تمر عشرات السنين.. تموت أجيال وتولد أجيال، وتظل لوعة الانتقام مدفونة داخل النفوس، حتى تتأتي الفرصة فيخرج شيطان الثأر لسفك الدماء، رافعا شعار "آتٍ ولو بعد حين"، وفي دائرة الدم والقتل أنين وصرخات وديار خاوية وعائلات مهجرة ومهاجرة. فبعد اختفاء علي استحياء، تتجدد خصومات الثأر في قرى وحضر محافظة المنيا، وبسلاح الانتقام تقصف بالجملة أرواح الأطفال والشباب والمسنين، ليخلع أهل القتيل رداءهم الأسود، ويتقبلون فيه العزاء بعد عشرات السنين، في حين يتجدد عويل وأغنيات "العدودة" أو"الندابة" – السيدة التي تلقي بالشعر والرثاء في المتوفي – علي قتيل جديد، لأهل القاتل الأول، وتردد "فينك يا وعد يا مقدر .. دي خزانة وبابها مصدر..العركة عيلة.. والقتيل بيت". "التار ولا العار"، "القبر أضيق من الزنزانة"، عقيدة الصعايدة في دائرة "الدم والنار" التي لا تنسيها الأيام لأهل القتيل، لتعود رياح الحزن، فنساء ترملن وأطفال تيتمن، وعائلات تهاجر تترقب حتفها، وزفاف صامت، وبين الرداء الأسود، والفستان الأبيض تنزف دماء الانتقام وهو ما سجلته وقائع الثأر الأخيرة في المنيا. تعتبر الجلسات العرفية "فض مجالس" وهو ما سجله المحضر رقم "2379′′ إداري مركز شرطة مطاي، حيث تجددت خصومة ثأرية مضي عليها 16 عاما، ورغم أن الجاني قضى عقوبة بالسجن لمدة 7 سنوات وتم عقد جلسة صلح بين طرفي الخصومة، إلا أن أهالي المجني عليه أخذوا بالثأر من القاتل الذي يبلغ من العمر سبعين عاما، ويدعي "رجب موسي محمد" (70 سنة فلاح) لسابقة قيام الأخير بقتل "مجدي عبودة"، شقيق المتهمين، ومحرر عن ذلك محضر برقم "6153′′ لسنة 1995 جنايات مركز مطاي. كما سجل المحضر رقم "5175′′ إداري مركز شرطة ملوي بتاريخ 11 أكتوبر الماضي، عودة مسلسل "الدم والنار" مرة أخرى بين عائلتي "الشعاشعة" و"العوايزة" بقرية "تندا" بمركز ملوي بعد 8 سنوات من الخصومة الثأرية، فبعد مقتل شخصين لعائلة الشعاشعة يوم 6 أكتوبر المنصرم، لقي ثلاثة أشخاص مصرعهم من عائلة العوايزة، لترتفع حصيلة الثأر إلى 5 أشخاص في أسبوع واحد فقط بين طرفي الخصومة. تلقى اللواء أسامة متولي، مدير الأمن، إخطارا من مأمور مركز ملوي، يفيد بمصرع كل من: إسماعيل عبد الحليم ح" (55 سنة فلاح)، و "ياسر ممدوح م" (18 سنة طالب) و"ممدوح محمد ع" (45 سنة فلاح) – عائلة "العوايزة"، جميعهم مقيمون بقرية "تندا" دائرة المركز، متأثرين بإصابتهم بطلقات نارية، ولقي شخصان من عائلة "الشعاشعة" مصرعهما يوم 6 أكتوبر الماضي على يد "أحمد ف ع" من عائلة "العوايزة". وكشفت مباحث مركز ملويبالمنيا، صباح اليوم الجمعة، غموض واقعة العثور علي جثة "علي راتب طه" (38 سنة فلاح) حيث تبين قيام شخصين بقتل المجني عليه علي خلفية قضية ثأر عمرها 9 سنوات، بعد قيام الأخير بقتل شقيقهما.