«عندما أحرقنا المسجد الأقصى، لم أنم طوال الليل كنت خائفة من أن يدخل العرب إسرائيل أفواجًا من كل مكان، لكن عندما أشرقت شمس اليوم الثاني، علمت إننا باستطاعتنا أن نفعل أي شئ نريده.. فنحن أمام أمة نائمة»، مقولة شهيرة لجولدا مائير، رئيس وزراء إسرائيل، يبدو أن هناك من العرب صدق عليها جملة وتفصيلًا، لتنطلق من مصر أول ضربة لفلسطين، على يد الرئيس الراحل «محمد أنور السادات»، بالتطبيع مع المحتل الإسرائيلي، فيذهب إليه في عقر داره ليوقع معه معاهدة السلام المزعومة، التي بدأت معها الدول العربية طورًا جديدًا من الخضوع والاستسلام. تمر اليوم الذكرى ال35 على تلك المعاهدة، لتذكرنا كيف سَخرت بعض أقلامنا العربية كل ما لديها من قدرات إبداعية، لتأييد ومباركة هذه الاتفاقية، ليحتل بعض من الأدباء المصريين الصدارة في قائمة المفكرين العرب الداعمين للتطبيع مع المغتصب الإسرائيلي. فخورًا بما يكتب، مستهينًا بعقل قارئه محاولًا إقناعه بمزايا التطبيع مع المحتل، بل يحاول وهمه أنه في خدمه فلسطين، كالأديب الراحل أنيس منصور الذي كان دائم التفاخر بصداقته مع المحتل الإسرائيلي، وكلما سُئل ألا تخجل مما تقول؟، كان يبادر قائلًا: لا أخجل من اتهامي بالتطبيع وأعتز بأصدقائي في إسرائيل. شارك «منصور» العديد من الأدباء المصريين الذين ساهموا في إجهاض القومية العربية، فكان على رأسهم «علي سالم»، النصير الأول لإسرائيل في مصر، والذي جاء علي لسانه أنه لا خطر من إسرائيل ولا طموحات لها في بلادنا، والشعب المصري شعب جاهل، لن يستطيع أن يفهم زيارة "السادات" إلى إسرائيل. كذلك أيد الناقد لويس عوض والأديب الكبير "توفيق الحكيم" التطبيع مع إسرائيل، وكان دائمًا يبرر موقعه بقوله: من يهوش بالحرب ويريد السلام يخسر المعركة ..ومن يهوش بالسلام ويريد الحرب يربح فقد هوش عبد الناصر بالحرب وهوشت إسرائيل بالسلام، فكانت هزيمة 67. لم يكن التطبيع مع مغتصب وقاتل بالأمر السهل، الذي تستوعبه الشعوب العربية، ف ستة عشر عامًا في كنف الرئيس الراحل «جمال عبد الناصر»، وهم يحلمون بالوحدة العربية وانتزاع حريتهم من عدو جار على أرضهم، فيدفع الأديب الراحل «يوسف السباعي» حياته ثمنًا للتطبيع مع إسرائيل، أثناء زيارته ل قبرص، تلك الزيارة التي مهدت إلى إبرام اتفاقية السلام. أدباء كُثر يأسوا من تحقيق القومية العربية، فكان التطبيع هو سبيلهم وإن كان مغلفًا بمجازر إسرائيلية يغضون البصر عنها، بل يرونها في خدمة فلسطين، كيف؟ لا يهم، فالسادات يؤكد أن الاتفاقية في مصلحة العرب، وهو أكثر منهم علماً، لذا أخذوا يكثفون جهدهم لتنفيذ التطبيع، فتولى الكاتب لينين الرملي، تأييد التطبيع الثقافي، من خلال دعوته للملحق الثقافي الصهيوني، لحضور عرض «اخلعوا الأقنعة»، لتحقيق ما قاله إسحاق نافون، في جامعه بن جوريون، وفي حضور السادات: «إن تبادل الثقافة والمعرفة لا يقل أهمية عن أي ترتيبات عسكرية وسياسية».