تخيل انك اصبت بمرض الحمى و مش عارف ان فيه بشر مروا بنفس محنتك وشفوا منها.... تخيل انك لم تفكر فى استشارة طبيب ولا تعرف طبيعة مرضك ونوع علاجك... طبيعى انك هتعتقد انه مرض قاتل وافكارك الحاضرة هتنتقل لعقلك الباطن وتقتنع بان دى نهايتك ساعتها هتستسلم للموت لانك فكرت بسلبية ومبذلتش ادنى مجهود علشان تلاقى علاج لمرضك.. رغم انك لو فكرت بس تسأل واحد جاله المرض هتعرف ان الحكاية ابسط بكتير من الهواجس والتهويل اللى عقلك الباطن استقبلها من أفكارك وترسخت فيه نفس الحكاية مع الثورة.. ناس كتير حكموا على فشلها والمصايب اللى هنشوفها من وراها غيبيبا ومفكروش يبذلوا ادنى مجهود علشان يعرفوا ان الفترة اللى بنمر بيها دى طبيعية جدا.. ومن هنا بدأت تظهر قوالب ومبررات بنسمعها فى الشارع كل يوم من كل واحد متشائم من الثورة بعيدا عن كونه مهتم بالاحداث او منفض او متربص.. فهو فى النهاية بيصل لنتيجة واحدة وهى الحكم على الماتش قبل مايخلص بمنتهى الصراحة انا مش قلقان من احباط الاغلبية الصامتة اد ما قلقان من احباط الثورجى اللى خد المشوار برجوله وفرهض فى نص الطريق.. ورغم كده انا كاتب المقال للطرفين.. لانى ميقن ايقان تام ان ما يبرر السلبية الشائعة هى القوالب اللى انا شخصيا بشوفها فلول فكرية مستخبية جوه كل واحد فينا... فقررت اواجهها واحللها فلايه فلايه ولو عندى القدرة هولع فيها اولا: الحالة النفسية الشائعة لعدم تقدير القدرة الذاتية للنفس: يعنى اللى بيفكر بسلبية وبيقلل وبيحقر من نفسه ومن غيره.. ودى مش طبيعة بشرية مترسخة فينا.. دى لها عوامل مؤثرة ومصادر وضحها د. ابراهيم الفقى فى كتاب “قوى التحكم فى الذات” وبتبدأ من الوالدين.. واللى كثيرا ما يوبخوا ابنهم بدون قصد ومن باب الحب وده لانهم تربوا على نفس المنوال فافتكروا ان هى دى الطريقة الصحيحة للتربية.. د.هيلمستتر بيوضح ان الابن لما بيكمل 18 سنة فى وسط عيلة معتدلة بيكون اتقال له جملة “متعملش كذا ولأ وكده عيب” 148 الف مرة فى حين اتقال له جمل ايجابية تشجيعية 400 مرة بس ثم تأتى المدرسة واللى تعتبر فى مصر كفيلة بإحباط سوبر مان ذات نفسه.. ثم التأثر بالاصدقاء خصوصا فى عمر من 8 الى 15 سنة واللى بيطلق عليه فترة الاقتداء بالاخرين فى التدخين و الحريم والذى منه.. ثم يأتى الاعلام والتأثر بالهيافة والفضا... وآخر مصدر وهو الشخص نفسه ومدى تأثره بكل ده.. وهضيف من عندى اهم مصدر محذوف وهو ان الشخص ده عايش فى مصر من اكتر الشخصيات اللى انبهرت بقصتها هو المخترع الامريكى توماس إديسون.. وهو صغير المدرسة رجعته لامه برسالة بتنصحها بانها تقعده فى البيت لانه غبى.. امه صممت على انها تخليه ناجح.. ولما كبر قدر يخترع اكتر من 1000 اختراع منهم الميكروفون والفونوغراف وطابع البريد واهم اختراعاته كانت المصباح الكهربائى اللى علشان ينفذها خاض اكتر من 999 تجربة فاشلة ولم ييأس.. الكلام ده انت دلوقتى ممكن تشوفه عادى بس بالنسبة لسنة 1897 فأكيد كان معجزة ثانيا: الانتى فوضى: معظمنا للاسف مخدش مصل واقى من تاريخ الثورات بتفاصيلها الفوضوية وحروبها الاهلية وعلشان كده طبيعى يكون النفس قصير والتشاؤم سريع.. الثورة الفرنسية اللى الكل بيستشهد بنجاحها عاشت فترة من عهد الارهاب على يد روبسبير اللى تسبب فى قطع رأس 6000 فرنسى فى خلال 6 اسابيع فقط. وطبعا الاغلبية الصامتة كانت بتترحم على ايام لويس التاسع. وده يخلينا نقول “اللى يشوف ثورات غيره تهون عليه ثورته كذلك بعض الثوار بدأوا يملوا من فكرة السلمية..