تأتي الذكرى السادسة لرحيل شاعر المقاومة الفلسطينية «محمود درويش»، بالتزامن مع انتهاء الهدنة بين الكيان الصهيوني والفصائل الفلسطينية ضمن مباحثات الحرب على قطاع غزة التي شنتها إسرائيل منذ أكثر من ثلاثين يومًا، وراح ضحيتها الآلاف من الشهداء والجرحى الفلسطينين، فضلًا عن تشريد أقرانهم وذويهم بعد قصف منازلهم، كل هذا والدول العربية لم تأخذ موقفًا جادًا ضد هذه الانتهاكات الإسرائيلية سوى مباحثات شكلية تقضي بفرض هدنة بين الطرفين لبضع ساعات، وتعود الحرب من جديد. حلم «محمود درويش» دائمًا بلم الشمل العربي، فكتب ديوان «أوراق الزيتون»، والذي ضم فيه قصيدته «بطاقة هوية» مؤكدًا فخره بعروبته رغم تخاذل العرب في نصره القضية الفلسطينة، فقال «سجل.. انا عربي..ورقم بطاقتي خمسون ألف.. وأطفالي ثمانية..وتاسعهم سيأتي بعد صيف..فهل تغضب.. سجل.. أنا عربي.. أنا اسم بلا لقب.. صبور في بلاد كل ما فيها.. يعيش بفورة الغضب.. جذوري.. قبل ميلاد الزمان رست.. وقبل فتح الحقب.. وقبل السرو والزيتون.. وقبل ترعرع العشب.. لا من سادة نجب.. وجدي كان فلاحًا.. بلا حسب ولا نسب، يعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتاب.. وبيتي كوخ ناطور من الأعواد والقصب..فهل ترضيك منزلتي»، فهل يستجيب العرب لنداء «درويش» ويناصرون القضية الفلسطينية بعد انتهاء الهدنه بينها وبين الكيان الصهيوني اليوم؟ يعد «درويش» أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن، إذ يعتبر «درويش» أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه، ففي شعره يمتزج الحب بالوطن بالحبيبة الأنثى. اعتقل «درويش» من قبل السلطات الإسرائيلية مرارًا بدأ من العام 1961 بتهم تتعلق بتصريحاته ونشاطه السياسي وذلك حتى عام 1972؛ حيث توجه إلى للاتحاد السوفييتي للدراسة، وانتقل بعدها لاجئا إلى القاهرة في ذات العام؛ حيث التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية ثم لبنان؛ حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، علماً إنه استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجاً على اتفاقية أوسلو، كما أسس مجلة الكرمل الثقافية. أصدر «درويش» العديد من الدواوين الشعرية منها: بعض مؤلفاته: عصافير بلا أجنحة، أوراق الزيتون، عاشق من فلسطين، آخر الليل، يوميات جرح فلسطيني حبيبتي تنهض من نومها، محاولة رقم 7، أحبك أولًا أحبك. توفي في الولاياتالمتحدةالأمريكية يوم السبت 9 أغسطس 2008 بعد إجراءه لعملية القلب المفتوح في مركز تكساس الطبي في هيوستن، تكساس، التي دخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته بعد أن قرر الأطباء في مستشفى "ميموريال هيرمان" نزع أجهزة الإنعاش بناء على توصيته. و أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الحداد 3 أيام في كافة الأراضي الفلسطينية حزنًا على وفاة الشاعر الفلسطيني، واصفًا درويش "عاشق فلسطين" ورائد المشروع الثقافي الحديث، والقائد الوطني اللامع والمعطاء، وقد ورى جثمانه الثرى في 13 أغسطس في مدينة رام الله؛ حيث خصصت له هناك قطعة أرض في قصر رام الله الثقافي، وتم الإعلان أن القصر تمت تسميته "قصر محمود درويش للثقافة". وقد شارك في جنازته آلاف من أبناء الشعب الفلسطيني وقد حضر أيضا أهله من أراضي 48 وشخصيات أخرى على رأسهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. تم نقل جثمان الشاعر محمود درويش إلى رام الله بعد وصوله إلى العاصمة الأردنية عمان؛ حيث كان هناك العديد من الشخصيات من الوطن العربي لتوديعه. وكتب الكثير من الكتاب والمؤلفين قصائد في رثاء محمود درويش ولعل أجملها ما نشرته جريدة الديار اللندنية ومؤسسة محمود درويش للإبداع، وهي قصيدة الشاعر رامي أبو صلاح، والتي نظمها في معارضة معلقة الأعشى ميمون بن قيس وقال فيها: ودّع هريرةَ إن الركب مُرتحلُ وهل تُطيقُ وداعاً أيها الرجلُ هذا كلامُ قصيدٍ قيلَ من زمنٍ أعشىً رواهُ إذا أحبابه رحلوا لكنني سأقول الشعر في رجلٍ لا قبلهُ رجلٌ أو بعدهُ رجلُ