جاء حفل توزيع جوائز الأفضل في العالم من الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" ليثير مزيدا من الجدل حول ما يحدث في أروقة الاتحاد الأهم في العالم، ويؤكد أن كل ما يخص الجوائز والتكريمات فيه غير مرتبطة بمنطق أو مبررات باستثناء المصالح وإرضاء البعض وتجاهل البعض الآخر. جوائز يوم الإثنين تسببت في هجوم ناري تعرض له الاتحاد ورئيسه السويسري جوزيف بلاتر، وجاء هذا الهجوم من شخصيات كبيرة من رؤساء اتحادات أوروبية كبرى إلى جانب رئيس الاتحاد الأوروبي "بلاتيني" ورئيس نادي بايرن ميونيخ الذي قال صراحة إن نجم فريق "ريبيري" تعرض لمؤامرة لعدم الحصول على جائزة أفضل لاعب في العالم التي يستحقها. ووصفت الصحف الأوروبية خاصة في بريطانيا أن ما حدث في الحفل "مهزلة" وأن جائزة الفيفا منذ أن اندمجت بجائزة "فرانس فوتبول" غاب عنها المنطق، وأن الأمر كان مختلفا تماما، وهذا العام قد يكون بداية لعودة الأخيرة منفردة كما كانت لأنها مرتبطة أكثر بالمنطق والنتائج بعيدا عن المشاعر والأهواء والمصالح. وبعيدا عن اختيار أفضل لاعب في العالم وتتويج البرتغالي كرستيانو رونالدو للمرة الثانية في تاريخه، واللغط الذي أثير حول هذا الاختيار خاصة في ظل فشل اللاعب في قيادة فريقه لأي لقب محلي أو قاري، عكس لاعب مثل ريبيري الذي مهد الطريق للبايرن لموسم هو الأعظم في تاريخه، ومدى تدخل قوى مثل نادي ريال مدريد والرعاة لتحويل وجهة الجائزة من ألمانيا إلى إسبانيا، جاء إعلان فريق العام هو الأكثر فداحة وغيابا عن المنطق بكل أشكاله وهذه ليست المرة الأولى التي تسيطر فيها المجاملات على الاختيارات. اختيارات فريق العام هذه المرة أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن الاتحاد الدولي متعمدا بشكل مريب تجاهل الدوري الإنجليزي الأقوى والأمتع والأعظم والأكثر إثارة ومتعة وجماهيرية على مستوى العالم لأسباب تسويقية لا أكثر لحساب الدوري الإسباني، الذي يتفق جميع الخبراء والمحللين والمتابعين العاديين أنه الأكثر مللا وغياب للروح بين الدوريات الكبرى، للفارق الهائل في المنافسة بين فريقين وباقي أندية البطولة. وجاء اختيار فريق العام هذه المرة بتواجد 4 لاعبين من برشلونة واثنان من ريال مدريد وثلاثة لاعبين من بايرن ميونيخ إلى جانب ثنائي باريس سان جيرمان الفرنسي. وهنا يتم طرح السؤال الأهم حول المعايير التي يتم على أساسها اختيار أفضل لاعبي العالم في هذه التشكيلة. دعونا أولا نذكر بتلك التشكيلة التي جاءت على النحو التالي: حارس المرمى: الألماني مانويل نوير "بايرن ميونيخ" الدفاع: البرازيلي ألفيش "برشلونة" ، الإسباني راموس "ريال مدريد" ، البرازيلي تياجو سيلفا "سان جيرمان" ، الألماني فيليب لام "بايرن ميونيخ" الوسط: الإسبانيان تشافي وإنييستا "برشلونة" ، الفرنسي ريبيري "بايرن ميونيخ" الهجوم: البرتغالي رونالدو "ريال مدريد" ، الأرجنتيني ميسي "برشلونة" ، السويدي إبراهيموفيتش "سان جيرمان". وإذا نظرنا إلى معظم تلك الخيارات فلن نجد فيها سوى مجاملات فادحة لبعض الأسماء أو الأندية على حساب أسماء أخرى تعبت وتألقت وحققت إنجازات مع أنديتها ومنتخباتها دون أن تجد المكافأة المستحقة من اتحاد المجاملات. وبتحليل مركز بمركز من خيارات الفيفا فيتفق الجميع أن "نوير" قدم موسم استثنائي مع البايرن استحق معه مكانه في التشكيلة. وبالانتقال إلى خط الدفاع فالحديث يتغير تماما فهذا الخط لا يتواجد به سوى اسما واحدا يستحق التكريم وهو قائد ألمانيا وبايرن ميونيخ "فيليب لام"، أما الأسماء الثلاثة الأخرى فنجد أنه باعترافهم شخصيا قدموا موسمهم الاحترافي الأسوأ مع أنديتهم ولكن الفيفا رأت غير ذلك. ف"راموس" مثلا قدم موسما سيئا للغاية تعرض فيه للطرد أكثر من اللعب ولم يساهم في تحقيق ناديه لأي إنجاز، وهو حال سيلفا مع سان جيرمان الذي أمضى نصف موسمه مصابا والإنجاز الوحيد له ولفريقه هو الدوري الفرنسي الذي لا يقارن بالإنجليزي أو الإيطالي أو الألماني. وبمقارنة الاسمان المختاران مع الأسماء المتجاهلة فنجد أن أسماء مثل دافيد لويز الذي قاد تشيلسي إلى لقب الدوري الأوروبي، وهوميلز قائد دورتموند لنهائي دوري الأبطال التاريخي، كومباني قائد دفاع مان سيتي الحديدي وكيلليني وبونوتشي قائدي دفاع يوفنتوس بطل الكالتشيو به ظلما فادحا. الحال ذاته في مركز الظهير الأيمن الذي ذهبت جائزته لألفيش بعد موسم هو الأسوأ للاعب منذ ارتدائه قميص البلوجرانا، في وقت كان فيه مواطنه رفائيل سببا رئيسيا في تتويج مان يونايتد بالبريمييرليج، والإسباني فاران أحد أبرز الأسماء التي تصنع ربيع أتليتيكو مدريد في الليجا، وإيفانوفيتش صاحب هدف تتويج البلوز الأوروبي، بالإضافة للسويسري ليشتشتاينر الجناح الطائر ليوفنتوس يزيد من علامات الاستفهام حول الخيارات. وبالانتقال إلى خط الوسط فكوارث الاختيارات به كادت فاضحة، ويكفي وضع ريبيري ضمن ثلاثي الوسط لإقحامه في التشكيلة والاحتفاظ بثلاثي المقدمة ميسي ورونالدو وإبراهيموفيتش برغم أن مركزه الطبيعي في خط الهجوم وفي نفس مركز رونالدو أو ميسي. وتواجد تشافي وإنييستا في هذا الخط في موسمهما الأضعف واستبعاد أسماء أبدعت طوال الموسم مثل بيرلو وفيدال في يوفنتوس، وكاريك في مان يونايتد، وجوندوجان مع دورتموند، وشفاينستايجر في البايرن، وسيلفا ويايا توريه في السيتي، وراميريز في وهازارد في تشيلسي، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك كيف تسير الأمور داخل أروقة الاتحاد. وفي النهاية اكتشف جميع المتابعين الكم الهائل من المجاملات في الاختيارات، وجاءت عدم اختيار أي لاعب من الدوري الإنجليزي الأقوى والذي كان منه بطل الدوري الأوروبي، ومن دورتموند وصيف بطل أوروبا، ولتبقى تلك الجوائز بحساباتها الخاصة بين الشركات العملاقة ولعبة التسويق، وتظل النجوم لها التكريم الحقيقي من الجماهير التي تستطيع بسهولة التقييم دون انتظار جوائز دعائية.