يمكن يكون العنف الطريق الاسهل كما يعتقدوا ولكن الحقيقة هى ان دخول الحمام مش زى خروجه والقعده هتطول وهتطلع بكابورت كتير... غاندى الداعى للاعنف فى يوم ما دعى لعصيان مدنى سلمى ولكن بعض الثوار المتعصبين فى قرية اسمها شورا حرقوا ظباط انجليز وهم أحياء وتسببوا فى الحكم على غاندى بالسجن 6 سنوات وأثرت الحادثة على نظرة العالم بالسلب لاستقلال الهند... اكيد لو يعرفوا كده كانوا هيراجعوا نفسهم ثالثا: الترجمة بالمشقلب: فهل من المنطقى لكى يصبح الطفل عالما ان يكون عبقرى أولا وبعدها نسمح له بدخول المدرسة ولا المنطق بيقول ان الدولة تتيح له وسائل التعليم المناسب والبحث العلمى لكى تصل به للغاية وهى انه يبقى عبقرى؟؟!!.. سؤال استعجباى للى عكس الايه وبرر موقفه من الثورة بإن الشعوب يجب ان تتثقف وتتحضر وتتغير اولا (اللى هيا الغاية) علشان يكون لها الحق فى ان تقوم بثورة على الفساد والجهل (اللى هيا الوسيلة رابعا: التكاسل عن البحث والتحقق: ناس كتير بتبنى وجهه نظرها بناءا على كلام شخصيات اخرى بدون ان يستثمروا فكرهم فى صحة او خطأ اراؤه وبيؤمنوا بما هو شائع واللى التيار ماشى معاه.. رغم انهم لو قرأوا عن اى شخصية ساهمت فى تغيير الواقع هيلاحظوا ان مبدأها الاوحد هو ان السمك الميت بس هو اللى بيمشى ورا التيار جاليليو اثبت أن الشمس ثابتة والارض والكواكب بيدوروا حواليها ايمانا بنظرية كوبرنيكوس وكان الشائع وقتها هو العكس ... هاجمه الجميع واتهمته الكنيسة بالزندقة وحاكمته بالاقامة الجبرية.. وبعد سنين اعترف العالم كله بانه كان على خطأ ورجل واحد هو اللى على صواب خامسا وأخيرا: التطرف الفكرى: والتطرف ليس فقط فى الديانات.. التطرف مزروع فى عقولنا وفى حياتنا العامة.. شئ طبيعى لما يكون الحاكم متطرف ينظر لشعبه على انهم رعاع فيربى فيهم نفس الفكر... اكيد فى حياتك قابلت ناس كتير كل واحد شايف ان الحقيقة والخلاصة كلها مكتمنة فى افكاره واراؤه وتجاربه وتوجهاته واى حد يختلف معاه يبقى خاين او كافر ويستباح دمه.. فى حين ان الحقيقة والخلاصة لو قارناها بالكام سنة اللى كل واحد فينا عاشها, بمدى ايمانه بالديانه اللى اعتنقها, بالكام بلد اللى زارها, بنوع الشغلانة اللى اشتغلها, بكمية الكتب اللى قرأها, بعدد المغامرات اللى غامرها.. فالنتيجة انهم ميسوش واحد على تريليون فى معرفة الحقيقة الكونية الثورجى المتعصب هتلاقيه بيفرض رأيه كواصى رغم انه بينادى بالحرية وعنده بارانويا من الاغلبية الصامتة.. الكنبى المتعصب هتلاقيه بيتمنى يشوف البلد خربانه علشان يثبت وجهه نظره بإن الثورة جابت لنا العار.. لو كل طرف من دول وارب بابه وسمع للتانى اكيد فى النهاية هيوصلوا لارضية مشتركية القوالب دى كفيلة بتحويل صاحبها لرؤية الواقع على انه قضاء وقدر او العكس تماما وهو تغيير الواقع بس للانيل..لو لسه عندك فتافيت من احلام الطفولة فى تغيير الواقع للافضل.. لازم تؤمن ان جوبز معندوش خلايا عقلية زيادة عنك ولا غاندى مولود معصوم من الاخطاء ولا عرابى كان جاى من كوكب الشجاعة المعركة مع النظام ليست سياسية قدر ماهى فكرية... وبدل ماتاخدها مبرر وتقول مانا قلت لكم كده م الاول.. اعرف ان بلدك بقالها سنين على الحال ده علشان غيرك قالوا نفس الجملة دى.. وبلاد كتير حالها اتغير علشان شعبها تف على نفس الجملة... اتحرر من قيودك واسأل نفسك ليه ربنا فضلك على سائر الخلق؟؟ لو آمنت بالاجابة.. يبقى نقول حمدلله ع السلامة وحضر بلغم بزيادة