بدأ مجموعة من الشباب لقاءات فكرية، سياسية، سرعان ما أخذت في التطور لتضم الشباب المتحمس مجموعة واحدة، لم يشأ أي منهم أن يحيلها حزبًا سياسيًا، أو جمعية أو جماعة، وإنما سعى الجميع إلى الحفاظ على تماسك بنائها الأول، مع الحرص على أن تكون قابلة على الالتقاء الفكري بكل الأطياف حتى من لا يتوحد معها في الأفكار، ولا يطابقها رؤى ومنهجًا، وبذلك بدأت تختار لنفسها شكل الائتلاف أو الحركة التي تستوعب الاتجاهات المتباينة التي تحتمل اختلاف الأهداف الجزئية، لكنها تتفق وتتوحد حول هدف واحد أبعد وأكبر. وتحدد الهدف للائتلاف الوليد، بإزاحة نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وعلى هذا الأساس انطلق ائتلاف أو حركة «كفاية» عام 2004 الذي يسعى حاليا وفي الذكرى التاسعة لتأسيسه إلى تأسيس شرعية ثورية جديدة في مصر بعدما أحدثه «الإخوان» من ارتباك، وما نشروه من إرهاب في مصر من خلال دعمها الحراك الثوري الحقيقي والعمل على تطهير البلاد داخليًا.. * يقظة الحركات الاجتماعية وانطلاقها نحو النهوض فى سبتمبر 2004 أعلن تأسيس «الحركة المصرية من أجل التغيير» التى رفعت بعد ذلك شعار «كفاية» وعرفت به، وذلك عقب مشروع الشرق الأوسط الكبير الذى طرحته الولاياتالمتحدةالأمريكية لإصلاح المنطقة، والذى لم يستنفر القوى والأحزاب السياسية فحسب، بل استنفر دولا وحكومات أيضا، ومجموعة من الشخصيات والناشطين المستقلين وغير المستقلين، لتقديم مشروعات أخرى. وكانت حركة «كفاية» المبادرة السياسية الأولى في مصر، التي استكشفت الوسائط الاجتماعية والتكنولوجيا الرقمية واستفادت منهما لتكون الوسيلة الأساسية للتواصل والحشد. وارتبط نشوء المدونات السياسية على الإنترنت بشكل خاص في مصر (وهو اليوم ظاهرة في نشاط الشباب وحملات المعارضة) بنشأة حركة «كفاية». استفادت «كفاية» من شبكة المدونين الناشئة من خلال استخدام المدونات كمنفذ سياسي، فيما كانت صرخةً موحدة للأفراد الناشطين سياسيًا. كان المدونون الوسيلة الأساسية التي استخدمتها «كفاية» لحشد المناصرين، من خلال نشر أفكار الإصلاح السياسي، وبذل الجهود الحثيثة لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان من خلال نشر المواد السمعية البصرية والصور غير الخاضعة للرقابة. كما استخدمت البريد الإلكتروني والرسائل الهاتفية القصيرة والإعلانات على الإنترنت وموقعها الإلكتروني الرسمي للتواصل مع المناصرين، مما شكل نقله نوعية في كيفية تطويع تلك الوسائل لخدمة الاحتجاج السلمي لكسر النظام الحاكم. ومنذ بداية الحركة ركزت على رفض التجديد للرئيس الأسبق حسني مبارك لفترة رئاسة خامسة، ورفض ما رأته من مناورات سياسية وتشريعية وإعلامية هدفها التمهيد لتولي ابنه جمال الرئاسة من بعده، فرفعت شعاري «لا للتمديد» و«لا للتوريث». * شيوخ نضال حقبة السبعينات كان جورج إسحاق – منسق حركة «كفاية» مشغولا بدعوة أبناء جيل السبعينيات؛ لأخذ زمام المبادرة فى الحياة السياسية المصرية منذ احتفالية جيل السبعينيات التى دعا إليها مركزا «المحروسة» و«الجيل» فى فبراير 1997، احتفالا بمرور 25 عاما على انتفاضة الطلاب فى يناير 1972، و25 سنة على انتفاضة 18 و19 يناير، حيث أحيت هذه الاحتفالية التى استنفرت لحضورها قرابة الألف من قادة الحركة الطلابية فى السبعينيات الكثير من الوجد، باعثة الكثير من الأمل فى أن يعود هذا الجيل إلى لعب دور على الساحة السياسية بعد أن نجحت أجهزة الأمن والاستبداد عبر ضربات بوليسية متلاحقة فى استبعاد الكثير من قادته وعناصره من المجال العام. لم تنته احتفالية جيل السبعينيات إلى نتائج مبشرة مبهرة، ورغم ذلك فإن مجرد التقاء هذا الجمع بعد طول غياب شكل الأرضية التى ربما لعبت دورا فى توفير مناخ مناسب لتأسيس الحركة المصرية من أجل التغيير والمعروفة باسم «كفاية». * «كفاية».. ركائز التحرك والأداء كانت أهم القواعد التي زرعتها «كفاية» في الشارع المصري: كسر حاجز المحرمات في معارضة النظام بشكل مباشر، ووضع حد للمحرمات التي تحيط بمعارضة رموز الحكم، بل زرع بذور المعارضة في المجتمع المصري التي لاشك أنها ألهمت المبادرات السياسية الصغرى (مثلا حركة 9 مارس لتحقيق استقلال الجامعات، وحركة عمال من أجل التغيير، وحركة شباب من أجل التغيير، وأطباء من أجل التغيير، والكتاب والفنانون من أجل التغيير، وحركة القضاة المصريين وغيرها). حتى إن البعض يزعم أن الحركة وضعت أسس التظاهرات العمالية الشاملة التي تملك اليوم القدرة الكبرى للتغيير السياسي والاجتماعي في مصر. * الاحتفال بذكرى «كفاية» التاسعة في الثاني عشر من ديسمبر تحتفل الحركة بالذكرى التاسعة لها، تحت شعار «القصاص للشهداء»، وعلى رأسهم الحسيني أبو ضيف – عضو الحركة الفعال، وبعد أن أجرت انتخابات مكتبها التنفيذي، وأعلنت عبد الرحمن الجوهري منسقا عاما، تحتفل الحركة بميلادها التاسع وسط زخم من القوى الثورية الكثيرة لترفع شعار المرحلة المقبلة وهو «الحرية فكفى ظلم».