انطلقت رحلة رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، رسمياً باتجاه القصر الجمهوري، إذ أعلن أمس، ترشحه من قبل حزب "العدالة والتنمية" للانتخابات الرئاسية التي ستجري في العاشر من أغسطس المقبل. وجاء الإعلان خلال تجمع حزبي كبير في أنقرة، حضره مؤسسو الحزب وقياداته والوزراء وأعضاء البرلمان وكل التنظيمات الحزبية من أنحاء تركيا كافة، وأكد نائب رئيس «العدالة والتنمية» محمد علي شاهين، أن الحزب كان يخطط لترشح أردوغان للانتخابات الرئاسية الماضية عام 2007. وفي الخطاب الذي تلا إعلان الترشح، شبه أردوغان نفسه بمؤسس الإمبراطورية العثمانية وبصلاح الدين الأيوبي وبطارق بن زياد، وحفل الخطاب بعبارات وإشارات دينية، إذ قال أردوغان إنه دخل المعترك السياسي من أجل الله ولخدمة الشعب وللوقوف ضد الظلم، أنى كان، في فلسطين وسوريا ومصر وأفغانستان والعراق والصومال وغيرها، وأضاف أنه سيكون رئيساً للشعب التركي كله، وليس لفئة واحدة منه، مشيراً إلى أن الرئيس يمثل الدولة والأمة متمتعاً بكامل الصلاحيات لأنه سينتخبه الشعب مباشرة. وأكد أردوغان ضرورة إعادة النظر في مجمل المعطيات السياسية والدستورية والقانونية، بنحو متأقلم مع النظام الجديد الذي سيكون فيه الرئيس ذا صلاحيات واسعة وعملية، لافتاً إلى أنه سيكون رئيساً مختلفاً عن جميع الرؤساء السابقين، وأنه سيعمل من أجل المزيد من التقدم في المجالات كافة بما فيها الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ومتابعة مسيرة العمل الديمقراطي لحل المشكلة الكردية، وتوقع لنفسه أن يبقى في الرئاسة حتى 2023 للاحتفال بالذكرى المئوية لقيام الجمهورية التركية. ومن المتوقع أن يبدأ أردوغان حملته الانتخابية من مدينة سامسون التي بدأ منها أتاتورك حرب الاستقلال عام 1919، كذلك من المتوقع أن يسخّر أردوغان كل إمكانات الدولة في حملته الانتخابية ومن صفته الحالية. وكان حزبا «الشعب الجمهوري» و«الحركة القومية» المعارضان، قد أعلنا قبل أسبوعين ترشيح الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو للرئاسة التركية، وكان حزب «ديمقراطية الشعوب»، الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني بزعامة عبد الله أوجلان قد رشح زعيمه صلاح الدين دميرتاش إلى الانتخابات. في هذا الإطار، أعلنت الحكومة إجراء تعديلات قانونية جديدة اعترفت بموجبها بحقوق جديدة للأكراد، ومنها السماح لمسلحي «العمال الكردستاني» بالعودة إلى تركيا من دون أي ملاحقة قانونية وإعادة تأهيلهم من قبل البلديات التي يسيطر عليها حزب «ديمقراطية الشعوب» الكردي، وتتوقع الأوساط الإعلامية والسياسية للحكومة أن تقرّ إخلاء سبيل أوجلان القابع في سجنه في جزيرة أميرلي منذ عام 1999. في غضون ذلك، يستمر النقاش داخل أوساط «العدالة والتنمية» بشأن المرشح المحتمل لمنصب رئيس الوزراء خلفاً لأردوغان، وتتوقع مصادر الحزب له ألا يستقيل من منصبه حتى انتخابه رئيساً للجمهورية، وتقول أوساط المعارضة إنها ستعترض على ذلك لدى المحكمة الإدارية العليا التي قد تجبره على الاستقالة. حينها سيضطر إلى تكليف أحد الوزراء تشكيل الحكومة الجديدة قبل انتخابات الرئاسة، وقد يكون من بين الأسماء المطروحة نواب رئيس الوزراء الحالي بولنت أرينج ومحمد علي شاهين وعلي باباجان ووزير الخارجية أحمد داوود أوغلو، الأمر الذي ينال اعتراضاً واسعاً في أوساط الحزب بسبب فشله في السياسة الخارجية. ومن جهة أخرى، يتواصل الحديث عن سيناريو عودة رئيس الجمهورية الحالي عبد الله غول رئيساً للوزراء، في هذه الحالة يجب انتخاب غول عضواً في البرلمان في أول انتخابات فرعية، أو عليه الانتظار حتى تموز 2015، حيث تجري انتخابات برلمانية عامة، في الوقت الذي يتوقع فيه البعض أن يسعى أردوغان إلى تغيير الدستور الحالي وتحويل النظام السياسي إلى رئاسي كما هو في أمريكا أو فرنسا، بحيث تكون فيه كل السلطات بيد رئيس الجمهورية.