بدأت إسرائيل استعرض عضلاتها على مدار 5 أيام من القصف المتواصل على قطاع غزة، ولكن رد الفصائل الفلسطينية الصاروخي على مستوطنات الاحتلال ومدن الداخل المحتل جعل من حكومة وجيش الاحتلال أكثر رغبة في وقف إطلاق النار في محاولة للتقدم ولكن إلى الوراء هذه المرة؛ مما يدل على حجم الألم الذي لحق بالمستويين السياسي والعسكري الإسرائيلي قبل الضرر على أرض الواقع، والذي ألحقته بهم صواريخ المقاومة الفلسطينية. الاحتلال الإسرائيلي من جهته يشعر على الأقل على مستوى المستقبل القريب أنه لا خطط أمامه ولا أهداف معينة حتى، وبالتالي فإن النتائج لن تكون كما حاول قادة الاحتلال إيهام جمهورهم بالسعي لتحقيقها. الأيام الماضية من المواجهة لم تسفر سوى عن قتل المزيد من الأبرياء وقصف المنشآت والمنازل المدنية للفلسطينيين دون تحقيق إنجازات عسكرية ملموسة، كما أن الخسائر التي تزداد كل يوم على صعيد جبهة الكيان الداخلية تحت ضربات الصواريخ الفلسطينية لا بد أن يكون لها تأثير أيضًا. وعلى صعيد صواريخ المقاومة فقد أسفرت أمس الجمعة عن إصابة 8 إسرائيليين بينهم حالات بالغة الخطورة؛ جراء سقوط صاروخ على محطة للوقود في مدينة أسدود، ونتج عنه اشتعال للنيران التي التهمت المحطة بالكامل، وألحق أضرارًا مادية كبيرة في المركبات التي كانت متوقفة بالمكان، إضافة إلى خسائر يومية بشرية واقتصادية ومادية يومية رغم محاولة الاحتلال التكتم عليها وتململ الجمهور الإسرائيلي من حالة الخوف والقلق اليومية. أمام كل هذا والإرهاصات التي تصاحب العملية العسكرية على الصعيد الداخلي والعالمي غيرت من نبرة قادة الاحتلال، فها هو رئيس أركان جيش الاحتلال "بني غانتس" تحدث أمس بشكل واضح عن دعوة لوقف إطلاق النار، وقال غانتس "على قطاع غزة أن يحدد أين هو ذاهب إلى تصعيد أو تهدئة؟ مدعيًا أن جيشه تمكن من ضرب قدرات حماس الصاروخية في الصميم من خلال سلسلة الغارات الجوية التي ينفذها يوميًّا على القطاع. وعلى المستوى السياسي الذي وصف العملية العسكرية بالمعقدة، فإن رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" كشف وبشكل واضح أنه يفتقد لأي استراتيجية لوقف العملية، كما أنه لا يملك أية خطط واضحة لتنفيذ عملية برية في القطاع، وهذا كله يضع العملية العسكرية برمتها أمام تساؤلات تحدد مدى جاهزية الاحتلال لخوض حرب طويلة تستمر لأيام ضد غزة التي لا تملك قوات الاحتلال من أمرها شيئًا، وتجهل حتى مكان إطلاق الصواريخ على القطاع. ووفقًا لصحيفة يديعوت أحرنوت فقد قال "نتنياهو " إن أهداف العملية هي العمل على وقف إطلاق النار، رغم اعترافه بأن حماس لا تبدي علامات انكسار، وترفض الاستجابة للوساطة. وأوضحت الصحيفة العبرية أن جلسة الكابنيت التي استغرقت ما يقارب ال 7 ساعات أمس الأول الخميس أظهرت تردد الوزراء في إقرار عملية برية على غزة وعجزهم عن إيجاد صيغة واضحة لهذه العملية، حيث تركز النقاش على عملية محدودة لا تهدف إلى إعادة احتلال القطاع، حيث قال نتنياهو أمام الكابنيت "أمامنا لا تزال معركة قاسية، مركبة ومعقدة". وتحاول حكومة الاحتلال في هذه الأيام زيادة الضغوط على الأرض؛ من أجل تحريك مسار التهدئة، وبحسب محللين إسرائيليين فإن "إسرائيل" ترغب فعلاً في التهدئة؛ لأن ثمن غيرها سيكون باهظًا، وهي إن صدَّقت فعلاً على تنفيذ عملية برية، فستكون عبارة عن مسرحية استعراضية تهدف لإيهام الإسرائيليين بانتصار كاذب، وستكون تلك العملية محدودة وبلا أهداف حقيقية.