قال الرئيس التركي "عبد الله جول" بالأمس إن تركيا عانت من صراع مرير ليس له مثيل، ولكن بقيادة " مصطفى كمال أتاتورك" مؤسس الجمهورية التركية الحديثة، فعلت تركيا المستحيل، حسبما ذكرت صحيفة "حرييت" التركية اليوم. وأضافت الصحيفة أنه اليوم تحتفل تركيا بمرور 90 عاما على تأسيس الجمهورية الحديثة بقيادة "مصطفى كمال أتاتورك"، كما أوضح "جول" أن ما وصلت له تركيا الآن هو نتيجة لإرادة الشعب والنضال الذي لم يسبق له مثيل بزعامة العظيم "أتاتورك". وأشارت إلى أن تركيا تعيش وسط منطقة مضطربة، فالفجوة بين الشرق والغرب تتسع، وسط دعوات الاتحاد الأوربي لمعايير أكثر تقدما في السياسة والاقتصاد والتعلم من الأزمات، في حين أن المشهد السياسي الإسلامي تظهر عليه علامات القلق من الصراعات الطائفية والعرقية، كل ذلك يحدث على طول الحدود الغربية والجنوب شرقية للبلاد والتي قد تجر البلاد إلى مستنقع. وذكرت الصحيفة التركية أن بعض الآمال ظهرت مع بداية الربيع العربي، خاصة بعد الإطاحة بالأنظمة الاستبدادية في مصر وتونس، بعيدا عن ليبيا التي تعرضت لتدخل عسكري، فقد كان الوقت المناسب لدى المجتمعات العربية لبدء تطوير الحكم الديمقراطي. بعيدا عن كل هذا توجد التجربة التركية، صحيح أن الطريق إلى الديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والاقتصاد الحر، فتركيا دولة ولدت من رماد إمبراطورية دامت قرابة ستة قرون من الزمان، وبعد ذلك تحولت إلى جمهورية بعد فصل الدين عن الدولة وتمرير عدد من الإصلاحات الجذرية، من تغير البرنامج النصي من العربية إلى اللاتينية واعتماد المرجعية والتقويم الغربي، بفضل بعد نظر زعيمها المؤسس "مصطفى كمال أتاتورك". وأوضحت الصحيفة أنه تم تغيير نظام الحزب الواحد تحت حزب الشعب الجمهوري بعد الحرب العالمية الثانية التي أبقت تركيا بعيدا، وقد كان هناك ثلاث انقلابات عسكرية خلال الحرب الباردة والتي عطلت تركيا عن تعزيز اقتصادها وكذلك الديمقراطية، ولكن مع نهاية الحرب الباردة التي انتهت بسقوط الاتحاد السوفيتي في التسعينيات، لم يكن هناك مجال لمزيد من التدخلات العسكرية المدعومة من حلف شمال الأطلسي، مشيرة إلى أنه بعد الأزمة الاقتصادية الكبير في بداية عام 2000، انتخب حزب العدالة والتنمية، ورغم خلفيته الدينية، إلا أنه وعد باعتماد معاير الديمقراطية والتعايش مع النظام العلماني القائم في البلاد. وأضافت أن الاقتصاد التركي يحتل المرتبة السادسة عشر في العالم حيث الإنتاج الصناعي يفوق مجموع كل الدول العربية، المرأة التركية أكثر نشاطا في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولكن الأمور لا تزال قاصرة على تلبية معاير الاتحاد الأوربي، والذي تريد تركيا الالتحاق به منذ نحو خمسون عاما، وبعبارة أخرى فإن تركيا التي لا تعتبر دولة مسلمة في العالم الإسلامي، لا تعتبر دولة ديمقراطية ومزدهرة من قبل الأوربيين. قيادة "أردوغان" قوية، ولكنها تعمق الفجوة داخل تركيا اليوم، فالحكومة تحتفل بالذكرى التسعين لمؤسس السكك الحديد التي ربطت بين قارة أوربا وآسيا تحت مضيق البسفور، ولكن الحشود الأخرى كحزب الشعب الجمهوري المعارض يخطط للاحتفال بطريقة منفصلة في الشوارع، مدعيا أن حزب العدالة والتنمية بقيادة "أردوغان" يعمل على محو إنجازات الجمهورية، وأما الأكراد والقومين يبدو أنهم سيبقون بعيدا عن الاحتفالات ورأت الصحيفة التركية أن تركيا تقف على مفترق طرق في ظل هذه الظروف، ويجب أن تقرر، ما إذا كانت ستتجه نحو الغرب، أو ستفقد المزيد من الوقت في صراعات الشرق الأوسط، وذلك سيكون خيارا استراتيجيا ل"أردوغان"، مع اقتراب موسم الانتخابات.