فيتو تشارك الكاتب الصحفي محمد عبد الجليل فرحته بعقد قران كريمته    جدول امتحانات الصف الثاني الإعدادي الفصل الدراسي الثاني 2025 في المنوفية    رئيس الرقابة المالية: تطوير مستمر للأطر التنظيمية والرقابية للبورصات    وزير الصحة: نستهدف الوصول لمعدل إنجاب 2.1 في 2030    «تلاعب في العدادات وخلطات سامة».. 5 نصائح لحماية سيارتك من «غش البنزين»    معاش المصريين العاملين بالخارج 2025: الشروط والمستندات وطريقة الاشتراك    غدا.. ترامب يزور السعودية ويشهد قمة خليجية ومنتدى اقتصادي وتوقيع اتفاقيات    الأمم المتحدة: 470 ألف شخص يواجهون جوعًا كارثيًا في غزة    الروماني إيستفان كوفاتش حكماً لنهائي دوري أبطال أوروبا    موعد مباراة سيدات يد الأهلي مع بترو أتلتيكو الأنجولي في نهائي كأس السوبر الأفريقي    ميتروفيتش يقود هجوم الهلال أمام العروبة في الدوري السعودي    البرازيل تعلن التعاقد مع كارلو أنشيلوتي لتدريب المنتخب    «يويفا» يكشف هوية حكم نهائي دوري أبطال أوروبا    أزهر كفر الشيخ يستعد لاستقبال 17464 طالبا لأداء امتحان الابتدائية والإعدادية    بعد تنازل الأب، المؤبد للمتهم بقتل شقيقه داخل مزرعة مواشي بالدقهلية (فيديو)    حبس تيك توكر بكفر الشيخ لاتهامها ب6 تهم أخلاقية وتربح غير مشروع    القاهرة السينمائي يستعد لمشاركة استثنائية في مهرجان كان 2025    غدا.. انطلاق مهرجان كان السينمائى بفيلم اترك يوما واحدا    شهادات نجوم الفن.. هل تنهي أزمة بوسي شلبي وأبناء الساحر؟| فيديو    وزيرا الثقافة والخارجية يبحثان دور القوة الناعمة في دعم علاقات مصر الدولية    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    الصحة: إصابة 26 ألف طفل بالتقزم سنويا وإطلاق حملة للتوعية بالمرض وخطورته    الصحة: إطلاق الخطة العاجلة للسكان والتنمية وبرنامج الوقاية من التقزم وسوء التغذية والمرصد الوطني السكاني    قافلة طبية مجانية تجرى الكشف على 1640 مواطنًا بنزلة باقور بأسيوط    تفاصيل تأمين «الثانوية العامة»| زيادة أفراد التفتيش أمام اللجان والعصا الإلكترونية    مستقبل وطن: زيادة تحويلات المصريين بالخارج تؤكد نجاح الإصلاحات الاقتصادية    رفض إستئناف متهم بالإنضمام لجماعة ارهابية ببولاق الدكرور    الكرملين: بوتين حدد موقفه بشكل واضح بشأن استئناف المفاوضات مع أوكرانيا    قائد الوداد: سنلعب في كأس العالم للأندية دون خوف.. ونريد تشريف المغرب    تفاصيل الحملة القومية الأولى ضد مرض الحمى القلاعية وحمى الوادى المتصدعة أسوان    جدل في واشنطن حول نية ترامب قبول طائرة فاخرة هدية من قطر    العراق يتسلم رئاسة القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية من لبنان    براتب 6500.. فرص عمل في شركة مقاولات بالسعودية    إعلام عبرى: قوات من الجيش ودبابات وناقلات جند تمركزت قرب نقطة تسليم عيدان    الجمهور يفاجئ صناع سيكو سيكو بعد 40 ليلة عرض.. تعرف على السبب    أحمد