فاز الفيلم الروائي الطويل " المدينة الصامتة " بجائزة الجمهور من الدورة السادسة لمهرجان القاهرة الدولي لسينما المرأة الذي أقيمت فعالياته من 16 إلي 22 نوفمبر الجاري ،و احتفي بالسينما الهولندية ضيف شرف لهذه الدورة ، تبلغ قيمة الجائزة خمسة آلاف دولار -36 ألف جنيه – و هي المرة الأولي التي يمنح فيها المهرجان جوائزمالية . و رغم ما تحققه جائزة الجمهور من عدالة البعد عن رؤي و مزاجية لجان التحكيم المختلفة في المهرجانات إلا أنها أثارت هذه المرة التساؤل حول مدي عشوائية اختيار الجمهور و تأثير الصدفة فيه ، حيث لاحظ اغلب متابعي أفلام المهرجان أن هناك العديد من الأفلام كانت اقوي فنيا و موضوعا من الفيلم الفائز و منها عدد من الأفلام التسجيلية الطويلة ، و منها الفيلم الهولندي المبهر" 900 يوم "و غيره العديد من الأفلام التي فازت بالعديد من الجوائز في المهرجانات المختلفة . فيلم "المدينة الصامتة" إخراج الهولندية تريس آنا ،التي احتفي بها المهرجان في هذه الدورة و نظم حوارا مفتوحا معها عن تجربتها ، و يقدم حالة شديدة الحميمة و ربما كانت هذه الحميمية احد أهم عناصر تصويت الجمهور للفيلم ، حيث يعرض الفيلم لتجربة روزا الفتاة المولعة بالأسماك و التي تعمل بمطعم للسمك و تتبع شغفها بالذهاب لليابان للتعليم في مطعم أشهر طهاة السمك في العالم السيد كوني ، فيما لا تعرف اليابانية و تعيش في عالم من الصمت و العزلة بسبب حاجز اللغة الذي بالغ الفيلم فيه كثيرا ليتيح مساحة للصمت المتأمل و لعلاقات أخري تبنيها روزا مع الكائنات الاخري سواء الحية منها بالحديث مع الأسماك في المطعم أو مع النبتة الصغيرة التي تربيها في حجرتها المتواضعة ،أو مع الشخصيات المهمشة في المدينة التي يتسارع إيقاع الحركة فيها طوال الوقت ، فيما تنبهر روزا بطريقة معلمها في التعامل مع أسماكه بحب و احترام ، يكاد يعكس تقديسا و عاطفة يقدمها لأسماكه قبل الشروع في إعدادها للطبخ في طقسية تعكس طابع تقاليد الثقافة اليابانية . و فيما تبذل روزا كل الجهد لتنال رضا المعلم كما باقي تلاميذه المتدربين ، بينما هي الأجنبية الوحيدة بينهم، لا تعرف سر إبداعه إلا حين يري الأستاذ شغفها بالأسماك و يرشدها إلي سر علاقته بأسماكه و إلي الموسيقي الخاصة التي تتولد في علاقة بينه و بين أسماكه . و يشهد الفيلم تقلبات حياة روزا من الإصرار علي الوصول لهدفها إلي صعوبة التواصل مع الآخرين و الصمت الذي يغلف حياتها إلي لحظات اليأس و لحظات الاستمتاع في المطبخ بممارسة شغفها و كأن كل التفاصيل الاخري في الحياة تحدث فقط لتصل بها إلي تحقيق هدفها وصولا إلي لحظة الإضاءة حين تجد نفسها في علاقة تواصل و هارموني مع أسماكها وكأنها تسبح معهم في محيطهم و تتحول المدينة القاسية الصامتة بالنسبة لها إلي هذا المحيط الأليف و العالم الذي يجمعها بشغفها.. الأسماك .