حاول البعض إرهاق مصر وإضعافها عبر آلية التفتيت الاجتماعي، ربما كتمهيد للتقسيم السياسي، وربما لما هو أبعد من هذا الغرض، لاسيما في الوقت الذي أقام فيه «مندوب» الجماعة المحظورة داخل قصر الاتحادية، حيث بدأت الجماعة في تجميع الأعضاء والأنصار، وتم اعتماد سياسة «شرذمة» المجتمع، بحيث ينقسم الشعب إلى فئات آخذة في التضاؤل، وكانت الخطوة التالية بإذكاء الفتن والمخاوف داخل كل مجموعة أو فئة على نفسها وأعضائها. وإذا كان المندوب الإخواني قد رحل عن الاتحادية، فإن آثار تلك السياسة الآثمة لم ترحل بعد، فنتاجها ما زال يظهر بين الفينة والأخرى إما بظهور مباشر جلي عبر مطلب أو مظاهرة أو أي من وسائل التعبير، أو بظهور غير مباشر تقترفه الدولة بإهمال فئة أو شريحة مجتمعية. ويرى حسن السباعى – المتحدث الرسمى للحركة المصرية لذوى الإعاقة، أن غفلة الدولة عن المعاقين إحدى خيوط هذا الأداء السياسي العنكبوتي الذي يعمل – قصدًا أو عفوًا – على نشر الخراب، فإهمال المعاقين أمر في غاية الخطورة، وإذا لم يتم تقنين أوضاعهم ودمجهم في المجتمع بصورة آدمية، سيتم استقطابهم من قبل بعض الجماعات التي تستغل ظروفهم الصحية والاجتماعية، للاستحواذ على هذه الكتلة التصويتية الضخمة. حول هذه الفئة المهملة كان هذا الحوار مع المتحدث باسم هؤلاء المهمشين.. ما الخطورة من تهميش المعاقين وإهمالهم من قبل الدولة؟ هناك حوالي 12 مليون شخص معاق في مصر. إذا افترضنا ان إجمالي عددهم بأسرهم 36 مليون شخص لهم علاقة مباشرة بذوي الإعاقة، فنحن أمام كتلة تصويتية هائلة يمكنها أن تطيح برئيس جمهورية، والخطورة الأكبر أن هذه العائلات تعاني أغلبها من الفقر وانخفاض نسبة التعليم؛ مما يسهل استقطابهم من قبل الجماعات الإرهابية، والوسيلة هي مبالغ قليلة من المال مع بعض السلع التموينية. من المستفيد من تجاهل هذه الفئة وتهميشها؟ المستفيدون هم من يزايدون بإعاقات وأوجاع واحتياجات هؤلاء، وتشغيلهم مقابل التهرب من الضرائب. وماذا عن تعيين عدد كبير من ذوي الإعاقة في بعض الوظائف خلال الفترة الماضية؟ بالفعل تم تعيين حوالي 22 ألف معاق في الوظائف المختلفة طبقا للقانون الذي يسمح لهم بشغل 5% من الوظائف، لكن هذه التعيينات لم تتم وفق تطبيق قانوني متتابع، وإنما جاءت من خلال استخدام سياسة الضغط على الحكومة بالاعتصامات والاحتجاجات. وأين دور المجلس القومي لشئون الإعاقة ولماذا تزايدت حالة السخط ضد أمينه العام؟ عُمر المجلس القومي للإعاقة حوالي 19 شهرا، لم نر فيهم إنجازا واحدا، ولم يحفظ أو يسترد لمعاق حقًا، كما أن الدكتورة هالة عبد الخالق، التي عينت في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي وزوجها ينتمي إلى جماعة الإخوان، فشلت تمامًا إداريا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المجلس لم يكتف بالفشل والتقصير، بل راح يتناول إنجازًا مثل تعيين 22 ألف معاق بلغة من كان وراء تحقيقه فينسبه لنفسه زورًا، رغم أنه، كما ذكرت، لم يتحقق إلا من خلال الاعتصامات والاحتجاجات. ما أوجه الفساد الموجودة داخل المجلس القومي لشئون الإعاقة؟ طالبنا كثيرا بإقالة مجلس الإدارة بالكامل، وبالفعل تقدمت الدكتورة هالة عبد الحفيظ – الأمين العام للمجلس باستقالتها، ولكن لم يتم البت فيها حتى الآن، وهناك العديد من البلاغات المقدمة ضدها، ومنها رصد رسائل تهين المؤسسة العسكرية، وتحريض ضد الجيش والشرطة، فضلا عن تعيين طارق عباس – مسئول المكتب الفني، رغم أنه حاصل على دبلوم فقط! ويعاني إعاقة متطورة تمنعه من العمل، وكل هذا يتنافى مع القانون . كيف يمكن تطبيق القانون الخاص بنسبة العمالة المخصصة للمعاقين ؟ للأسف أصحاب الأعمال لا يفضلون توظيف بعض ذوي الاحتياجات الخاصة لديهم؛ نظرا لحاجتهم إلى استخدام برنامج ناطق للمكفوفين، ومترجم، وسماعات بديلة للصم، وشخص يرافقهم لتسهيل عملية الحركة، وهو ما يكلف أصحاب الأعمال أعباء إضافية، وبالتالي يفضلون دفع الغرامة التي أقرها القانون وهي 100 جنيه!، فيما تقوم بعض الشركات والمصالح الحكومية بتشغيل ال5 % كنوع من العطف، ويجبرون المعاقين على المكوث في منازلهم مقابل إعطائهم رواتب لا تذكر، وبالتالي الرقابة الحكومية هي الحل، وكذلك لا بد من تعديل القانون لرفع قيمة الغرامة بصورة تحول دون تهميش هذه الفئة.