زايد: تطوير الأداء بمكتبة الإسكندرية لمواكبة تحديات الذكاء الاصطناعى    ب9 عروض مجانية.. «ثقافة الشرقية» تستضيف المهرجان الإقليمي الختامي لشرائح المسرح    فانتازي.. ارتفاع سعر لاعب مانشستر سيتي    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    تأجيل محاكمة عاطل بتهمة قتل سيدة فى القناطر الخيرية للخميس المقبل    عاجل.. الأرصاد تحذر من موجة حارة جديدة في هذا الموعد    أشرف العربى إطلاق تقرير "حالة التنمية في مصر" 18 مايو بشراكة مع "الإسكوا"    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    في صيف 2025.. طرق حماية معدتك في الحرارة المرتفعة    مصروفات كلية الطب البشري بالجامعات الخاصة والأهلية 2025-2026    "تطوير التعليم" يبحث مع معهد بحوث الإلكترونيات إنشاء حاضنات لدعم ريادة الأعمال    توافق على تسهيل دخول اللبنانيين إلى الكويت وعودة الكويتيين للبنان    وظائف خالية اليوم.. برواتب تصل إلى 6500 ريال فرصة عمل لعمال مصريين بالسعودية    سقوط المتهم بالنصب على راغبي السفر ب«عقود وهمية»    عاجل- رئيس الوزراء يتابع ملفات الاتصالات.. ومبادرة "الرواد الرقميون" في صدارة المشهد    هل يجوز للحامل والمرضع أداء فريضة الحج؟    لماذا يرتدي الحجاج "إزار ورداء" ولا يلبسون المخيط؟.. د. أحمد الرخ يجيب    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    البنك الأهلي يرغب في ضم كريم نيدفيد    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    وفاة أحد أشهر المصارعين الأمريكيين عن عمر ناهز 60 عاما    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد الخميسي: جورج أورويل.. لماذا أكتب؟
نشر في البديل يوم 11 - 02 - 2014

"لماذا أكتب" اسم كتاب يشتمل على مجموعة مقالات للروائي العظيم جورج
أوريل صاحب رواية "العالم 1984″، ورواية "مزرعة الحيوان" وغيرها. وفي الروايتين اللتين جلبتا الشهرة العالمية إلي الكاتب بلور جورج أوريل عداءه بإخلاص وحرارة للشمولية أينما كانت، وصوب سهامه إلي النظم الستالينية والنظم الرأسمالية بقدر ما جسدت تلك النظم – هنا أو هناك – الشمولية التي عدها أوريل خطرا على التطور والحرية.
وفي المقالات المختارة لجورج أورويل يطبق أورويل منهجه النقدي الذي يرتكز
بوضوح إلي افتراض أن كل كاتب هو" بشكل ما داعية سياسي. وأن موضوع الكتابة والصور وحتى الحيل الأسلوبية محكومة في المطلق بالرسالة التي يحاول
الكاتب نشرها". لهذا يصرح أورويل بقوله " أكثر ما رغبت في فعله خلال
الأعوام العشرة الماضية أن أجعل من الكتابة السياسية فناً، وعندما أجلس لكتابة كتاب أكتبه لأن هناك كذبة ما أريد فضحها، حقيقة ما أريد إلقاء الضوء عليها". وفي ذلك السياق يقول أورويل إنه لا يوجد كتاب "يخلو من تحيز سياسي. وحتى الرأى القائل بأن الفن لا يربطه شيء بالسياسة هو بحد ذاته موقف سياسي".
يتساءل جورج أوريل " لماذا أكتب؟" وبعبارة أعم لماذا نكتب نحن جميعا؟.
