تلعب مواقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك وتويتر"، دورًا غاية في الخطورة يتخطى كونها وسيلة للتعارف أو ساحة عبر الفضاء الإليكتروني تَجمع الأصدقاء أو ذوي التوجهات والإهتمامات المشتركة.. وهذا الدور يبرز في إطار كونها أداة من أدوات النظام العالمي الجديد الرامي لزعزعة الإنتماء الوطني والقومي لصالح نموذج "المواطن العالمي" الذي تتلقفه الشركات عابرة القارات وتوظفه القوميات "المتسيّدة" لصالح خدمتها – وفقًا لنظرية نهاية التاريخ التي يؤمن بها غالب القادة الغربيين اليوم. وقد نجحت مواقع التواصل في بلادنا العربية عامة والمصرية "موضع الحديث ومركزه"، وعبر مراحل متعددة في محو ذاكرة الكثيرين، وتشويه الثوابت لديهم، واستعانت على ذلك بما لدى غالبية متعلمي شعوب العالم العربي – أقل من 40 عام – من جهل عام وطبائع تميل إلي الإنقياد للنموذج الغربي الحداثي – كواحدة من سلبيات التربية التي لا تراعي الجانب النفسي وتتوقف عند مرحلة حشو المعلومات – واستطاعت – أي مواقع التواصل – خلال بضع سنوات في ظل انسحاب تام لدور الدولة في أن تحتل مكانها كمهيمنة وموجهة وقائدة ومُرهبة في أحايين كثيرة – "الإرهاب الفكري" – فمن خلال الدفاع عن سلوك أو رأي ما ودعمه بحقائق مجتزأة من سياقها أو بأكاذيب تأخذ شكل الحقائق، وبالإلحاح على ذلك "إستراتيجية التكرار"، يصبح هو السائد والخروج عنه جرم يتسبب لصاحبه في انتقادات كثيرة مما يدفعه للنكوص والعودة إلي الحظيرة الآمنة التي لا يلقى فيها لوم أو عتاب – ونحن هنا نتحدث عن الفرد قليل الخبرة محدود المعلومات –، ولكن قد يمتد الإرهاب لقامات فكرية فيحجِّم إن لم يكن يمنع – ضعيفي العزم منهم – عن القيام بدورهم الإيجابي المطلوب للتصويب ودفع عجلة التغيير في الإتجاه السليم. ولا يفوتنا في هذا الطرح "الذي نراه مقتضبًا ونؤسس من خلاله لبحث مستفيض" أن نشير إلي واحدة من أبرز سوءات هذه المواقع وهي أنها صارت المصدر الوحيد للأخبار لدى قطاع عريض من الشباب، للدرجة التي دفعت عدد من المواقع الإخبارية الهامة للتعاقد مع مسئولي صفحات تحظى بعدد كبير من المتابعين، حتى يقوم المسؤلون عنها بنشر أخبار هذا الموقع دون غيره.. وهذا بعد تجاري يحقق لأصحابه أرباحًا، ولا يمكن إغفاله في إطار البحث داخل هذا العالم المبهم والمتشعّب فوق تصور أي شخص سوى مؤسسيه، وبدوره يفتح الباب على مصراعيه لينقلنا إلي ظاهرة الصفحات الموجّهة والتي تحظى بشعبية كبيرة، ويقوم المسئولون عنها باختيار ما يناسب هواهم من الأخبار وترك ما لا يناسبه.. وهم ناجحون إلي حد كبير في فرض نموذجًا للإستجابة يتصرف متابعوها بناءًا عليه.. كل هذا يتم بطريقة ناعمة تناسب طبيعة الشبكة العنكبوتية وقوتها الذكية غير الغشيمة أو الصدامية.