أشم رائحة سقوطها عن بعد وأتضور جوعًا بحثا عنك لا لكي تحاول أن ترفعها معي ولا حتى لتسندها فنؤجل سقوطها قليلا , فأنت تعلم مثلي أن الأمر كله بيدها هي فستسقط لو قررت هي أن تسقط ولكن لو قررت أن تظل واقفة بقامتها المنتصبة أو حتى بتلك القامة المحنية التي أصابها الكثير من الوهن فستفعل ذلك وحدها وبدون الحاجة للاستعانة بأحد. أنا أتضور جوعا بحثا عنك لا لتحكي لي بعض حكاياك المسلية فتأخذني بعيدا عن رائحة العفن التي ملأت كل شوارع البلدة ولا لأنسى في عينيك كل البقع الحمراء التي أصبحت أراها في كل مكان ولما ازدادت حيرة الطبيب الذي لم يتمكن من علاجي اعترف مؤخرا أن هذه البقع حقيقية وليست مجرد هلاوس بصرية كما كنا نعتقد. أنا أتضور جوعا بحثا عنك لا لأخبرك أن البلدة قد أصبحت باردة جدا طوال الوقت وأنهم يكذبون علينا كل يوم في النشرات الجوية التي يدسونها لنا , حتى لأنني صرت أرتجف من نسمات أغسطس الجافة كلما مرت عليّ, كل شيء هنا صار جافا تقريبا حتى لأنني أخشى عليك أن تجف داخلي من قبل أن أراك. أنا أتضور جوعا بحثا عنك لا لأخبرك أنني قرأت مؤخرا في الديانات الأخرى بحثا عن مخرج لكنني لم أصل لشيء سوى أنني قد أصبحت أكبر سنا بكثير من أول أو آخر مرة التقيتك فيها لقد بحثت كثيرا عن الله ولا أدري إن كنت استطعت بالفعل أن ألمحه أم كنت أتخيل ذلك فقط من شدة ما تمنيت . أنا أتضور جوعا بحثا عنك لا لأخبرك أنني رأيت الرجل القصير الذي سيجر امرأة طيبة من شعرها ويضربها بعصاه الغليظة في منتصف الشارع ورأيته حين كان سيهم ليضربني أنا أيضا رغم غطاء رأسي الذي لم انس أن أرتديه أنا لن أتألم من ضربته , فأنا أمتلك جسدا لديه القدرة على تحمل قدر لا بأس به من الوجع (أنت الوحيد الذي تعلم ذلك) لكن لي روحًا تتكسر بمجرد اللمس ( اعتقدت أنك تعرف ذلك أيضا) أنا أتضور جوعا بحثا عنك لا لأخبرك أنني سأفكر فيما بعد أن أمتنع تماما عن تناول اللحوم لأنني أصبحت أشمئز من أشكال الكائنات التي تتغذى على أرواح كائنات أخرى ربما كانت في الأصل أفضل منها . أنا أتضور جوعا بحثا عنك لا لأخبرك أنني لا أريد أن أصبح شهوانية ولا لأخبرك أنني أحاول أن أكنس روحي كل يوم لأنعم ببعض البياض الذي يتوه منا بعد قليل. أنا أتضور جوعا بحثا عنك لا لأخبرك أن الكوابيس أصبحت تطاردني كل ليلة ولا لأخبرك أنني أصبحت خائفة طوال الوقت من كل شيء ومن اللاشيء أنا أشعر أنهم سيخبئون لنا بعض الرصاصات في أعشاش العصافير التي تجاور بيتنا القديم أنا لا أخشى من الرصاص , لكنهم تعودوا أن يصطادوا الطيبين ..الطيبون فقط يموتون الآن فقط تأكدت أنني لم أكن طيبة بما يكفي لكي أموت أنا أتضور جوعا بحثا عنك لا لأخبرك أنني أريد أن أموت بشدة ولا لكي أبكي أمامك من الخوف أو من اللهفة . أنا أتضور جوعا بحثا عنك فقط لأخبرك أنني فتشت كل شوارع البلدة عن ذاك الطفل الصغير الذي كنا نعرفه جيدا ولكني اكتشفت أنني لن أستطيع أن أجده أبدا