وفي محاولته للإجابة عن ذلك السؤال يضع أورويل أمامنا الدوافع المتشابكة الذاتية والموضوعية التي تختفي وراء الرغبة في الكتابة، فيقول إن جذور تلك الرغبة تكمن في حب الذات وأن المرء يريد أن يثير إعجاب الآخرين به وأن يبدو ذكيا. وتكمن في الشعور بالجمال والبهجة الناجمين من أثر صوت تلو آخر في إيقاع اللغة، أو في غيرها، ثم في الشوق الملازم للإنسان لاكتشاف الحقيقة والدفاع عنها. وأخيرا تكمن الرغبة في الكتابة في ذلك الحافز السياسي لدفع العالم في اتجاه معين يعتقد صاحبه أنه الاتجاه الصحيح. أما عن دور الأدب فإن أوريل يعتقد أنه دوره هو أن يقودنا إلي عالم جديد "ليس عبر كشفه ما هو غريب، بل عبر كشفه لما هو اعتيادي".
بهذا المنظور للأدب والأديب يتناول أورويل في مقالاته عوالم أدباء عظام مثل شكسبير، وتولستوي، ومارك توين، وه . ج. ويلز ، وجوناثان سويفت، وغيرهم. ويسأل على سبيل المثال لماذا كان العظيم ليف تولستوي مؤلف الحرب والسلام يعتبر شكسبير كاتبا "متوسط القيمة"؟! ويقول عنه" لطالما أثار شكسبير في نفسي نفورا ومللا لا يقاوم"! بل ويصرح بقوله "إن شكسبير قد يكون أي شيء تريد لكنه ليس فنانا"! ويحلل بشكل باهر الجوانب المختلطة الرجعية والتقدمية في "رحلات جليفر" وامتزاج تلك الجوانب بحيث تضع أمامنا صورة عصر كامل. يتطرق أورويل أيضا إلي قضايا جمالية مركبة وبالغة الأهمية بعمق وثراء عظيمين، من ذلك تساؤله: لماذا يحدث أحيانا أن نرفض الآراء السياسية والأخلاقية لكاتب ما ومع ذلك نستمتع بعمله ونجله ونقدره؟! وبعبارة أخرى يضع أورويل أمامنا تلك المسافة التي تفصل أحيانا بين العمل الأدبي كعمل موضوعي قائم بذاته وبين رؤية الكاتب السياسية. المسافة التي تتسع أو تضيق بين قوانين العمل الفني المحكمة والآراء التي تكمن خلفها.
وحين تقرأ "لماذا أكتب" تجد نفسك إزاء عمل نادر كتبه روائي عظيم عن روائيين عظام واشتبك خلاله بجملة من القضايا العظيمة المتعلقة بنظرية الأدب ومفهومه وموقف الأديب ودوافعه. وبالمقالات المختارة في هذا الكتاب يتأكد لنا مجددا أن المقال – الذي نتعامل معه عادة بخفة – يندرج في باب الأدب الكبير كما أشار جابريل جارسيا ماركيز ذات مرة. وبعض مقالات أورويل في ذلك الكتاب تثبت صحة قول الناقد "برنارد كيريك" إن: " الفارق بين القصة القصيرة والمقالة ليس مطلقا"! ويكفي لإدراك تلك الحقيقة أن تقرأ مقالاته الثلاثة الرائعة "واقعة شنق"، و"صيد فيل"، و"هكذا كانت المسرات"، وفيها ستكتشف أن بوسع المقال أن يغدو بقوة وثراء أي عمل أدبي.
أخيرا هل تجدر الإشارة إلي المفاجأة التي انطوى عليها الكتاب حين قدم إلينا كاتبا كان يبدو لنا متشائما جهما في " العالم 1984 " فإذا به كاتب ساخر من الطراز الأول؟
في النهاية فإن التحية واجبة لمترجم قدير هو الأستاذ على مدن الذي قدم لنا الكتاب بلغة دقيقة متماسكة وحارة، والأهم من ذلك أن اختياره وقع على ذلك الكتاب، لأن الترجمة تبدأ من "اختيار" مانترجمه. فقط حينئذ يغدو المترجم "مؤلفا" يتوقف عند الكتب التي كان يود لو أنه كان كاتبها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.