طالب خبراء الاقتصاد الحكومة بوضع حلول عاجلة، لإعادة شركات الغزل والنسيج التابعة للقطاع العام مرة أخري، وذلك بعد تصريحات أمس بتصفية أصولها لسداد مديونيتها وإعادة هيكلتها حتي تساهم في الاقتصاد القومي، مشددين علي ضرورة البحث في أسباب تراكم المخزون الراكد بمخازن الشركات منذ فترات طويلة وعزوف المستهلكين عن الاقتراب منه، وضرورة إعادة النظر في النظام الحاكم لتلك المنظومة لإعادة الروح إلى منظومة الصناعة الوطنية مرة أخري، والقضاء علي معدلات البطالة المرتفعة بما يحقق نموا اقتصاديا للبلاد. وقال الدكتور محمد موسي عثمان – رئيس قسم الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن ملف الخصخصة في مصر فشل لأنه أدي إلى نتائج سلبية مقارنة بالتجارب الأخري في بعض الدول كاليابان وإنجلترا وغيرها، مشيرا إلي أن هذا الملف تسبب في ارتفاع معدلات البطالة، خاصة وأن الدولة أصبح لديها جيشا من العاطلين من الفئات المتزوجة والتي تعول، معتبرا أن ذلك سبب مشكلات نفسية واجتماعية واقتصادية. وأشار «عثمان» إلى أن معظم المرضي النفسيين حاليا هم من أبناء الفئات الفقيرة ومحدودة الدخل، مشيرا إلى ضرورة أن يتم تعيين خبراء في مجال الغزل والنسيج لإدارة تلك الشركات حتي يتسني لها تحقيق أرباح تعود في النهاية علي الاقتصاد القومي وترفع معدلات النمو وتحد من معدلات البطالة. وأضاف أن الدولة بحاجة لتغيير الخطوط الفنية بالنسبة لتحويل القطن الخام إلى منسوجات، حتي ينافس علي الأقل السلع الصينية التي انتشرت في الأسواق المصرية خلال الفترات الماضية، مؤكدا أن بيع أصول شركات الغزل والنسيج سيترتب عليه ارتفاع أعداد العاطلين وتردي الاقتصاد. في السياق نفسه، قال الدكتور رشاد عبده - الخبير الاقتصادي، إن مقترح الحكومة الحالية لإعادة هيكلة شركات قطاع الغزل والنسيج ليس جديدا، حيث سبقت إثارته في عهد كل من الدكتور محمود محي الدين – وزير الاستثمار، والدكتور بطرس غالي – وزير المالية الأسبقين في حكومة نظيف، بعد أن كانت الديون حوالي 33 مليار جنيه لصالح البنوك الحكومية، وتمت تصفية أصول تلك الشركات الفائضة عن طريق الخبراء المثمنين لتقليل الديون. وأشار «عبده» إلى أن حكومة الدكتور الببلاوي تمتلك الدراسات النظرية فقط وتحتاج لجانب عملي لتطبيق المقترحات بما يحقق تنمية اقتصادية، فملف تلك الشركات بحاجة لإعادة نظر من خلال عقد اجتماعات طارئة وطرح حلول أبرزها التصرف في المنتجات الراكدة بالمخازن، والوقوف علي أسباب ركودها، خاصة وأنها أصبحت رديئة لا تصلح لتصريفها إلا بأسعار قليلة لا تفي بنفقات التكلفة الإنتاجية كما فعل بعض رؤساء الشركات أحيانا للتخلص من المنتجات المخزنة. وأضاف أن هناك سلع مستوردة دخلت الأسواق بأسعار منخفضة، تقل عن المنتجات المحلية، وهو ما جعل المستهلكين يقبلون عليها بالرغم من عدم جودتها، إلا أنها في متناول الجميع، مشددا علي ضرورة أن تبحث الحكومة عن حلول