لا تزال موجة الإرهاب والتطرف فى مستمرة في الانتشار بمنطقة الشرق الأوسط مخلفة آلاف الضحايا، فبعد داعش في العراق، وبوكو حرام في نيجريا، وحركة الشباب الصومالية وجبهة النصرة في سوريا، ظهرت جماعة إرهابية جديدة بالسودان أطلقت على نفسها "جماعة حمزة لمحاربة الإلحاد والزندقة"، وتتخذ لها شعارا راية بها سيفان متقاطعان وسطهم مصحف، وتهاجم الملحدين والشيعة والمسيحيين وكل ما هو ضد الإسلام، على حد قولهم. وتطلق جماعة حمزة، بياناتها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وتعترف فيها بجرائمها كالاعتداء على رئيس تحرير صحيفة التيار السودانية، الذي تعرض للضرب بعد حوار تليفزيوني اتهموه بترويج التطبيع مع إسرائيل من خلاله، وحمل البيان تهديدات لصحفيين آخرين، وتوعدوا بالانتقام من السودانية المتهمة بالردة، كما توعدت الجماعة المزعومة باستهداف كل من يتعاطف بالكلمة مع اليهود والنصارى، وهددوا العضو المنتدب لشركة سكر كنانة المقال، محمد المرضي التجاني، باعتباره الممول للشيعة بالسودان. وترتبط جماعة حمزة، ارتباطا وثيقا بالجماعات المتطرفة التى تقاتل في سوريا ضد نظام الرئيس بشار الأسد، حيث تأسست الجماعة علي يد أمير الانغماسيين المكني بأبي عبد الله السوداني، وبعد مقتله في إحدي المعارك بريف حلب رأت إمارة داعش، أن يتولي الخلافة عبد الرحمن أبوحمزة السوداني، الذي أسس بدوره مكتب هيئة الشورى، وتم إنشاء مكتب الإفتاء من طلاب العلوم الشرعية خريجي المعاهد والجامعات الإسلامية مثل الشيخ مصعب، الناطق الرسمي باسم الجماعة وخريج معهد الشيخ مصطفي الفادني، الذى أكمل دراسته الجامعية بالمملكة العربية السعودية، وكان عضوا بالجماعة، ولكن تركها لعدم تطابق رؤيته الدينية معها على حد قوله. أجندة جماعة حمزة قد تحول السودان إلي صومال جديد، فمن ضمن أجندتها، الاستفادة من كبوات الجماعات السابقة ومحاولة كسب السلطة بعدم معاداتها عداء صريحا، لأنها مقدمة جحافل المجاهدين لتأسيس دولة إفريقيا الإسلامية. وتتخذ الجماعة من ود مدني، مقرا لها وتمتلك إمكانيات مادية كبيرة ولديها سيارات دفع رباعي تستغلها في تهريب المسلحين إلي ليبيا، وتستفيد الجماعة من غطاء تجار سوق ليبيا الذين يهربون البضائع وينفذون أجندة الجماعة دون علمهم. وبرغم أن الجماعة تتخذ الغطاء الديني شعارا، إلا أن المجتمع السوداني يؤكد أنها عصابة من عصابات النظام الحاكم في السودان، والذين يستغلون العاطلين والبلطجية لترهيب المواطنين، فتارة يدعون أنهم جماعة حمزة، وتارة أخرى يعلنون أنهم جماعة تابعة لداعش، وربما تكون الحكومة السودانية فكرت فعليا في استخدام تلك الجماعة لإشاعة الفوضى وإشعار المواطنين بأنهم في وضع غير طبيعي وأن هناك قوى متطرفة تتربص بهم، ولن يخلصهم منها إلا المؤتمر الوطني والتحاور معه والسير في ركابه، حتى يجري انتخاباته المرسومة ويفوز بها، ليفوت الفرصة على قوى المعارضة التي تحالفت معا لإسقاط النظام، ومما يدل على أن تلك الجماعة سياسية وليست دينية تابعة لجماعات التكفير والهجرة، الصيغة التي تكتب بها بياناتهم التي يخاطبون بها الشعب السوداني بجملة "الشعب السوداني المسلم"، ولكن حقيقة جماعات التكفير والهجرة أو جماعة الإخوان المسلمين، أنهم لا يطلقون عبارة "المسلم" بل على العكس يصفون المسلمين بالكفار. ولا تعتبر الجماعة الإرهابية، الأولى من نوعها في السودان، فقد سبقتها جماعات أخرى منذ حادثة منطقة عباس، في حق المصلين العزل بمسجد المنطقة، مرورا بجماعة الخليفي، وبعدها جماعة قتلة الدبلوماسي الأمريكي قراندفيل، وخلية التندر، وأخيرا هذه الجماعة "جماعة حمزة للدعوة والجهاد". ولعل تتابع الجماعات السودانية المتطرفة وتلاحقها بهذه الصورة يفصح عن خلل راسخ في الدولة، الذي قد تستغله سياسيا، خاصة بعد ما رأوا نجاح التجربة في سوريا وفشل المعارضة في الإطاحة ببشار الأسد، وتأييد الشعب السوري لوحدة البلاد وأمنها الذي تهدده جبهة النصرة والجماعات المتطرفة.