تتوفر لدينا إمكانية القول بأنه من بين أبرز ما تضمنته كلمة المرشح الرئاسى، حمدين صباحى، للمصريين بالخارج، عشية التصويت على الانتخابات الرئاسية، هو حديثه عن أهمية وتفعيل وزارة للمصريين بالخارج، وهذا يتوافق مع الرغبة الملحة لهذه الشريحة المهمة من الشعب المصرى . وحسب ما تشير التقديرات، فهناك قرابة 10 ملايين مصرى بالخارج يتواجدون بكافة انحاء المعمورة . وبطبيعة الحال، يتوجب أن تستهدف هذه الوزارة تعميق وتوثيق ارتباط هولاء بوطنهم الأم، عبر طرائق شتى، وتواصلهم المستمر بالوطن ولحظاته الحاسمة والمفصلية. وتبرز هنا أهمية النشاط الثقافى، وعقد الندوات والأنشطة المتعددة لتعميق الهوية المصرية لهؤلاء وإبقائهم على تواصل مستمر بوطنهم. ومما له صلة، يتحتم على الجميع، العمل على وقف تلك الصورة المرسومة لاعتبار المصريين بالخارج بمثابة "البقرة الحلوب"، اى النظر اليهم كمصدر للتبرعات والدعم، سواء بمحض ارادتهم أو الفرض عليهم . ولست بحاجة لتكرار أن السواد الأعظم من المصريين بالخارج ليسوا أصحاب ثروات طائلة أو أثرياء. فقد تركوا الوطن دون رغبة منهم للبحث عن مصدر رزق كريم، وليساعدهم على الحياة الكريمة، سواء لهم أو أسرهم، الصغيرة والكبيرة، داخل الوطن، حيث أنهم مصدر الإعالة الوحيد. وهم يتحملون مصاعب ومتاعب جمة فى الغربة ، ويتعرضون للكثير من المضايقات والمشاكل، ومن ثم، يتوجب على تلك الوزارة متابعة أحوال هؤلاء، والعمل على حل ما يصادفونه من مشاكل وأزمات، خاصة فى بلدان النفط العربية . مما يفرض على كافة السفارات والقنصليات المصرية بالخارج، وحيث يتواجد تجمعات هؤلاء المصريين، تضافر كل الجهود بين الوزارة المعنية بهم بالخارج، ووزارة الخارجية لتنسيق كيفية رعايتهم وحماية مصالحهم . وفى مقدمة ما يتوجب عمله، توفير المحامين الأكفاء لتولى قضاياهم، سواء مع حكومات الدول التى يتواجدون فيها، أو مع مواطنى تلك الدول، تتزايد أهمية ذلك، خاصة فى الدول التى ما تزال تعتمد " نظام الكفيل " والذى يتسبب فى حرمان هؤلاء المصريين من كثير من حقوقهم العادلة والمشروعة، وتوصيل رسالة قوية وواضحة لحكومات هذه الدول مفادها أن تعمد الإساءة للمصريين فى هذه الدول، أو الجور على حقوقهم سيقابل بالمعاملة بالمثل، فكرامة المصريين بالخارج هى من كرامة مصر ولا يمكن التخاذل بهذا الخصوص . وفى السياق ذاته، يتوجب على وزارة المصريين بالخارج القيام بحصر دقيق وشامل لأعداد هؤلاء، وبطبيعة الحال لها أن تستعين فى المقام الأول بتصاريح العمل التى يتوجب الحصول عليها للعمل بالخارج . يقود ذلك إلى أهمية تيسير واتاحة ممارسة حق التصويت لكافة الاستفتاءات والاستحقاقات الانتخابية. وحسب المعلومات المتاحة، لم تتجاوز نسبة التصويت لانتخابات الرئاسة المزمعة الا نسبة قليلة ومتدنية للغاية، حيث لم يصوت سوى قرابة200 الف، أو يزيد قليلاً، من جملة عدد المصريين بالخارج، حيث لم يتم السماح بالتصويت عبر البريد، لزيادة مسبة المشاركة ليشاركوا فى تقرير مستقبل وطنهم، دون قيود أو عراقيل من الممكن التغلب عليها بإيجاد حلول عملية اذا ما توافرت ارادة سياسية جادة . كما يمكن اتاحة الفرصة لمن يتصادف وجودهم داخل الوطن، أن يتم تصويتهم داخل لجان الوافدين فى كافة المحافظات أسوة بما يتاح لمن لا يتواجد فى مقره الانتخابى، واحتساب تصويتهم مع تصويت من هم بالخارج، وهذا من شأنه أن يرفع نسبة المشاركة الاجمالية . كما يمكن عن طريق تصاريح العمل قيد كل مصرى بالخارج فى الجداول الانتخابية بصورة تلقائية لتلافى مسألة التسجيل . ورغم الجهود التى بذلتها السفارات والقنصليات المصرية بالخارج لتسيير عملية التصويت خاصة فى دول الخليج حيث درجات الحرارة المرتفعة فى هذا الوقت من العام ، فالضرورة تفرض أهمية التصويت بالبريد لتلافى التكدس والطوابير وساعات الانتظار، وبحث كافة السبل لتحقيق هذا المطلب دون اخلال بنزاهة التصويت. وفى التحليل الأخير، تتبدى أهمية هذه الوزارة فى رعاية مصالح هذه الشريحة من أبناء الوطن الذين فرضت عليهم الظروف التواجد خارجه، والدفاع عنهم وكفالة كل حقوقهم، ونقترح أن يتولى هذه الوزارة أحد الذين عملوا بالخارج لانه سيكون على دراية كاملة بطبيعة أحوالهم وقضاياهم، وأن يتواجد ممثل لهذه الوزارة فى كافة أماكن تواجد المصريين بالخارج، حتى يشعر هؤلاء، بالفعل، وليس بالقول فقط ، أنهم جزء اصيل من شعبنا، له كل الاهتمام الواجب والاحترام حتى يشاركوا طواعية فى حل أزمات الوطن وبما يعود عليهم بالنفع المشترك ، فهؤلاء والوطن لا يملكون هدر هذه الفرصة كما يحدث دوماً .