أحمد حجاب:خريطة التحرّش تعمل من خلال نهج متكامل يجمع بين تكنولوجيا الإبلاغ عبر الرسائل القصيرة(SMS) وعبرالخريطة الإلكترونية مها السعيد :لأول مرة تنشأ وحدة لمكافحة العنف ضد المراة داخل جامعة القاهرة وليس التحرش فقط مبادرة "كما تدين تدان": نخطط لتنفيذ حملات توعية بجامعة عين شمس "أول الغيث قطرة" هكذا تبدو الحكاية داخل أرجاء جامعة القاهرة ذلك المكان التاريخي الذي تبرعت به الأميرة فاطمة إسماعيل من أجل أن يكون قلعة للعلم والتنوير والمعرفة، فلم تتوقع يوما أن يدنس هذا المحراب بواقعة التحرش الجماعي بطالبة كلية حقوق في يوم المرأة المصرية 16 مارس الماضي. وكالعادة تختفى الواقعة في زخم حوادث متلاحقة، ورغم أن مبادرة "شفت تحرش" كانت على وشك توقيع بروتوكول تعاون مع الجامعة والذى عطل بسبب الاضطرابات الأمنية والتفجيرات، فقد استطاعت مجموعة من المبادرات الحقوقية العاملة في مجال مكافحة التحرش الجنسي وأساتذة قسم اللغة الإنجليزية في إقناع رئيس جامعة القاهرة بإقرار أول سياسة رسمية فعالة لمواجهة التحرش الجنسي خلال الأيام المقبلة. ويشير أحمد حجاب – مدير وحدة المناطق الآمنة بخريطة التحرش الجنسي- إلى أن اعتماد إدارة جامعة القاهرة برئاسة الدكتور جابر نصار سياسة رسمية لمكافحة التحرش الجنسي داخل الحرم الجامعي وتطبيقها من الفصل الدراسي المقبل يمثل خطوة إيجابية لانتشارها وتعميمها في كافة مؤسسات الدولة وباقي الجامعات والوزارات. "البديل" تعرفت على السياسة الجديدة وكيفية تفعيلها، من خلال الحوار مع العديد من الحركات المناهضة لظاهرة التحرش الجنسي: يقول أحمد حجاب:"موافقة رئيس الجامعة علي تبني سياسة فعالة لمكافحة التحرش والاعتداء الجنسي كان نتاج عمل متواصل من أساتذة قسم اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة هم؛ هدى الصدة، مها السعيد، وليد الحمامصي، لبنى يوسف، شيرين أبو النجا، هالة كمال، وكذلك برنامج المدارس والجامعات الآمنة لدى مبادرة خريطة التحرش، مؤسسة نظرة للدراسات النسوية، ملتقى المرأة والذاكرة، حركة بصمة، ومجموعة من طلاب جامعة القاهرة والمتطوعين بمبادرة خريطة التحرش". وبسؤاله عن ملامح هذه السياسة أوضح حجاب أن التحرش الجنسي لم يعد مقبولا ولن يتم السماح بحدوثه أو تكراره مرة أخرى وفقا لهذه السياسة الجديدة التى توفر للطلاب والأساتذة إطارا يمكن من خلاله التبليغ عن حوادث التحرش الجنسي بطريقة آمنة. وتابع:" تطبيق هذه السياسة سيتم قبل بدء العام الدراسي من خلال تدريب الموظفين الذين يكلفون بالعمل في وحدة تلقي بلاغات التحرش أو شكاوى الطالبات داخل الحرم الجامعي وتوعيتهم بالظاهرة وأسبابها وكيفية التعامل مع الناجية من حادثة تحرش، وتسجيل شهادتها، مشيرا إلى أن هذه الوحدة ستكون أحد أبرز آليات تنفيذ السياسة التي أقرتها جامعة القاهرة في مكافحة الظاهرة والسيطرة عليها". وأكد حجاب أن التحرش الجنسي في مصر سيقضى عليه بمجرد الاعتراف الحقيقي بوجوده ووضع الخطط للسيطرة عليه، وأن يكون هناك اتجاه عام من الدولة لتبني تشريعات وقوانين حقيقية لمناهضة كافة أشكال العنف الجنسي التي تواجه المرأة المصرية. وقال:"خريطة التحرّش تعمل من خلال نهج متكامل يجمع بين تكنولوجيا