صادفت الدكتورالجليل محمد راتب النابلسي مرارا .. وما أن تراه حتى تدرك ان فى الرجل شيئا يخترق بالود قلبك وبالرضا نفسك وبالسكينة روحك .. فالدكتور النابلسي أستاذ جامعى ,و شخصية إسلامية مشهورة، وأحد علماء الدين المعاصرين، ورئيس هيئة الإعجاز القرآني، وله العديد من المؤلفات وشارك في العديد من المؤتمرات العالمية.. وعندما قرأت كتابه "ومضات في الإسلام " رأيت فيه كم يطرح الرجل حالنا مقارنتا مع مخلوقات الله فى أرضه لنرى فيها الحكمة والموعظة الحسنة لعلنا نعى كارثة ما نحن فيه .. ويروى فى كتابه .. أنه كان أحد علماء البحار يركب غواصة أبحاث تحت سطح البحر، لفت نظره سمكة كبيرة خرجت من سربها وانتهت إلى سمكة صغيرة، فتصور هذا العالم كما هي العادة أن هذه السمكة الكبيرة توجهت إلى الصغيرة لتأكلها، ولكنه وجد أنها وقفت إلى جانبها وبدأت السمكة الصغيرة تأكل من حراشف الكبيرة، سجل هذا عنده في مذكراته، بعد عشرة أعوام تقريباً اكتشفت حقيقة رائعة هي أن هذه السمكة الصغيرة متخصصة في علاج أمراض الأسماك كلها، وكأن عهداً وميثاقاً غير مكتوب بين أسماك البحر يقرر أن هذه السمكة الصغيرة المتخصصة في مداواة أمراض السمك الخارجية لا ينبغي أن تؤكل، لذلك أجريت بحوثاً كثيرة وتتبع العلماء مواطن هذا السمك الذي أعطوه اسماً خاصاً، هذا السمك جعل الله عز وجل غذائه على التقرحات والطفيليات والفطريات التي تتموضع على حراشف الأسماك الكبيرة، فالأسماك الكبيرة تتجه إليها لتعالجها من أمراضها وكأن هناك عرفاً وميثاقاً، بل إن بعض الحالات الغريبة التي سجلت وصورت أن سمكةً كبيرة كانت تشكو من قرحة في فمها فإذا بها تفتح فمها أمام السمكة الطبيبة، ودخلت السمكة الطبيبة آمنةً مطمئنةً لتعالج ما في داخل فمها من القروح، وفي الوقت نفسه هاجمت هذه السمكة التي تعالج سمكة أكبر منها لتأكلها فما كان منها إلا أن أخرجت من فمها هذه السمكة التي تمرضها وولت هاربة . ما هذا العرف وما هذا العقد وما هذا الميثاق وما هذا القانون المتبع في كل أنحاء البحار ؟ إن هذه السمكة التي خلقها الله مزودة بمنقار دقيق جداً يصل إلى أدق الثنايا، وإن جهازها الهضمي يتقبل الفطريات والتقرحات وما شاكل ذلك، وهو غذاء لها، وإن هذه الأسماك الكبيرة تتجه إليها حينما تشكو من تقرحات بسبب ما يحدث بين الأسماك من احتكاك أو من معارك أحياناً، الشيء الذي يلفت النظر أنه إذا كثرت هذه الأسماك أمام السمكة الصغيرة صفت بعضها وراء بعض، وكأنها في مجتمع متحضر ليس هناك تزاحم ولا تدافع ولا سباب .. وقفت هذه الأسماك الكبيرة وقد سجلت هذه الصورة بضع عشرات من الأسماك تقف وراء بعضها بعضاً تنتظر دورها في المعالجة، وقد تستغرق أحياناً دقيقة أو أكثر، وبعدها تنصرف إلى سبيلها يا الله .. فى أعماق البحار تعلمت الأسماك معنى الرقى والتحضر وأصطفت فى أحترام ..تحت البحار عرفت الأسماك معنى الأمتنان والشكر وأحترام الآخر . مليون نوع من السمك من أعلمهم جميعاً أن هذه السمكة الطبيبة لا تؤكل ولا يعتدى عليها، لأنها تقوم بمهمة سمكية نبيلة – عوض إنسانية-.. تعلمت الأسماك يا سادة من خالقها التحضر ومارست حقوق الأنسان فى العطاء فمابخلت على بعضها البعض وماتنازعت وما تقاتلت حين أختلفت وآمنت بدور الآخر فبجلت دوره ويسرت له الفرصة للعطاء .. أما نحن بنى البشر ننتهك حقوق بعضنا البعض ,نتصيد الأخطاء ,ننزح للأذى, نتشدق بحقوق الأنسان لنحيا على أنقاض أنسان آخر .. تعلموا من السمكة الطبيبة لعله يكون فيها العبرة .. وأن تستقيموا يرحكم الله