منذ بداية الخليقة ويظل الانسان فى حالة بحث مستمر عن كل ما يجهل ماهيته من حوله،بل وداخل جسده ونفسه وعقله الذى كان ومازال اكبر لغزا يبحث الانسان عن ماهيته وكيفية عمله ،ولذلك ظلت الابحاث التى تدور حول عقل الانسان محور اهتمام الكثيرين من علماء النفس منذ زمن قديم وحتى الان. فقد كان قديما ينظر لعقل الانسان على انه ذلك الجزء من حياته الذى يعى فيه كل ما يدور من حوله، ويخزنه به لحين الحاجة اليه ، ولكن ما ان ظهرت النظرية الفرويدية للنور عن "اللاشعور" بإستخدام التحليل النفسى ،الا وانقلبت هذه الفرضيات رأسا على عقب ،واصبح يُنظر لعقل الانسان بشكل مركب ومختلف تماما….. قد كان عالم النفس" فرويد" اول من نادى بفكرة ان عقل الانسان يوجد به حيز كبير ممتلئ بالذكريات التى تم كبتها-تم نسيانها لتهديدها لأنا الانسان واما ان تكون جنسية او عدوانية- ونسيانها، وهذا الحيز من العقل ليس مخزونا عبثيا او غير مؤثرا فى حياة الانسان، بل له التأثير الاكبر فى حياة الانسان ،ولكن دون ان يعى الانسان ذلك ، وذلك الجزء اللاوعى من العقل دائما وابدا يريد ان يفصح لنا عن نفسه فى حيز الوعى، فنجده يظهر فى الاحلام و ذلات القلم واللسان ويظهر فى اسوء صوره فى الحالات المرضية النفسية.. ذلك الجزء من عقل الانسان يُسمى " اللاشعور" اللاشعور هو ما شغل بال فرويد وتوصل له من خلال جلساته العلاجية مع مرضاه بإستخدام تقنيات "التحليل النفسى" ومن ضمن افضل اساليبها التى توصل لها فرويد بعد محاولات طويلة "اسلوب التداعى الحر/ free association technique" ذلك الاسلوب الذى يُمنح فيه الحرية للشخص ان يقول كل ما يخطر بباله دون قيد او شرط مهما كان معيبا او تافها من وجهة نظره وبدوره-المحلل- يستطيع ان يصل الى مكنونات اللاشعور. ومن زمن قديم كان يتم التحكم والسيطرة على العقل اللاوعى /اللاشعور لدى الانسان بإستخدام "طريقة التنويم المغناطيسى /الايحائى" ،هذه التقنية التى استخدمها الهنود الحمر وغيرهم من القدماء ،ولكن تم تسميتها لاول مرة على يد "جيمس برايد" رائد التنويم المغناطيسي. ثم جاء من بعده العالم النفسي "فرويد" الذي تعلم التنويم المغناطيسي ومارسه مع مرضاه ،لكن لعدم استجابة كل مرضاه له ،قام بصياغة طرق اخرى كالتداعى الحر وغيره ،وقد اعتمد كأحد اساليب العلاج فى العصر الحديث عام 1950م. وما زالت طرقه تُدرس حتى اليوم،وهذه التقنية تتخلص فى ان المحلل-الشخص الذى يقدم العلاج- يطلب من المريض الاسترخاء التام ،والتركيز على بندول ساعة يتحرك او كرة دوارة-اى شئ يتحرك حركة منتظمة- ، حتى يستطيع المحلل ان يصل الى منطقة اللاشعور/اللاوعى لديه بكل ما تحتويه من صدمات نفسية ورغبات مكبوتة منذ المراحل الاولى لحياته ،وفيها يجد السبب الاساسى للعرض الذى يشكو منه المريض، وما ان يتم اقناعه به ،حتى يزول هذا العرض، وهذه الطريقة استخدمت لعلاج الكثير من الامراض النفسية والعصبية والعادات السيئة كالتدخين. ومن اقوال فرويد فى هذا الشأن "ان العقل البشري يشبه الجليد العائم في المياه القطبية , حيث يختفي منه تحت سطح الماء تسعه اعشاره ,ولايظهر للعيان سوى عشر واحد "الشعور/الوعى" ، وهذه الاجزاء المختفية من العقل هي التي تقرر سلوك الانسان، أما الجزء الظاهر من العقل فليس سوى برقع يحاول الانسان أن يغطي به عقله اللاوعى/اللاشعور" .