"طب أسنان قناة السويس" تستعد لاستقبال فريق ضمان جودة التعليم والاعتماد    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    تعليم البحيرة: 196 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية وأولى وثانية ثانوي    الرئيس السيسي: زنقت نفسي وزنقت الناس علشان نبني دولة    مرسيدس تتخلى عن خطة إنتاج سلسلة موديلات تقتصر على السيارات الكهربائية اعتبارا من 2028    جامعة بني سويف التكنولوجية تفوز بجائزة التميز في تكنولوجيا البيئة والطاقة الخضراء    جنوب أفريقيا: لن نتراجع عن موقفنا بشأن القضية الفلسطينية    " فاينانشيال تايمز": آمال بايدن الانتخابية تتراجع مع ارتفاع الأسعار والتضخم مرة أخرى    روسيا: مقتل15 شخصا على الأقل في هجوم على مجمع سكني في بيلجورود    وزيرة خارجية جنوب إفريقيا: نطمح في وقف إطلاق نار دائم بغزة    فاروق جعفر يرد لأول مرة على قصة خلافه مع الخطيب    المشدد 6 سنوات ل«سمكري سيارات» بتهمة الاتجار بالمخدرات في كفرالشيخ    مصرع واصابة 27 شخصًا في 5 حوادث تصادم وانقلاب مركبات في المنيا    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 في الجزائر؟    بدء محاكمة 11 متهما بالانضمام إلى جماعة إرهابية في الإسماعيلية    يونيو المقبل.. أم كلثوم ومحمد رمضان ورامي عياش نجوم حفلات مهرجان موازين للموسيقي    وكيل صحة الشرقية: خطة لتطوير ورفع كفاءة الأقسام الطبية    بنك التعمير والإسكان يرعى الملتقى التوظيفي 15 بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة    السعودية: القضية الفلسطينية بند أساسي ومصيري في كل جهودنا الدبلوماسية    تشمل 13 وزيرًا.. تعرف على تشكيل الحكومة الجديدة في الكويت    السيسي: تطوير الطرق هدفه تعظيم الاستفادة من الأراضي الصالحة للزراعة    ريال مدريد يستعد لدورتموند.. وأتلتيكو يأمل في حسم بطاقة دوري الأبطال    انعقاد ورشة عمل بسلطة الطيران المدني عن خطة خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون    وزير الإسكان يُصدر قراراً بحركة تكليفات جديدة وتنقلات بعددٍ من أجهزة المدن    برعاية الرئيس.. مصر تستضيف الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية لأول مرة    افتتاح مبنى رياض أطفال وابتدائي بمعهد فتيات دمنهور النموذجي    بدءا من 10 يونيو.. السكة الحديد تشغل قطارات إضافية استعدادا لعيد الأضحى    مد فترة التقديم على وظائف المدارس التطبيقية الدولية حتى 20 مايو الجاري    رئيس جامعة المنوفية: افتتاح مبنى المعهد الفني للتمريض بمنشأة سلطان قبل بداية العام الدراسي الجديد    الرئيس السيسي يوجه بتعديل اسم محطة "الحمام" لتحلية المياه    الرئيس السيسي عن تطوير مسجدي السيدة زينب والحسين: بيت ربنا ما يتعملش إلا صح    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    وزير الثقافة الفلسطيني السابق: موشي ديان هو أكبر سارق آثار في التاريخ    عودة أنشطة حديقة الفنون بمناسبة بدء الإجازة الصيفية    مصر تُبلغ "رسالة" لوسطاء مفاوضات غزة.. مصدر رفيع المستوى يكشفها    عمرو أديب يعلن إجراء مناظرة بين عبدالله رشدي وإسلام بحيري بشأن "تكوين"    بالفيديو.. لماذا حج سيدنا النبي مرة واحدة؟.. أمين الفتوى يجيب    بدء الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة السياسات الضريبية للحكومة    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    "صدر المنصورة" تحصد المركز الأول ضمن فعاليات مؤتمر جميعة الأمراض الصدرية    البحوث الإسلامية يصدر عدد (ذي القعدة) من مجلة الأزهر مع ملف خاص عن الأشهر الحرم والحج    موقف السولية وعبد القادر من المشاركة في نهائي إفريقيا    دعبس: لا خلاف بين فيوتشر وتامر مصطفى.. وجنش من ركائز الفريق الرئيسية    وكيل تعليم الشرقية: لا شكاوى من امتحانات الفصل الدراسي