لمنع تراكم مخزون تلك المنتجات بالمخازن. واتهم «عبده» الحكومة بأنها لا تتخذ أية قرارات حاسمة لإعادة نحو 33 شركة غزل ونسيج خاسرة كما ينبغي، مشيرا إلى أن هناك أزمة تتجدد شهريا للعاملين بتلك الشركات بسبب الرواتب والحوافز وإعادة هيكلتها وتطويرها، مشددا علي ضرورة أن تبحث الدولة بشكل حقيقي عن حلول عاجلة جذرية عن طريق الإحلال والتجديدات للآلات والمعدات وتدريب العمال وضخ أموال جديدة بتلك الكيانات حتي تسهم بشكل كبير في الاقتصاد القومي دون أن تكون عبئا عليه. في سياق متصل، قال الدكتور رمضان معروف – الخبير الاقتصادي، إن تفكير الحكومة في هيكلة شركات قطاع الأعمال العام يعد خطوة إيجابية، مشيرا إلى أن الاتجاه الأرجح أن يتم خصم ديون تلك الشركات لصالح بنك الاستثمار القومي عن طريق التصرف في المخزون الراكد باعتباره من الموارد المجمدة وتعمل علي دورة رأس المال في عملية الإنتاج. بالإضافة إلى الأصول الثابتة كالآلات والأدوات الهالكة والمقرات غير المستغلة، مشيرا إلى أن ذلك يعد خطوات منطقية لحل الأزمة الراهنة، مشددا علي ضرورة ألا تنطوي عمليات البيع علي فساد أو بأقل من القيمة الحقيقية لها. واقترح «معروف» أن تتم عمليات البيع عن طريق الاكتتاب الشعبي لأسهم تلك الشركات بالبورصة كما حدث بشركتي الكابلات والمصرية للاتصالات بنسبة 20% مما حقق لها أرباحا فيما بعد وسيولة مالية، مطالبا بإعادة تخطيط تلك الشركات وعمل مشروعات بالشراكة مع القطاع الخاص وفكره مع إشراف من جانب الدولة. وأشار إلي عدم وجود موارد لشركات الغزل والنسيج، مما يعد سببا أساسيا لخسائرها المستمرة، بالإضافة إلى عدم وجود منافذ لتوزيع المنتجات بالمحافظات بما ينشط الإنتاج المحلي ويرفع معدلات النمو، مقترحا أن يتم إعداد إستراتيجية واضحة بداية من زراعة القطن إلي توريده للمصانع من خلال إعطاء تسهيلات للمزارعين وتوفير الأسمدة للفلاح ومنح قروض ميسرة من بنك الائتمان الزراعي وشراء المحصول بالأسعار المناسبة، ووجود منافذ لتوزيع المنتجات النهائية، وتنظيم معارض تصاحبها حملات دعائية وإعلانية لها من خلال الأجهزة الحكومية حتي يحقق لها رواجا يسهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي. كان مجلس الوزراء عقد اجتماعا، أمس الثلاثاء، لمناقشة تسوية مديونيات قطاع الغزل والنسيج المتراكمة منذ التسعينات لتطويره بعد إسقاط مديونياته وبيع أصول وأراضي شركتي كفر الدوار والمحلة لسداد ديونهما المتراكمة، وكذلك تصريف المنتجات الراكدة بالمخازن المقدرة بحوالي 800 مليون جنيه، والتوصل لاتفاق لتسوية المستحقات لصالح بنك الاستثمار القومي وزيادة رأس المال لرفع الطاقة الإنتاجية. وقالت رئاسة مجلس الوزراء إنه سيتم التصرف في المخزون الراكد علي مدي 6 شهور ومنح تخفيضات وتسهيلات تصل إلى 50% من ثمن البيع، لضخ استثمارات جديدة بها بعد الاستعانة بخبراء أجانب لإعادة هيكلتها حتي تكون جاهزة خلال مارس المقبل.