يزداد الواقع العراقي سوءاً يوماً بعد الآخر، فبعد أن كان المجتمع العراقي يواجه خطر الإرهاب "الداعشي" وعناصر التطرف الديني، ضربت أوساط الحكم فى العراق أزمة سياسية داخلية قد تتسبب في المزيد من التشتت، وقد تصل إلى حرب أهلية بين الأطياف العراقية. انتهت ولاية رئيس الوزراء نوري المالكي، وهو ما جعل التحالف الوطني يختار بعد جلسة طويلة من الشد والجذب اسم حيدر العبادي النائب الأول لرئيس البرلمان، ليكون رئيساً للوزراء خلفاً للمالكي، وهو ما جعل رئيس الجمهورية فؤاد معصوم يصدق على القرار ويكلف عبادي بتشكيل وزارته، فيما رفض المالكي القرار، وقال إنه مخالف للدستور، حيث إن الدستور العراقي ينص على اختيار رئيس الوزراء من الأغلبية البرلمانية والتى هي تحالف دولة القانون التابع له المالكي، وأيدت المحكمة الاتحادية ما قاله المالكي، وقالت إنه دستوريًّا من حقه أن يكمل ولاية ثالثة؛ لأنه تابع للكتلة البرلمانية الأكبر. وأذاع التليفزيون العراقي أمس الأول الثلاثاء خطابًا لرئيس الوزراء المنتهية ولايته نور المالكي قال فيه "إن اختيار حيدر عبادي كرئيس للوزراء أمر مخالف للدستور، من شأنه إدخال البلاد فى نفق مظلم"، فيما نشرت تقارير صحفية تحركات عسكرية للقوات العراقية على مداخل بغداد، وهو ما ينذر بانقلاب على القرار الرئاسي باختيار رئيس وزارء جديد، حيث قال المالكي إنه لن يترك منصبه، بينما انحازت الولاياتالمتحدةالأمريكية للخيار الجديد، وقالت إنها قلقة من أن يثير المالكي أزمة سياسية تعرقل العملية الديمقراطية فى البلاد. وقال القيادي الناصري مجدي زعبل إن الأزمة السياسية الداخلية فى العراق، والتي وقعت بين رئيس الوزراء المنتهية ولايته نور المالكي الذى أتت به أمريكا، وبين الرئيس فؤاد معصوم، هي تجلٍّ جديد لتدخل البيت الأبيض السافر فى الشئون الداخلية للعراق، مشيراً إلى أن المالكي جاء برعاية أمريكية وحكم الشيعة العراق برضا كامل من أمريكا كما دمرت سياساتها وطائراتها العراق، لذا فإن مزيدًا من التدخل فى العراق يزيد التوتر، ولن تهدأ العراق، كما يتوقع أن يدخل العراقيون فى حرب أهلية. وأضاف "زعبل" أن ما فعلته الولاياتالمتحدة من ضرب بالطيران لأهداف "داعش" يتناقض مع الحل الأمريكي على الأرض، وهو ما يشكل عبثاً بالمقدرات الوطنية للعراقيين، وإذا اتسعت الرؤية سنكتشف أن ما حدث بالعراق هو أقرب ما يكون إلى النموذج السوري والنموذج الليبي، والمراد من ذلك هو إرهاق الدول المركزية الكبرى فى المنطقة. وأكد "زعبل" أن الأمر ذاته كان مخططاً لمصر، ولولا ثورة 30 يونيو، لشاهدنا الأحداث السورية والعراقية فى مصر، فالثورة حمت مصر من السقوط فى المخطط الإجرامي، وهو ما سيجعل مصر عقبة فى مخطط التقسيم ومحاولات التفكيك، مؤكداً أن الطريق لا يزال طويلاً ومحفوفًا بالمخاطر، وحجم التحديات الداخلية والخارجية على الدولة المصرية يحتاج من الجميع أن يتعامل معه بالمنطق الوطني قبل أن يتعامل بالمنطق السياسي أو الحزبي. وتابع "أرى أن القضايا التى تواجهها مصر فيما بعد 30 يونيو كلها قضايا وطنية بامتياز، وأتعجب من هذا الكم من التحالفات الضعيفة والمهترئة، والتوازنات غير المفهومة التى تقوم بها القوى السياسية وكأن الجميع لا يدرك حجم التحدى الذى تعانيه الدولة المصرية". وقال سيف قنبر القيادي بحركة الطليعة الناصرية إن العراق يواجه خطر التقسيم والحرب الأهلية من جهة ومن الجهة الأخرى يواجه التطرف الإرهابي الذى تمارسه الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش)، مشيراً إلى أن السبب فى تفجر الأوضاع بهذا الشكل فى البداية كان البيت الأبيض والسياسات الأمريكية التآمرية على منطقة الشرق الأوسط. وأَضاف "قنبر" أن الحل لأزمة الدولة العراقية هو تدخل الدول العربية بجميع الأشكال في محاولة لإيجاد توافق وطني عراقي، حتى يتم نزع فتيل الأزمة التى قد تتسبب في حرب أهلية تؤدي إلى تقسيم العراق وتجعلها مأوى لقوى الإرهاب يهدد أمن المطقة كلها، مطالباً جميع الفصائل العراقية بتحكيم العقل ومحاولة فهم أن ما يحدث لن يأتي بخير على العراق، مشددصا على أنه لا يجب أن تتدخل الولاياتالمتحدة فى الوضع الداخلي العراقي مرة أخرى، فهي ليست صديقة كما يصفها البعض. وقال الدكتور مختار غباشي الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية "إن المالكي أصاب البلاد بحالة من الفساد، وأدار الحكم بشكل طائفي، وهذا الشكل الطائفي هو الذى تسبب فى ظهور حركات إرهابية مثل "داعش" وتعاطف أبناء القبائل معها، وأعتقد أن الإرهاب لن ينتهي إلا عندما ينتهي النظام الطائفي فى الحكم".