كشف تقرير صادر عن بنك التنمية والائتمان الزراعي، أن 169 ألف متعثر تقل مديونياتهم للبنك عن عشرة آلاف جنيه ويمثلون 65 % من إجمالي المتعثرين لدي البنك، البالغ عددهم 257 ألف عميل، تصل مديونياتهم ل4 مليارات جنيه. وأوضح التقرير أن مجلس إدارة البنك أصدر قرارا بإعفاء صغار المتعثرين ممن تقل مديونياتهم عن 10 آلاف جنيه، 50 % من الفوائد في حالة السداد الفوري لأصل القرض، وأن المتعثرين يمكنهم سداد 10 % من أصل القرض وجدولة الباقي علي فترة تتراوح ما بين 3 إلي 5 سنوات، بجانب تأجيل الملاحقات القضائية حتى نهاية العام الجارى. قال الدكتور محسن البطران، رئيس بنك الائتمان الزراعي السابق والخبير الاقتصادي، إنه وفقا للظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد في الوقت الحالي، فمن الأفضل تحصيل أصل الدين من الفلاحين، وأن يقتصر دعم الحكومة في الفوائد فقط. وأضاف "البطران" ل"البديل" اليوم، أن هناك ثلاث مبادرات لإسقاط الديون عن الفلاحين أثناء توليه رئاسة البنك، بدأها الدكتور كمال الجنزوري، رئيس مجلس الوزراء الأسبق، بالإفراج عن 25 مسجونا وإسقاط مديونية قروض زراعية بقيمة 42 مليون جنيه ل4000 متعثر. وتابع: المبادرة الثانية حدثت أيضا في عهد "الجنزوري" بتحمل الدولة لأصل الديون وجزء من الفوائد، أما الثالثة، كانت في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، الذي أسقط الديون عن 72 ألف متعثر بقيمة إجمالية تصل إلى 107 ملايين جنيه بعد أن صنفت مديونياتهم بالرديئة، وذلك فى محافظتي جنوب وشمال سيناء. وأوضح "البطران" أن توالي إسقاط الديون عن الفلاحين سيشجعهم على التقاعس عن دفع أقساط القروض بانتظام، مما يعرض أموال المودعين للخطر، مطالبا الحكومة بأن تدعم فوائد الديون وتلزم الفلاحين بسداد أصل القروض. ومن جانبه، أكد الدكتور فتحي هلال، رئيس النقابة المستقلة ببنك التنمية والائتمان الزراعي، أن سياسة الإعفاءات ثبت فشلها بداية من 2009 أثناء حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وتوالت فيما بعد الإعفاءات لتزيد من مستحقات البنك لدى وزارة المالية وبلغت 2 مليار و600 مليون؛ لأن خزانة الدولة التى تتحمل تلك الإعفاءات، لافتا إلى وزارة المالية رفضت الاعتراف بتلك المستحقات؛ بحجة أن "مبارك" لم يصدر قرارا رسميا موجها للبنك بهذا الشأن، وكل القرارات كانت شفوية ولم توثق بأوراق رسمية. وأشار إلى مبادرة الرئيس السابق محمد مرسي، التي حملت خزينة الدولة 107 ملايين جنيه فقط، بينما تحمل البنك 42 مليون جنيه، موضحا أن هذه الإعفاءات نتج عنها أثناء فترة تولى علاء سماحة، رئاسة البنك، عمل مخصصات للمبالغ التى تم خصمها من إيرادات البنك؛ لإظهار موقفه المالي على وضعه الحقيقي دون تجميل أو تزييف، ولكن للأسف حتى الآن لم يتم زيادة رأس مال البنك وإعادة هيكلته ماليا وإداريا لتخطي سلبيات الإعفاءات. ولفت "هلال" إلى أن الإعفاءات لها جوانب سلبية أخري تتمثل في امتناع المنتظمين بسداد أقساط القروض عن السداد؛ انتظارا لمزيد من الإعفاءات، مما عرض البنك لخسائر فادحة نتيجة زيادة المتأخرات وبالتالي تجنيب مخصصات لها من إيرادات البنك، مضيفا أن الحل الوحيد لمشاكل الفلاحين المتعثرين في سداد أقساط القروض الحاصلين عليها، تنفيذ مقترح للقضاء الجذري على مشكلة التعثر والمتمثل في ربط نسبة الفائدة بالمساحات الزراعية التي يمتلكها الفلاح أي تقسيمهم إلى شرائح. وأكد أنه من غير المقبول تحمل من يمتلك مساحة من قيراط حتى فدان نفس نسبة فائدة الذي يمتلك مئات الأفدنة، لافتا إلى أنه ثبت من خلال هذا المقترح أن من يمتلكون مساحة من قيراط حتى 5 أفدنة والذين يمثلون نحو 86.5 % من إجمالي عدد المزارعين على مستوى الجمهورية، يحصلون على 55% من قيمة الدعم التي تتحمله الدولة للقروض الزراعية، بينما نجد نحو 126 ألف 449 فلاحا يمتلكون من خمسة أفدنه فأكثر ويمثلون نسبة 13.5 % من إجمالي عدد المزارعين، يحصلون على 45% من إجمالي الدعم. وبيّن أنه وفقا لدراسة أجراها من شأنها تحقيق العدالة الاجتماعية – لو طبقت على أرض الواقع- بتخفيض نسبة الفائدة لشريحة المزارعين الذين يمتلكون من قيراط حتى 5 إفدنة إلى نحو 1% فقط، بالإضافة إلى 1% أخرى تم وضعها في صندوق تعاوني؛ لمواجهة مخاطر عدم السداد بدلا من تحملهم لنحو 5.5 % على أن يتم زيادة معدل الفائدة تدريجيا من خلال أربعة شرائح أخرى ممن تزيد مساحتهم الزراعية عن خمسة أفدنة. واختتم بأن الدولة أو البنك لن يتحملوا مبالغ مالية أخرى في حالة تنفيذ الدراسة، بل ستعيد النظر في نسبة الدعم لكبار المزارعين لصالح الصغار، علما بأن الدولة لن تحرم أي مزارع من الدعم، ولكن سيتم إعادة توجيهه، فضلا عن أن المتعثرين أغلبهم من صغار المزارعين، فلو خفضت الفائدة من 5.5% إلى 2%، سيتم القضاء جذريا على مشكلة التعثر، حتى إن تعثر جزء منهم فهناك صندوق مخاطر عدم السداد كبديل عن التأمين على المحاصيل الزراعية، التي تحجم عنه شركات التأمين لزيادة المخاطر في الائتمان الزراعي.