- لم يعد مجال للتساؤل حول حجم ما يجري في فلسطين، فالأمور خرجت عن دائرة الانزلاق في ردود الأفعال، هي الحرب بكلّ معانيها ولو توقفت بعد ساعة، فهي حرب تتوقف بقوة المعادلات التي أنشأتها المقاومة وفرضت فيها موازين جديدة للردع. - إسرائيل بكامل وعيها وإجماع ساستها تذهب إلى الحرب، وفي عقلها الجمعي حدّ أدنى هو تدمير القدرات التي راكمتها المقاومة قبل أن تبدأ موائد التفاوض الباردة في المنطقة، وحدّ أعلى هو تغيير قواعد الاشتباك التي انتهت إليها حرب عام 2012، والتي كرّست ما كان قبلها من قبول إسرائيلي بالوقف المتبادل للنار، حيث لا قدرة إسرائيلية على الهجوم البري ولا طاقة على احتمال حرب الصواريخ. - المقاومة بجناحيها القسام وسرايا القدس تدخل الحرب بوعي الحاجة إلى فرض توازن جديد، فالقسام تستردّ مكانتها في حلف المقاومة بعد التسويات التي نضجت مع إيران وحزب الله لتصحيح المسار الخاطئ، الذي وقعت فيه القيادة السياسية لحركة حماس وكادت بوهم دولة دار الإسلام التي يدعو إليها تنظيم الإخوان المسلمين تضيّع تاريخها ومستقبلها من بوابة تعاملها مع الأزمة السورية، وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي راكمت القدرات والاستعدادات لهذه الحرب، عندما انكفأت عن التورّط في الأزمات الداخلية للبلاد العربية في موسم أوهام الربيع العربي، وبقيت معادلتها فلسطين هي البوصلة، ويلتقي الجناحان على هذا الفهم الموحد، بفهم لما يجري في المنطقة عنوانه أنّ زمن فلسطين وحده يعيد إنتاج مناخ عربي مختلف، بدءاً من مصر التي تعني الكثير في معادلات فلسطين عموماً وغزة خصوصاً، وصولاً إلى القناعة بأنّ توازنات المنطقة التي تُرسم لا يجوز أن تُرسم وتغيب عنها فلسطين. - حلف المقاومة الممتدّ من لبنان إلى سورية والعراقوإيران، ليس في موقع المنشغل عما يجري في فلسطين، وليس في موقع المتابع وحسب، بل هو في قلب الحرب لحظة بلحظة، يتابع على قاعدة أنّ سايكس بيكو قد سقطت، وأنّ مصير الكيانات الوطنية يتقرّر بالشراكة الكاملة بين قوى الخيار المقاوم مقابل قوى الرهان على الأجنبي، وأنّ فلسطين وحدها تقول الكلمة الفصل، وأنّ كلّ الواقفين وراء داعش علناً وبالسرّ، وكلّ الذين راهنوا على سقوط سورية وحصار المقاومة، ويقفون اليوم وراء الرهان على تقسيم العراق، ليسوا إلا صدى لصوت أصيل في هذا المشروع هو الصوت الإسرائيلي، وأنّ خنق الصدى إذا بقي الصوت متواصلاً وقوياً استحالة علمية، لأنّ صدى آخر سيعود من مكان آخر، ولأنّ الصدى محلي فكلفة خنقه هي حرب أهلية، بينما هزيمة الصوت الأصلي قطع لشرايين الحياة عن التردّدات الببغاوية العمياء، وبكلفة يظنها البعض مرتفعة، لكنها بالتأكيد أقلّ من كلفة أي حرب أهلية. - حلف المقاومة جاهز وحاضر على رغم كلّ الانشغالات، وقادر على إثبات أهليته لحروب متعددة الجبهات، التوقيت ستقرّره ساعة فلسطين، والمفاجآت التي ظهرت حتى الآن ليست إلا أول الغيث.