نشر موقع "المونيتور" الأمريكي مقالا عن تركيا وسياستها الخارجية بالنسبة للشرق الأوسط، وأنه لن يكون من السهل تغيير سياستها. وقال الموقع إن سياسة تركيا الخارجية بالنسبة للشرق الأوسط كانت نجما ساطعا في سماء المنطقة، حتى جاء الربيع العربي وتوابعه التي أدت إلى تغييرها، حيث بدأ سباق التغيير في تونس، وبلغ ذروته بإسقاط نظام "حسني مبارك" في مصر حتى وصل إلى سوريا وما يحدث بها من حروب أهلية. وأضاف الموقع أن العالم بأجمعه قد سمع بمبدأ وزير الخارجية التركي "أحمد داود أوغلو" القائل ب "تصفير المشكلات" مع سياسات الدول المجاورة، حيث كان دليلا على نجاح السياسات الخارجية لتركيا تحت حكم رئيس الوزراء "رجب طيب أردوغان". وتابع أن سياسة تركيا الخارجية، تبدلت من "تصفير المشكلات" إلى "لا يوجد جيران دون مشاكل"، مع اندلاع الأزمة السورية وتحولها لحرب أهلية، لكن هذا لم يكن اختيارا لسياسة جديدة، وإنما كان انعكاسا كليا للسياسة الأصلية، موضحا سخرية البعض من التحول الجذري لسياسة تركيا، فهى الآن لديها علاقات سيئة مع إسرائيل، ومصر، وسوريا، والسعودية، وإيران في آن واحد، وهذا ليس بشيء يسهل تحقيقه حتى لو عن قصد، فهذا إنجاز غير عادي. وأشار الموقع إلى زيارة "أوغلو" لواشنطن منذ أسبوعين، لمقابلة وزير الخارجية الأمريكية "جون كيري" ووزير الدفاع البريطاني "تشاك هيجل" و مستشارة الأمن القومي "سوزان رايس"، حيث رأى الأتراك أن الزيارة كانت ناجحة، لكن المعلومات التي وصلت من واشنطنلتركيا أثبتت العكس تماما، حيث تم وصف "أوغلو" بأنه مغرور ومعتد بنفسه. وتابع الموقع بأن اعتماد "أردوغان" للمسار الذي يعوق تحسين العلاقات التركية الإسرائيلية رغم سعي الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" لتأمين اعتذار من رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" لتركيا، قد خيب آمال البيت الأبيض، مضيفا أنه بغض النظر عن ما يقوله المسئولون الأتراك، فإن موقف تركيا في واشنطن لم يعد كما كان منذ 18 شهرا، فحتى زيارة "أوغلو"ليست كافية لتغيير ذلك. ولفت الموقع إلى أن "أردوغان" انتقد الحكومة المصرية الجديدة وما فعلته، مما أوصل العلاقات المصرية التركية إلى الانهيار، ومن هنا خفضت مصر مستوى العلاقات الدبلوماسية مع تركيا، حيث تم طرد السفير التركي من القاهرة، وكان قد تم استدعاء السفير المصري من تركيا منذ عدة أشهر. وأوضح الموقع أن "أردوغان"لم يتوقف عند هذا الحد، فقد زاد من عدد أخطائه عندما قال في المؤتمر الصحفي بروسيا وبجانبه الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين": "انقذونا من الاتحاد الأوروبي، وضعونا في شنغهاي 6″ و كان هذا بعد التقدم الملحوظ باستئناف المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بعد فترة انقطاع 3 سنوات، ولم يفعل هذا سوى زيادة شكوك الغرب حول سياسات تركيا الخارجية. وأضاف الموقع أنه رغم التوقعات غير الواعدة للسياسة الخارجية التركية، فإن تركيا تحاول الآن إعادة ضبط سياستها، فهي الآن لم تعد تعترض على "مؤتمر جنيف2″، بل إنها ترى أن التعاون مع أمريكا وروسيا حول المؤتمر ضروري للحد من الضرر الناجم عن سياستها بالنسبة لسوريا، موضحا أن تركيا تسعى لإعادة تهيئة علاقتها مع إيران بالموازاة مع الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة. وبين الموقع أن أهم تحرك سياسي واقتصادي لتركيا الآن هو التقارب مع الأكراد العراقيين، حيث إنهم الجار الوحيد بدون مشاكل، موضحا سعى تركيا الآن لإصلاح العلاقات مع الرئيس الإيراني "حسن روحاني" ورئيس الوزراء العراقي "نوري المالكي"، حيث زار "أوغلو" بغداد للاجتماع بزعمائها، وسعى لتحسين العلاقات مع إيران، ومن ثم طلب مساعدة البلدين لاحتواء تداعيات الأزمة السورية، والحد من تدفق اللاجئين المتواصل عن طريق الحدود التركية السورية. وأنهى "المونيتور" مقاله بأن التغيير المفاجئ في اتجاهات تركيا لن يصلح التوترات بينها وبين دول الشرق الأوسط على أساس دائم، فالبلدان بالمنطقة تشك برد الفعل التركي وأنها لن تلتزم بسياسة خارجية متوازنة، وأنه لن يكن من السهل على تركيا إعادة ضبط سياستها الخارجية.