي نريد محوها، نقطة تحول أسقطنا بها الإخوان وجدانيا وأخلاقيا، نقطة تحول نتركهم للجيش والشرطة وهذه هي البداية.