الإبلاغ عبر الرسائل القصيرة(SMS) وعبرالخريطة الإلكترونية، الأبحاث، وحملات الاتصال، بالإضافة لأكثر من 1500 متطوع في برنامج التوعية المجتمعية في 18 محافظة في مصر لتشجيع الأفراد على الوقوف ضد التحرش والاعتداء الجنسي". وتقول الدكتورة مها السعيد-الأستاذ بقسم اللغة الإنجليزية بآداب القاهرة- قبل حادث التحرش الشهير لطالبة الحقوق كان أساتذة قسم اللغة الإنجليزية قد شكلوا مجموعة عمل تبحث كيفية مواجهة هذه الظاهرة، وبدأ التفكير يتجه نحو التنفيذ على أرض الواقع وتم الاتصال وقتها بالمبادرات العاملة في مجال مكافحة التحرش الجنسي مثل نظرة وخريطة التحرش. وتوصلنا بمقترح للسياسة التي نرغب في تنفيذها داخل جامعة القاهرة لمكافحة التحرش الجنسي داخل الحرم، وبالفعل تم الذهاب إلى الدكتور جابر نصار رئيس الجامعة الذي رحب على الفور بالفكرة، واعتمد هذه السياسة في نصف ساعة، والذي أسهم في بلورتها لخلفيته القانونية. وأضافت أن ملامح السياسة تتكون من تشكيل لجنتين أحدهما عليا برئاسة الدكتور جابر نصار ومقررة اللجنة الدكتورة هدى الصدة، واللجنة التنفيذية برئاستي، ومن المقرر ان تجتمع اللجنتين خلال الأسبوع المقبل، مشيرة إلى أن التصور العام للسياسة التي تم إقرارها من رئيس الجامعة تتضمن إنشاء وحدة مركزية لمناهضة العنف ضد المرأة تتكون من مسئول لتلقي شكاوى الطالبات والطلاب، ومسئول الدعم النفسي للناجيات عن العنف، ومسئول قانوني لترجمة الشكوى أو الحادثة آنذاك وفقا للموقف بما يحفظ حق الضحية. وأكدت السعيد أن اللجنة التنفيذية سوف تشكل من خبراء في مختلف المجالات سواء أساتذة إعلام وطب وحقوق، ويتم التجهيز لإنشاء خط ساخن كخط نجدة داخل الحرم الجامعي تتلقى الوحدة المركزية الشكاوى من خلاله، بالإضافة إلى وجود منسقين داخل كل كلية أحدهما يتواصل مع الوحدة المركزية والآخر مسئول في رعاية الشباب بالكليات. وأشارت إلى أن الوحدة المركزية لن تتلقي شكاوى فقط بل سوف تعمل علي تحليل ودراسة هذه الشكاوي للوقوف علي الأسباب الرئيسية للتحرش الجنسي والخروج بأبحاث أكاديمية تسهم في مواجهة التحرش، وسوف يسهم في تحقيق ذلك خبراء علم الاجتماع والنفس الذين يشكلون اللجنة التنفيذية. من جانبه أكد محمد سعيد – مؤسس مبادرة "كما تدين تدان" – على إيجابية الخطوة التي اتخذتها جامعة القاهرة بإقرار أول سياسة داخل مؤسسة رسمية لمواجهة التحرش الجنسي، وهو يمثل اعترافا من الدولة بالظاهرة بعد حالات الإنكار التي أعقبت حادثة طالبة حقوق وكانت في قلب الحرم الجامعي. أضاف سعيد "مبادرة "كما تدين تدان" تتخذ خطوات موازية للعمل في جامعة عين شمس والبدء بكليات الألسن والصيدلة والتجارة من خلال التنسيق مع إدارة الجامعة مع بدء العام الدراسي الجديد، واستكمال حملات توعيتهم التي بدأت في العام الماضي وتوقفت بفعل الظروف الأمنية والاشتباكات المستمرة التي كانت بين الطلاب وقوات الأمن. ويقول مهند السنجري – المسئول الإعلامي بحركة "بصمة"- أحد المبادرات المشاركة في مجموعة العمل، أتمنى أن تنتشر مبادرة جامعة القاهرة،وتصبح مكانا آمنا خاليا من التحرش الجنسي من العام المقبل من خلال تنمية وعي جيل قادر على رفض الظاهرة، ناشر لثقافة الرفض مع كل المحيطين به.