الثاني لمراحل النقل    فيلم «السرب» يحتفظ بصدارة قائمة إيرادات السينما    تداول 15 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و806 شاحنات بموانئ البحر الأحمر    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    للسيدات.. تعرفي على أعراض سرطان المبيض    اعمل ايه مع زوجى بيلعب بابجي طول اليوم.. ومحمد نصار يجيب    الترسانة يواجه ديروط لحسم بطاقة التأهل الأخيرة لترقي الممتاز    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    الافتاء توضح حكم ارتداء المرأة الحجاب عند قراءة القرآن    أرتيتا يثني على لاعبي أرسنال    فضل الأشهر الحرم في الإسلام: مواسم العبادة والتقرب إلى الله    سيناتور أمريكي مقرب من ترامب يطالب بضرب غزة وإيران بسلاح نووي    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    ليس الوداع الأفضل.. مبابي يسجل ويخسر مع باريس في آخر ليلة بحديقة الأمراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسباب التهرّب الضريبي في البلدان العربية
نشر في البديل يوم 07 - 02 - 2014


الحسن عاشى
على عكس البلدان العربية المنتجة للنفط، تعتمد البلدان العربية غير النفطية على العائدات الضريبية لتغطية إنفاق حكوماتها، إلا أنّها تواجه صعوبات كبيرة في تعبئة ما يكفي من الإيرادات الضريبية ما يجعلها تلجأ إما إلى تقليص إنفاقها الاستثماري، أو طلب المعونة الخارجية، أو الاقتراض الداخلي والخارجي.
وإذ تساهم هذه الآليات في امتصاص العجز الآني لموازنة الحكومة، فإن الاستمرار في هذا النهج محفوف بالأخطار، ويمكن أن تكون كلفته الاقتصادية والاجتماعية مرتفعة جداً. ويعتبر الانتشار الواسع للتهرّب الضريبي في صفوف الأفراد والمؤسسات أحد الأسباب الرئيسة التي تكمن وراء ضعف الإيرادات الحكومية في كثير من البلدان العربية. فحصة العائدات الضريبية في الناتج المحلي الإجمالي لا تتجاوز 15 في المئة في مصر والأردن، و20 في المئة في تونس، مقارنةً ب 35 في المئة في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ومع أن العائدات الضريبية في المغرب تمثل 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن بيانات رسمية أخرى تشير إلى أن 85 في المئة من الضرائب على الشركات مصدرها 2 في المئة فقط من الشركات، فيما تصرح شركة من أصل اثنتين بخسائر دائمة وهيكلية لأجل تجنب دفع مستحقاتها الضريبية. ويسعى صنّاع السياسات في الدول العربية غير النفطية للبحث عن السبل الكفيلة بزيادة الامتثال الضريبي لحشد المزيد من الإيرادات، والتحكم في العجز المتنامي لموازنة حكوماتها.
ويشمل التهرّب الضريبي مختلف الإجراءات غير المشروعة التي يلجأ إليها الأشخاص الطبيعيون أو المعنويون قصداً للتملص من التزاماتهم الضريبية المستحقّة بحكم القانون. وتحتوي خسائر العائدات الضريبية الناجمة عن التهرب الضريبي على مكوّنين. الأول محلي ويتضمن الأرباح غير المصرح عنها في القطاع غير النظامي، إضافة إلى الأرباح الناتجة من نشاطات نظامية يُبلَّغ عنها في شكل غير دقيق لتقليص الأعباء الضريبية. والمكون الثاني دولي ويشمل تلاعب الشركات المتعددة الجنسية بحساباتها بهدف تحويل العبء الضريبي من بلد إلى آخر، كما يشمل إيداع الأفراد أصولهم المالية في حسابات مصرفية في الخارج في شكل غير قانوني لإخفاء جزء من مداخيلهم الخاضعة للضرائب.
ومن أجل معالجة ظاهرة التهرب الضريبي تبدو أساسية الإحاطة بمختلف جوانبها وفهم الأسباب الكامنة وراءها والتي يمكن إيجازها في العوامل الخمسة التالية:
أولاً، يتعلّق أحد الأسباب الرئيسة لتفشي التهرب الضريبي بضعف المؤسسات السياسية والإدارية. فالطابع المفرط للبيروقراطية داخل الإدارات الحكومية، وانتشار الفساد، وضعف البيئة القانونية ترتبط ارتباطاً وثيقاً باتساع مساحة الاقتصاد غير النظامي وازدياد التهرب الضريبي.
