يمكن القول وبدون مبالغة، أن البلاد تمر بمرحلة صعبة ودقيقة تتطلب تسخير كل الجهود والامكانيات المتاحة للعبور بمصر من عنق الزجاجة. ومع الإقرار الكامل بهذه الحقيقة، فثمة قضايا هامة تفرض نفسها على المشهد السياسى ، وتستوجب حلولاً فورية وعاجلة لخصوصية بلد لا يملك رفاهية هدر الوقت والجهد ، بحيث تكون حلل كافة القضايا متوازية ومتكاملة . وبطبيعة الحال ، ومن بين هذه القضايا : تبرز بجلاء ، قضية تصويت المصريين فى الخارج ، تلك الشريحة الهامة من أبناء شعبنا ، والتى تتجاوز العشرة ملايين نسمة ، فى مشارق الأرض ومغاربها . ويعرف القاصى والدانى الأسباب التى دفعت هؤلاء للخيار المر وهو السفر للخارج فى دول شقيقة وصديقة، خاصة الرغبة فى تحسين المعيشة لهم ولأسرهم ، الصغيرة والكبيرة على حد سواء، وحجم المعاناة الرهيبة التى يشعرون بها نتيجة الأغتراب عن الأهل والوطن الأم . وعليه أصبحت تحويلاتهم مصدراً هاما ً للعملة الصعبة . ومن الأهمية ربط تواصلهم بالوطن الأم ، ومن باب أولى، تيسير مشاركتهم بالتصويت فى كافة الإستحقاقات الانتخابية، خاصة التى تجرى فى هذه المرحلة الصعبة . ويتوجب بداية، تعاون وتنسيق كافة الجهات المعنية، ذات العلاقة المباشرة بالمصريين بالخارج ، لحل مشكلات مشاركتهم بهذا الخصوص . ومما له صلة، يتوجب المبادرة بتنقية جداول قيد تصويت هؤلاء، وتصويب ما حدث بها من أخطاء مقصودة ، خاصة فى ضوء معلومات تفيد بأن هذه الجداول قد تم فى الفترة الماضية اختراقها والتلاعب فى بياناتها . ولقد كشفت واقعة حرمان المرشح الرئاسى السابق ، حمدين صباحى من الإدلاء بصوته فى تعديلات الدستور ، حيث تبين انه مقيد بالمملكة العربية السعودية!!! مما يفتح أبواب الشك فى مدى مصداقية هذه البيانات وفى ضوء خريطة الطريق، والانتخابات الرئاسية، ثم البرلمانية المقبلة، يتوجب إجراء مراجعة شاملة ، ثم تصويب هذه الجداول، ويمكن الاستعانة فى ذلك بتصاريح العمل التى يتوجب الحصول عليها لمن يرغب فى العمل خارج البلاد، لتأسيس قاعدة بيانات سليمة للمصريين بالخارج . وفى السياق ذاته، يتوجب تشكيل وفود من كافة الجهات المعنية، والسفر إلى أماكن تواجد المصريين بالخارج لتسيير حصولهم على بطاقات الرقم القومى ، خاصة فى الدول الشقيقة التى تعتمد نظام " الكفيل " والاحتفاظ بجوازات السفر، والإعلان عن تواجد هذه الوفود ، وموعدها واماكنها عبر وسائل إعلام فى هذه الدول حتى يتسنى نجاح مهمتها . كما يمكن تعديل تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية ، فيما يختص بالمصريين بالخارج بتسهيل التصويت عبر البريد الاليكترونى فى المناطق والأماكن التى تبعد كثيراً عن السفارة أو القنصلية المصرية بهذه البلدان ، وبالطبع مد فترة التصويت لعدة أيام ، وليس ليومين فقط حتى يتسنى لهم الإدلاء بأصواتهم لاسيما وان تصويتهم عادة يسبق تصويت المصريين بالداخل بعدة أيام . وفى ضوء القناعة بأن ما لا يدرك كله ، لا يترك جدله ، يمكن الاستعانة بنظام التوكيلات فى عملية التصويت لحين الانتهاء من استخراج بطاقات رقم قومى لكافة المصريين بالخارج ، شريطة أن يكون مقيدأ فى الجداول التى يعاد تصويبها وتنقيتها مما لحق بها من اختراق وتلاعب . كما يمكن فى حال تصادف وجود المصريين بالخارج داخل البلاد، أن يتم تشكيل لجان انتخابية خاصة بهم أو دمجهم مع لجان الوافدين، وتيسير مهمة تصويتهم فى اى استحقاقات انتخابية . وفى السياق ذاته، سرعة استخراج بطاقات الرقم القومى للمصريين فى الخارج بعد دفع رسوم مقررة ، لذلك بحيث يمكن للمصرى بالخارج الحصول عليها فى فترة تواجده بالبلاد . وفى التحليل الأخير، فهذه قضية هامة وملحة حتى يتسنى لهم المشاركة عبر التصويت فى قضايا بلدهم ، مما ينعكس ايجاباً على نسبة المشاركة الكلية ، خاصة فى ضوء تدنى نسبة هذه المشاركة فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية الأخيرة، وهى نسبة لا تتناسب بأى حال من الأحوال مع رغبتهم الجارفة فى المشاركة والتواصل مع قضايا وهموم وطنهم الأم . وبيطبيعة الحال ، تظل قناعتى بمقولة " أهل مكه أدرى بشعابها " ، مما يحتم على افراد الجاليات المصرية بالخارج المبادرة الايجابية فى اقتراح حلول وتصورات، آنية ومرحلية، لمعالجة هذه القضية، وتكاتف جهود الداخل والخارج فى توصيل هذه المقتراحات والتوصيات إلى من بيدهم الأمر، والذين يتوجب عليهم حتماً وضع الحلول وصياغة القوانين الواجبة لحل هذه المشكلة بصورة فورية ووضع نهاية لحرمان جزء اصيل ومهم من شعبنا، وتواصله المستمر، جنباً لجنب، فى الخروج بالبلاد من هذه المرحلة الصعبة والعسيرة بطريقة عملية، وليس بالأغانى والأهازيج!!.