"أكتوبر" حالة استثنائية للتضامن العربي.. وحزب الله ومضة في تاريخنا روسيا هي القطب الثاني في معادلة موازين القوى الدولية "السيسي" يدرك أبعاد الأمن القومي.. ودور مصر القيادي عائد لطالما كانت القضية الفلسطينية وما زالت قضية العرب المحورية، ولكن فى ظل هذه الأوضاع المضطربة التى تمر بها الدول العربية عموما، ومصر بوجه خاص، تفرض تساؤلات مصيرية نفسها: ما هو مستقبل القضية الفلسطينية؟ وما السبل نحو خطوة إيجابية فى تحرير القدس من وطأة الكيان الصهيونى؟ وكيف يمكن للعرب ولمصر دعم الشعب الفلسطيني؟ هذا بالإضافة إلى التساؤلات عن المرحلة القادمة وكيفية إدارة الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى لأمور البلاد، وموازين القوى العالمية التى بدأت تتغير، والعديد من القضايا والملفات الهامة التى أجابنا عنها الدكتور جمال زهران رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة بورسعيد، ورئيس الجمعية الوطنية للتغيير، والخبير بمركز الأهرام للدرسات السياسية والإستراتيجية والنائب البرلمانى السابق . ماهى مكانة القضية الفلسطينية بالنسبة لمصر والعرب فى ظل فرض السياسات الصهيو أمريكية على الدول العربية؟ أولا لو قمنا باستعراض النتيجة الكلية لمسيرة القضية الفلسطينية، سنجدها مبعثرة بين 22 دولة عربية، ونحن الآن أمام مؤامرة غربية استعمارية لاستبدال الاستنزاف الغربى للمنطقة العربية بزرع إسرائيل كبديل لرحيل الاستعمار الشكلى، وذلك لكى يضمنوا أن تظل المنطقة خانعة، وتحت سيطرة الدول الغربية كما قال الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر": "الاستعمار بيخرج من الباب ويعود من الشباك"، ولكن هذا الكيان وإن استمر لمائة عام أو أكثر فهو راحل من دون شك. هذا بالإضافة إلى الفعل التآمرى الخارجى على المنطقة العربية، وذلك لأن الغرب يرى فى تقدم الدول العربية إعاقة لمصالحه، ولذلك يقوم بالتخطيط والتآمر للإبقاء على مصالحه فى المنطقة بالإضافة إلى أنه هو أساس التفكير الاستعمارى فالغرب قام باستعمار الدول الصغيرة بحثا وراء المال والبترول والمصالح الأخرى، هذا ما يجعلنا نطلق على الأمريكان والأوروبيين أنهم مجرمون فى حق شعوب دول العالم الثالث، وذلك لأنهم قاموا بزرع الكيان الصهيونى كوسيلة من وسائل عدم تكامل المنطقة العربية فى دولة واحدة. تتعامل الدول العربية مع القضية الفلسطينية بمواقف انفرادية.. فما أثر هذا التفكك على القضية؟ هذا يدل على أنه لا توجد إرداة سياسية عربية موحده لمواجهة الكيان الصهيونى، وهذا يؤكد على أننا غير قادرين على الفعل فى شكل منظم ومؤثر إلا فى مرات استثنائية منها "حرب 73 " والتى تعد استثناء قام به العرب، وخرجوا بإنجاز هو هزيمة الكيان الصهيونى، وذلك بعد ان تم استخدام السلاح العسكرى والبترول ومنع تصديره للغرب، الأمر الذى ساعد المقاتلين على التغلب فى الجبهتين المصرية والسورية. كيف تتخلص الدول العربية من تلك المؤامرة التى فرضها الغرب عليها؟ بأن تسترجع روح النضال والانتفاضة من جديد، وذلك لأن القضية الفلسطينية قلب الوطن العربى، وهى القضية المركزية، وبأن تدرك الأجيال القادمة أنها لكى تعيش مستقبلا أفضل فلابد أن تقوم بإزالة الكيان الصهيونى بالكامل، وتقيم الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني، وذلك لن يأتى إلا فى سياق المقاومة، ومن الجيد أن هناك تغيرا فى موازين القوى العالمية بما يصب فى صالح القضية الفلسطينية ما هو التغير الذى طرأ فى موازين القوى العالمية من وجهة نظرك؟ التغير الذى طرأ نتيجة الواقع المؤلم وموازين القوى المختلة وفشل الثورات العربية فى إحداث التغيير الحقيقى فى المنطقة، و ذلك نتيجة لمحاولة إجهاض تلك الثورات، هذا بالإضافة إلى النظام العالمى الذى كان أحادى القطبية لمدة ثلاثة وعشرين عاما، وذلك لسيطرة قوة واحدة على العالم وهى الولاياتالمتحدةالأمريكية، هذا بعد تفكك الاتحاد السوفيتى إلى روسيا وغيرها، من الدول الأخرى أما فى الفترة الأخيرة فبدأت روسيا فى العودة إلى ميزان القوى العالمى، وأصبحت قطبا دوليا أجبرت الكيان الصهيوني وأمريكا على الخضوع أمام السياسة الروسية، وذلك بعد أن أخطأت فى ثقتها الزائدة بالولاياتالمتحدة عند ضرب ليبيا. ما هو تقيمك لحركات المقاومة "حماس" وموقفها تجاه القضية الفلسطينية؟ على الرغم من أن هناك عددا من الحركات الموجودة باسم المقاومة فى فلسطين ومنها حماس وفتح، ولكن هذه الحركات استسلمت للأمر الواقع، وذلك ربما لأنهم يرون أنفسهم فى فترة انتقالية لحين الاستعداد لفترة مستقرة يتم فيها المواجهة الحقيقة للكيان الصهيونى، وفى رأيي، أن حماس وفتح لم تعودا صالحتين لمواجهة الكيان الصهيونى، وذلك لأنهم يأملان فى السلام الكسيح وهذا ما لم يحدث. وفى نفس السياق ظهرت بعض الومضات فى تاريخ الدول العربية عن طريق عدد من الحركات المقاومة فى مواجهة الكيان الصهيونى، منها حزب الله سلاح المقاومة فى لبنان، الذى نجح فى إخراج العدو الصهيونى من جنوبلبنان فى عام 2002، وكذلك صموده في وجه العدوان الصهيونى على لبنان فى أغسطس 2006 لمدة استمرت ثلاثة وثلاثين يوما من المقاومة المستمرة. هل ستتمكن مصر من العودة لمكانتها الريادية وتقود تحرير فلسطين؟ يجب أن ننظر إلى التاريخ الذى يعطينا المعلومات الكافية عن الكبوات التى تعرضت لها منطقة الشرق الأوسط، فجميع الموجات الاستعمارية كان التصدي لها عن طريق مصر، وذلك لدورها الرائد بدءا من هجمات الهكسوس، والموجه التتارية، والحملات الصليبية التى جاءت فى العصور الوسطى، واستمرت لمدة مائتي عام، وكانت قادمة لاستنزاف خيرات بلاد الشرق بحجة استعادة مدينة "أورشليم" "القدس" وقد تصدى لها صلاح الدين فى معركة حطين، وانتهاء بالاستعمار الأوروبي للمنطقة العربية، الذي رفعت مصر لواء الاستقلال خلاله. وأراهن على عودة الدور القيادى الإقليمي لمصر فى المنطقة خلال الفترة القادمة، وخروج سوريا من أزمتها لأن ذلك يعني سد الخلل فى موازين القوى للدول العربية. كيف سيتعامل السيسى مع المشاكل التى تواجهه حاليا؟ بالتأكيد الرئيس السيسى مدرك أبعاد المشاكل والتحديات التى ستواجه جيدا، من جميع الجوانب والاتجاهات، جنوبا، سد النهضة، شرقا، القضية الفلسطينية وظهور حماس كأحد أذرع جماعة الإخوان، غربا، بالضغط الأوربى ومحاولة الحصار عن طريق ليبيا ، وشمالا، تركيا بمخطط الولاياتالمتحدة، كما أنه مدرك لأبعاد الأمن القومي، وظهر ذلك فى الشأن المتعلق بسيناء، فقد عارض الرئيس المعزول مرسى عندما أراد أن يجعل من سيناء إمارة إسلامية، ورأى السيسى أنه هذا يشكل خطرا كبير على الأمن القومى. وكل هذا يدل على أن الرئيس سيحمل أجندة الدور القائد لمصر فى المنطقة، وذلك لأنه إذا لم يتواجد هذا الدور سنجد نظاما أسوء من نظام مبارك، الأمر الذى سيجعل هناك سخطا جماهيريا وشعبيا لن يقبله هو.