ثانياً، يعدّ ارتفاع العبء الضريبي سبباً مهمّاً للتهرب الضريبي. فالمعدلات الضريبية المرتفعة تشجع الشركات والأفراد على تطوير أساليب التهرب من الضرائب. ويستخدم خبراء الاقتصاد الليبيرالي هذه الحجة لإقناع الحكومات بأنّ خفض معدلات الضرائب يمكن أن يرفع من حجم العائدات الضريبية بسبب الزيادة في نسبة الامتثال الضريبي. ومع ذلك فإن التجارب الدولية تؤكد أنّ التهرب الضريبي قد يكون ضئيلاً في ظل معدلات ضريبية مرتفعة، والعكس صحيح أيضاً. ويُعتبر عامل الحوكمة السياسية الذي يتجلى في نظرة دافعي الضرائب إلى مدى شرعيّة الحكومة، وكيفية إنفاقها للعائدات الضريبية، أساسياً في تفسير هذا اللغز.
ثالثاً، ويعتمد الحد من التهرّب الضريبي على صلاحيات إدارة الضرائب الوطنية ومدى فاعليتها، وبإمكان الحواسيب والبرمجيات المتخصصة أن تساعد إلى حدّ كبير في تدقيق حسابات الخاضعين للضرائب في شكل أمثل، كما يمكن لرفع قيمة العقوبات أن يساهم في ردع سلوك التهرّب الضريبي. علاوةً على ذلك، ثبتت التجارب الدولية أن اعتماد بيانات «الطرف الثالث» التي توثّق المعاملات المُنجَزة والتدفقات النقدية المترتبة عنها يُعَدّ مهمّاً في تقدير أفضل لحجم الضرائب المستحقة.
رابعاً، إضافة إلى التهرب الضريبي، يُعتبر الاستعمال المفرط وغير الناجع للإعفاءات الضريبية سبباً في ضعف الإيرادات الحكومية. ويُعَد حجم الإعفاءات الضريبية مهمّاً في البلدان العربية كما هي الحال في تونس والمغرب حيث تتوافر بيانات حول الموضوع. وتفتقر الإعفاءات الضريبية عادةً إلى الشفافية، وتتأثّر بجهود الضغط التي تبذلها المجموعات ذات المصالح الخاصة، وتخضع في حالات أخرى إلى ممارسات احتيالية.
خامساً، لا يكفي تعديل القوانين والتشريعات وجعلها أشدّ صرامة للحض على مزيد من الامتثال الضريبي، خصوصاً أن ثمة اعتقاداً واسعاً بأن الحكومات العربية ليست مستعدةً سياسياً لضبط المتهرّبين. وتلجأ بلدان في شكل دوري إلى «العفو الضريبي» لمنح المتهرّبين فرصةً لتسديد الضرائب المستحقّة عليهم من دون إخضاعهم إلى عقوبات. وفيما يملك العفو الضريبي تأثيراً إيجابياً فورياً في عائدات الحكومة، فهو يحبِط دافعي الضرائب النزيهين، ويضعف سلوك الامتثال الضريبي مستقبلاً نظراً إلى اعتقاد الأفراد بأن العفو يمكن أن يتكرّر.
تحتاج الدول العربية غير النفطية إلى تعزيز ثقة دافعي الضرائب في نزاهة أنظمتها الضريبية. ويُعتبر الإنصاف الضريبي، وبساطة الإجراءات والمقتضيات التشريعية والتنظيمية، والشفافية من العناصر الأساسية التي يجب أن تحدّد شكل الإصلاح الضريبي الهادف إلى تقليص التهرّب من الضرائب. ويقتضي الإنصاف أن يؤدي دافعو الضرائب في ظروف مماثلة مبالغ ضريبية متماثلة، وأن يتوزَّع العبء الضريبي في شكل عادل من خلال توسيع القاعدة الضريبية والإلغاء التدريجي للتملص الضريبي، والإعفاءات غير الفاعلة التي تستفيد منها مجموعات معيّنة دون غيرها.
الحسن عاشى
مركز كارنيغى لدراسات الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.